ذاكرة العراق.. عدنان الباجه جي (الحلقة الأخيرة) : الباجه جي: أردنا السيادة أولا ثم الدستور والانتخابات.. وكولن باول رفض وغضب

الباجه جي: أردنا السيادة أولا ثم الدستور والانتخابات.. وكولن باول رفض وغضب

عدنان الباجه جي وإلى جانبه الاخضر الابراهيمي مبعوث الامم المتحدة الى العراق في 2004 (رويترز)
TT

عمل الدكتور عدنان الباجه جي على استغلال خبرته الدبلوماسية والسياسية لإعادة السلطة إلى العراقيين «عن طريق مجلس حكم موسع يتكون من 120 بدلا من 25 عضوا، ينتخبون من بينهم هيئة قيادية أو تنفيذية تتولى حكم العراق وتهيئ لانتخابات لمجلس تأسيسي يضع الدستور، ووفق هذا الدستور تجري انتخابات للبرلمان وحكومة دستورية» كما أوضح في الحلقة السابقة.

حمل الباجه جي مقترحاته هذه وذهب إلى جنيف «حيث قابلت الأمين العام للأمم المتحدة، ثم التقيت بوزراء خارجية الدول الكبرى الخمس، وكان أول من التقيت به كولن باول وزير خارجية الولايات المتحدة، وعندما عرضت عليه مقترحي اعترض وغضب وقال (نحن نريد الدستور أولا، وأنتم تريدون أن تأخذوا السلطة)، قلت (نعم، لأن كتابة وصياغة الدستور تأخذ وقتا طويلا وتحتاج إلى انتخابات، والعراقيون لن يستطيعوا الانتظار أكثر، شعبنا (مستعجل) لاسترداد سيادته الكاملة) لكنه لم يوافق على هذه الأفكار، وفي مقابلتي مع وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان لمست بوضوح أن الفرنسيين متعاطفون جدا مع هذه المقترحات وكانوا يريدون مساعدة العراق، وكان موقف وزير الخارجية البريطاني جاك سترو مع الموقف الأميركي، بينما أعرب كل من وزيري الخارجية الصيني والروسي عن تعاطفهما مع العراق. وقبل عودتي إلى بغداد شكلنا وفدا من حركتنا (تجمع الديمقراطيين المستقلين) أنا ومهدي الحافظ ونصير الجادرجي وقمنا بزيارة إلى مصر حيث قابلنا الرئيس حسني مبارك، ثم التقيت لوحدي مع سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي».

يقول «بعد عودتنا إلى العراق صارت لجنة رئاسية لمجلس الحكم وكان عددنا تسعة أعضاء من بين 25 عضوا، وعلى أن يكون كل عضو من هؤلاء التسعة رئيسا للمجلس كل شهر وحسب الحروف الأبجدية، فكان إبراهيم الجعفري أول رئيس كون اسمه يبدأ بحرف الألف (أ). وطلب مني الجعفري مرافقته في جولة عربية شملت مصر والإمارات وعددا من الدول العربية شرحنا خلالها للقادة العرب الوضع العراقي. لكن أول صدمة لي في مجلس الحكم كانت التوجهات الطائفية للإخوة الشيعة في المجلس بحيث إنهم يضعون الحسابات كم من الشيعة هنا وكم من السنة هناك مع أية خطوة نمضيها والحديث عن مكونات الشعب العراقي. ثم أسس الجلبي البيت الشيعي الذي جمع فيه القياديين الشيعة».

و«خلال رئاسة الجلبي لمجلس الحكم عقدت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فترأس هو (الجلبي) الوفد ودعاني لأن أكون نائبا للرئيس لحضور الاجتماعات في المنظمة الدولية، وألقيت هناك كلمة العراق، ثم عقدت اجتماعات مؤتمر الدول المانحة للعراق في مدريد خلال رئاسة إياد علاوي لمجلس الحكم وأيضا دعاني للذهاب معه، إذ كان غالبية وزراء خارجية العالم حاضرين هذا الاجتماع، وألقيت كلمة نالت استحسان الحاضرين، وهناك دعتني رئيسة المؤتمر وزيرة خارجية إسبانيا إلى عشاء مختصر مع كولن باول ووزير خارجية الكويت، وكان هذا المؤتمر مهما جدا. بعد عودتنا إلى بغداد، وكانت فترة رئاسة المجلس لجلال طالباني وقتذاك حيث كنا نجتمع في بيته، وفوجئنا أن الموقف الأميركي قد تغير، إذ قالوا نريد تشكيل حكومة مؤقتة تستلم السلطة، وكان هذا تنفيذا لمقترحي الذي قدمته إلى كوفي أنان ومجلس الأمن، لكن المرجع الشيعي السيستاني تدخل وقال (لا.. نريد انتخابات أولا تتمخض عنها حكومة مؤقتة) وطلب رأي الأمم المتحدة في الموضوع».

سبّب تدخل السيستاني في الشأن السياسي من خلال اعتراضه على تشكيل حكومة مؤقتة تأخيرا في أن يستعيد العراقيون سيادتهم، يقول الباجه جي «دعاني الأمين العام للأمم المتحدة للمناقشة فيما إذا هناك إمكانية لإجراء انتخابات قبل الحكومة المؤقتة أم أن تكون هناك حكومة مؤقتة تهيئ للانتخابات، كما طلب مني (أنان) أن أذهب إلى نيويورك عندما أكون رئيسا لمجلس الحكم للاجتماع معه والحديث عن دور الأمم المتحدة في العراق. كان رأي أنان أن الوقت ضيقا جدا لإجراء انتخابات سيما أن الإدارة الأميركية كانت قد حددت يوم 31 يوليو (حزيران) 2004 موعدا لتسليم السلطة، وهذا يعني أنه لم تكن أمامنا سوى أربعة أشهر وهي ليست كافية على الإطلاق للقيام بالانتخابات».

ومرة أخرى يأخذ الباجه جي طريقه إلى الأمم المتحدة، يقول «ترأست وفد العراق إلى الأمم المتحدة، كنت رئيسا لمجلس الحكم، وكان في عضوية الوفد عبد العزيز الحكيم باعتباره الرئيس السابق لمجلس الحكم ومحسن عبد الحميد، كان رئيس الحزب الإسلامي العراقي، باعتباره الرئيس القادم للمجلس، وبناء على طلبات ورجاءات ملحة من قبل الحكيم وعادل عبد المهدي وضعت اسم الجلبي في الوفد. ويستطرد قائلا: وصلنا إلى نيويورك والتقيت الأمين العام واقترحت إرسال مبعوث خاص من قبله إلى العراق لتقصي الحقائق حول إمكانية إجراء انتخابات في هذا الوقت القصير أم لا. من هناك دعاني الرئيس بوش لمقابلته، فذهبت إلى واشنطن وكان معي الحكيم والجلبي، إذ اعتذر عبد الحميد وقال (أنا لا أفهم كثيرا في هذه الأمور) لهذا بقي في نيويورك. استقبلني بوش بحفاوة وود بالغين باعتباري رئيسا لمجلس الحكم واجتمعت معه لوحدي، إذ بقي كل من الحكيم والجلبي في الانتظار خارجا، ثم طلب الحكيم مقابلة بوش لوحده، فقالوا له بأنه لم يدرج اسمه ضمن لقاءات الرئيس الأميركي، لكن بعد الإلحاح وافقوا على أن يسلم فقط على بوش».

يقول الباجة جي «خلال لقائي بالرئيس الأميركي دعاني كضيف شرف لحضور خطابه السنوي عن حالة الاتحاد في مجلسي الكونغرس، وجلست قرب زوجة بوش في الشرفة المخصصة لضيوف الشرف، وجاء معي هوشيار زيباري وبعد أن ألقى بوش كلمته قال (أنا أغتنم الفرصة لأرحب اليوم بشخصية محترمة ومهمة وهو عدنان الباجه جي)، فصار تصفيق حاد، فقالت السيدة بوش (هذا التصفيق لك)، فنهضت وحييت أعضاء الكونغرس. عدنا إلى بغداد وانتهت فترة رئاستي للمجلس وجاء من بعدي محسن عبد الحميد رئيسا لمجلس الحكم».

تنفيذا لمقترح وطلب الباجه جي أرسل الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، الأخضر الإبراهيمي كمبعوث عن الأمين العام للأمم المتحدة لتقصي الحقائق «والتقى بمختلف العراقيين، من عرب وأكراد وتركمان ومن مختلف الأديان والمذاهب، وقادة سياسيين، والمرجع الشيعي السيستاني. لم يترك أي جهة إلا والتقى بها. والإبراهيمي يعرفني جيدا فقد عملنا سوية في الأمم المتحدة عندما كان ضمن الوفد الجزائري وكان العراق، بل كنت أنا شخصيا، أدعم مواقفهم، فهو شخصية جيدة وله توجهات قومية عربية، وبعد لقاءاته ورصده لمجمل الأمور قدم تقريره الذي خلص فيه إلى أنه (من الصعوبة إجراء انتخابات خلال هذه الفترة القصيرة)، واقترح (تشكيل حكومة مؤقتة بعدها يعقد اجتماع عام لاختيار لجنة لوضع الدستور)، ولم يعقد هذا الاجتماع، لكن ردود الأفعال من أطراف عراقية جاءت غاضبة، حيث أقامت الدنيا ولم تقعدها، بسبب قوله إن «هناك نزاعات وتفرقة طائفية» وكان هذا حقيقيا وواقع الحال، هو بالتالي مبعوث عن الأمين العام للأمم المتحدة ولا يمكنه إلا أن يثبت الحقائق مثلما هي، لكنهم اتهموه بالكذب والطائفية بالانحياز إلى العرب السنة، وهذا غير حقيقي على الإطلاق، لهذا أنا دافعت عنه لمعرفتي به وبموضوعيته ومهنيته، وقد اصطدمت بحدة خلال نقاشاتي مع الجعفري وغيره في المجلس، وأنكروا وجود توجهات طائفية، مع أن البيت الشيعي كان يعقد اجتماعاته ويقدم مواقف شيعية موحدة، ومن هذه المواقف أنه بعد مقتل عضو مجلس الحكم عقيلة الهاشمي اجتمعنا لانتخاب بديلة عنها، فرشحت صفية السهيل وسلامة الخفاجي، وأنا دعمت السهيل وعملت من أجل وصولها إلى المجلس، وهذه من الخطوات التي ما زلت نادما عليها، بينما اجتمع البيت الشيعي ودعم الخفاجي وفازت. الغريب أن حتى حميد مجيد موسى سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي كان عضوا في البيت الشيعي استنادا إلى مذهبه وليس إلى أفكاره أو حزبه. لقد وضعوا 13 شيعيا في مجلس الحكم ليكونوا الأغلبية، أساسا النظرة والتوجه كان خطأ، لو اختاروا أعضاء المجلس على أساس الكفاءة والعمل والنزاهة ما كان يهم، وإلا لماذا 13، لماذا لم يكونوا 15 أو 10».

يجد الباجه جي نفسه متصديا لمسألة قانونية غاية في الأهمية بالنسبة لتاريخ العراق، يقول «كلفت برئاسة اللجنة التي وضعت قانون الدولة الأساسي والذي كان النواة الحقيقية لصياغة الدستور، ووضعنا القانون وتمت مناقشته في جلسة ترأستها أنا، وحدث نوع من الاحتكاك مع الأكراد للأسف مع أني من المؤيدين بشدة لحقوقهم الشرعية، وخلال اجتماع لهم في أربيل قبيل تشكيل مجلس الحكم دعيت إليه وألقيت كلمة وقلت أنا مع حق الشعب الكردي في تقرير مصيره، وقد رحبوا بذلك بحرارة واعتبروا ما قلته مسألة تاريخية. لكن سبب الخلاف أو الاحتكاك الذي حدث بيني وبينهم هو أني أريد عراقا موحدا وهم يريدون عراقا مقسما، لأنهم لا يطمئنون لحكومة مركزية قد تضطهد الأكراد، وهم محقون في هذا كونهم عانوا طويلا وكثيرا من اضطهاد الحكومات المركزية لهم، لكنني كنت أنظر للمستقبل وليس راهنا، وهم من حقهم تقرير مصيرهم أو الانفصال في أي وقت يشاءون، وفي الوقت نفسه أنا لا أريد عراقا مفككا وضعيفا، ويجب أن يبقى دولة موحدة قوية بدلا من دولة مقسمة إلى كونفدراليات، أنا تفكيري وحدوي وأريد توحيد العرب ثم أفاجأ بأن العراق يتعرض للتقسيم؟ هذا صعب جدا بالنسبة لي».

وما وصفه الباجه جي «بالاحتكاك بيني وبين الأكراد» لم «يتعد الملاسنة المؤدبة وفي حدود الأدب والذوق بيني وبين جلال طالباني، وكان بسبب تعيين علي علاوي وزيرا للدفاع، فاعترض طالباني بسبب عدم تعيين عدد كاف من الضباط الأكراد، فقلت إن وزير الدفاع هو المسؤول عن ذلك ونحن نثق به، فرد علي قائلا (وهل نحن لسنا موضع ثقة)، قلت أنا لا أعني ذلك، واستمر بالكلام العام الذي لم يقصدني به ثم تدخل مسعود بارزاني حيث كان رئيسا للجلسة وانتهى كل شيء، يعني المسألة لم تكن شخصية أبدا وأنا أحترم طالباني وأحترم تاريخه بدليل أنني أول من رشحه رئيسا للجمهورية عام 2005 عندما اتصلت به وقلت له سأرشحك لرئاسة الجمهورية، وكثير من العرب السنة اعترضوا. لقد رشحت طالباني لأنني أردت أن أكسر طوق المحاصصات وأن نؤكد عراقية الأكراد، فمرة يصير الرئيس كرديا وأخرى عربيا سنيا أو شيعيا أو من أي فئة ما دام هو عراقيا لأنني خفت أن تتحول العملية مثلما حدث في لبنان، وقلت لماذا لا يصير الرئيس العراقي كرديا فهو عراقي، والأكراد تعرضوا للاضطهاد طويلا، ومن هذا المنطلق أنا حاليا ضد ترشيحه ثانية لمنصب الرئاسة حتى لا يكرس للأكراد فقط، وللأسف، وعلى الرغم من الود الذي يظهره نحوي عمل طالباني ضدي عندما رُشحت أنا لرئاسة الجمهورية».

يعود الباجه جي للحديث عن مهمة الإبراهيمي، بقوله «مجلس الحكم وافق في النهاية على تقرير الإبراهيمي وعلى قرار الأمم المتحدة بتأجيل الانتخابات وتشكيل الحكومة المؤقتة على الرغم من أن الشيعة لم يكونوا موافقين بسبب موقف السيستاني، وأنا أعتبر تدخل الدين في السياسة خطأ، والمرجعية تدخلت في الشأن السياسي العراقي، وهذا التدخل ليس لأن السياسيين العراقيين دفعوا بهذا الاتجاه. فالسياسيون العراقيون الشيعة حاولوا، بل استفادوا منه واستخدموا صوره في الانتخابات، وهم في رواح ومجيء إليه ويطلقون التصريحات عن مباركته لمشاريعهم، وهو (السيستاني) لو لم يرد التدخل لرفض استقبال السياسيين مهما كانت انتماءاتهم المذهبية والقومية، لكنه هو يريد هذا التدخل والمفروض أن لا يحدث ذلك ويجب عزل السياسة عن الدين، والمشكلة أن الرأي العام لا يعرف رأيه الصريح في القضايا السياسية، وهو لا يصدر خطابا يحمل توقيع المرجعية لكن هناك من يتحدث نيابة عنه والناس تصدق كل ما يصدر عن هؤلاء باسم المرجعية، وكان من الخطأ أن يسمح باستخدام صورته في الانتخابات السابقة لصالح كيان شيعي دون غيره، والآن ممنوع استخدام صوره حسب قوانين مفوضية الانتخابات».

تم تخويل الإبراهيمي من قبل الدول المتحالفة والتي لها قوات عسكرية في العراق صلاحية ومسؤولية اختيار الحكومة المؤقتة. فدخل جولة جديدة ومطولة ومتعبة من النقاشات والسجالات واللقاءات والأحاديث مع الكتل السياسية والأطياف العراقية، وكان باستمرار يتحدث إليّ ونتناقش في الأمور، إذ كان يزورني باستمرار في البيت. أنا رشحت للإبراهيمي إياد علاوي كرئيس للحكومة المؤقتة، فقال (لا. علاوي غير مقبول من قبل بقية الأطراف)، فرشحوا له حسين الشهرستاني الذي التقاه في بيتي حسب طلبه (الإبراهيمي) وقال لي (اسمح لي باستخدام بيتك لأنه المكان الوحيد الذي أستطيع أن أقابل فيه الناس بحريتي)، وأنا لم أحضر هذا اللقاء. لكن بعد ذلك حسم الموضوع بتعيين علاوي لرئاسة الحكومة بعد أن طرح ترشيحه في مجلس الحكم وأيدنا هذا الترشيح باعتباره اختيارا جيدا».

كان يتمنى الباجه جي أن يتوج تاريخه السياسي والمهني برئاسة جمهورية العراق، يقول «جاء موضوع رئاسة الجمهورية، وكنت أنا المرشح الوحيد لهذا المنصب، لكن الجلبي والأكراد وقفوا ضد هذا الترشيح وأشاعوا بأن الأميركيين يدعمونني، وراحوا يرددون أن الإدارة الأميركية هي التي اختارتني وتريد أن تفرض الباجه جي عليهم».

يمضي الباجه جي في سرد تاريخ الأحداث التي أعقبت احتلال العراق، وجهوده من أجل ما سماه «إنقاذ ما يمكن إنقاذه» و«التقليل من الخسائر»، يقول «كان من المفترض أن تجري الانتخابات النيابية في نهاية يناير (كانون الثاني) 2005، وكان هناك اتجاه بمقاطعتها من قبل العرب السنة. كنت وقتها عضوا في المجلس السياسي الذي كان يضم 100 عضو في عهد حكومة علاوي، فعقدت عدة اجتماعات عندي في البيت مع مختلف الكتل السياسية، وكانت المطالبة بتأجيل الانتخابات حيث كنا في شهر أبريل (نيسان) من العام 2004. لكن التأجيل لم يعجب الإدارة الأميركية، فجاء السفير الأميركي نيغرو بونتي لزيارتي في البيت، وقال (نحن لا نوافق على تأجيل الانتخابات ويجب أن تجري في موعدها)، قلت (لكن النتائج ستكون سيئة ومعكوسة)».

ويدرك الباجه جي مخاطر ما سيحدث مبكرا، يقول «عندما تأكدت أن الانتخابات لن تؤجل، وأن هناك مقاطعة من العرب السنة لهذه الانتخابات أدركت أن الأوضاع ستصل إلى منطقة خطرة، فهذا يعني أن الجمعية الوطنية القادمة ستتألف من الأكراد والشيعة فقط، وهذه الجمعية مكلفة بكتابة الدستور، ويعني بالتالي أن الأكراد والشيعة وحدهم سيضعون الدستور الدائم للبلد، لهذا قدت منفردا الحوار مع الحزب الإسلامي وجبهة الحوار لإقناعهم بضرورة المشاركة في الانتخابات، وما زلت أتذكر أني اجتمعت مع كل من صالح المطلك وخلف العليان في بيتي، وقلت لهما (أرجوكم أن تقدروا خطورة الموقف، إذا قاطعتم الانتخابات فهذا يعني حرمان شريحة مهمة من المجتمع العراقي، وحرمان أجزاء كبيرة من العراق، الموصل والرمادي وتكريت وسامراء، وهذا يعني حرمان كل هؤلاء من المشاركة في صياغة الدستور)، وطلبت منهما (عدم ارتكاب هذا الخطأ الفادح)، فقال المطلك (لن تكون هناك انتخابات إذا قاطعناها)، أجبت (بل ستكون هناك انتخابات وستجري في موعدها وهذا يعني أن الجمعية الوطنية القادمة سوف تقوم بكل الخطوات التي هي ضد توجهاتنا بالحفاظ على الوحدة الوطنية ووحدة وعروبة العراق) لكنهما لم يقتنعا بهذا الكلام.