إسرائيل تتجاوب مع مطالب أميركية بوقف هدم المنازل في القدس

مستغلة ذلك في حملة تحريض ضد فتح وأبو مازن وفياض باتهامهم بالسعي لتفجير انتفاضة ثالثة

TT

أشارت مصادر سياسية إسرائيلية إلى أن الضغوط الأميركية على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بدأت تثير خلافات في الرأي حتى داخل الإدارة الأميركية. وحسب عناصر في حركات يسارية، فإن حكومة إسرائيل تستغل هذه الخلافات وتعمقها عن طريق حملة منظمة ضد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس وزرائه، سلام فياض، وضد حركة فتح التي يتزعمها، متهمة إياها بالسعي إلى تفجير انتفاضة ثالثة تقود الأوضاع في المنطقة إلى توتر جديد.

وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد بثت تحقيقا أمس قالت فيه إن حكومة نتنياهو أمرت بوقف تنفيذ أوامر هدم البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية تجاوبا مع المطالب الأميركية. وأبلغت واشنطن أنها تمتنع عن اتخاذ إجراءات أحادية في القدس والضفة الغربية في إطار التجاوب معها. ولكنها في الوقت نفسه، قدمت تقريرا مفصلا يحتوي على عدد من التصريحات والممارسات التي تشير إلى أن الجانب الفلسطيني «يستغل الضغوط الأميركية على الحكومة الإسرائيلية لكي يتهرب من المفاوضات ويفجر الأوضاع الأمنية بانتفاضة». ونفى نائب رئيس بلدية القدس الغربية، ديفيد هداري، أن يكون هناك قرار بتجميد هدم البيوت نزولا على رغبة الأميركيين، وقال إن آخر مرة دخلت فيها جرافة إسرائيلية لهدم بيت فلسطيني كانت في 17 نوفمبر (تشرين الثاني)، أي قبل أشهر من الضغوط الأميركية، وأكد أن السبب في ذلك يعود إلى المصاعب المالية، وأن البلدية ستستأنف الهدم بعد عيد الفصح. ولكن عضو البلدية من حزب ميرتس اليساري، مئير مرغليت، قال إن وقف هدم البيوت الفلسطينية بدأ عندما صدر أمر من المحكمة بهدم عمارة ضخمة أقامها المستوطنون اليهود في قلب حي سلوان. وعندما توصلت البلدية إلى تسوية بشأن هذه العمارة، نوت البلدية العودة إلى الهدم، فتدخلت الإدارة الأميركية وطرحت مطالبها المشهورة، وفي مقدمتها وقف هدم بيوت الفلسطينيين وتجميد البناء الاستيطاني في القدس الشرقية، وأصدرت الحكومة تعليماتها للبلدية ومنعت ذلك.

من جهة ثانية، خرجت قوى اليمين في الائتلاف الحاكم وكذلك في المعارضة بحملتها ضد فتح مدعية أنها تغذي روح المقاومة في الضفة الغربية والقدس بهدف تفجير انتفاضة. وقال النائب أريه الداد من حزب الاتحاد اليميني المتطرف إن «فتح تنافس حماس في شحن الإرهاب الفلسطيني المسمى انتفاضة». ورصدت «منظمة مكافحة الإرهاب»، وهي منظمة مدنية تعمل في شعبة الاستخبارات العسكرية عددا من التصريحات والتصرفات التي تدعي أنها «دليل على تورط» فتح والرئيس عباس ورئيس وزرائه فياض في هذه الجهود. وعممت تقريرها على عشرات آلاف العناوين في الولايات المتحدة وأوروبا. وبينها مشاركة فياض في نشاطات «يوم الأرض»، وتصريحات عباس عن «مقاومة شعبية سلمية على طراز النضال الذي يخوضه الفلسطينيون في قريتي بلعين ونعالين (غربي رام الله)» وإطلاق اسم دلال المغربي (فدائية فلسطينية قادت عملية خطف حافلة ركاب إسرائيلية سنة 1986) على ميدان في مدينة البيرة المجاورة لرام الله.

وتقول المصادر إن الحملة الإسرائيلية بدأت تؤتي ثمارها، خاصة أن نتنياهو تجاوب مع قسم من المطالب الأميركية، مما أثار نقاشات حادة داخل الإدارة الأميركية، وأنه لا يوجد إجماع حول سياسة الرئيس باراك أوباما بممارسة الضغوط على إسرائيل. وقالت المصادر إن دنيس روس، الذي يعتبر أهم خبير في شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض اليوم، يتحفظ ازاء هذه الضغوط ويقول إنه «إذا أرادت الإدارة الأميركية التأثير على نتنياهو عليها أن تتفهم ظروفه الحزبية ومصاعبه الائتلافية وتوجه له طلبات واقعية لا تؤدي إلى سقوط حكومته». وأكد هذه الفكرة، أمس، أفرايم هليفي، رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية، «الموساد»، الأسبق الذي كان قد حلل ثلاثة كتب صدرت للدبلوماسي دنيس روس في السنوات الأخيرة حول أزمة الشرق الأوسط. فقد نشرت له صحيفة «يديعوت أحرونوت» مقالا، أمس، أوضح فيه أن روس هو صاحب نظرية في إدارة المفاوضات أوردها في كتابه الأخير يؤكد فيها ضرورة تفهم مصاعب الآخر في سبيل التأثير عليه. وقال هليفي إن روس يرى أن لدى الإسرائيليين وهْما يقول إن القدس لن تقسم، ولكنه يحاول إقناع الإسرائيليين به بطريقة إيجابية ولا يحبذ ممارسة الضغط لتغيير وجهة نظر نتنياهو.