المقاومة الشعبية المعتمدة في الضفة تثير الجدل في قطاع غزة

حماس لا تعارضها ما دامت ليست بديلة للعمل المسلح

TT

في مؤشر إلى بداية حدوث تحول في أشكال المقاومة، يتوجه الفلسطينيون في قطاع غزة أكثر فأكثر للمقاومة الشعبية السلمية المتمثلة في المسيرات الجماهيرية، ضد ممارسات الجيش الإسرائيلي. وقد تم توظيف هذا النوع من المقاومة مؤخرا في الاحتجاج على إقامة إسرائيل حزاما أمنيا في عمق غزة على طول الخط الفاصل بين القطاع وإسرائيل، يمنع فيه الجيش الإسرائيلي وجود أي من المزارعين والأهالي على بعد (300 – 500) متر من الخط الفاصل، علما بأن هذه المناطق تمثل معظم المناطق الزراعية المتبقية جراء زحف البناء لمواجهة وتيرة الكثافة السكانية العالية جدا.

وبالوتيرة نفسها التي تتم في الضفة الغربية، يشارك في المسيرات المئات من المتظاهرين بالإضافة إلى عشرات النشطاء الأجانب الذين وفدوا إلى قطاع غزة لهذا الغرض. ويرفع المشاركون في هذه المسيرات الأعلام الفلسطينية ويرددون هتافات منددة بالاحتلال وممارساته، وفي أحيان يتطور الأمر في إلى إلقاء الحجارة باتجاه القوات الإسرائيلية.

لكن هذا النوع الجديد من المقاومة يثير جدلا في قطاع غزة. ففي الوقت الذي يتحمس فيه البعض له، فإن آخرين يثيرون الشكوك حول الدوافع الكامنة خلف هذا النوع من المقاومة. ويرى محمود الزق، منسق اللجنة الشعبية لمواجهة الحزام الأمني والمسؤول عن تنظيم هذه الفعاليات، أن اللجوء إلى هذا الشكل من المقاومة جاء عقب مقتل عدد من المزارعين الفلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء أدائهم أعمالهم، مشيرا إلى أن السلطات الإسرائيلية تحظر على المزارعين الوجود على بعد (300 – 500) متر غرب الخط الفاصل.

وأوضح الزق، وهو أسير سابق أمضى 15 عاما في الأسر، أن السلوك الإسرائيلي أدى إلى حرمان آلاف الأسر الفلسطينية من مصادر رزقها، مشيرا إلى أن الأراضي الزراعية تحولت إلى أراض جرداء بعدما هجرها فلاحوها. ويقول الزق إنه أمضى وقتا طويلة وهو يحاول إقناع الناس بجدوى الشروع في تجربة المقاومة السلمية، مشددا على أن قطاعا واسعا من الجمهور الفلسطيني أدرك أهمية هذا النوع من الاحتجاجات بصفته وجها من وجوه المقاومة. وينوه الزق بأنه رغم الخسائر في الجانب الفلسطيني جراء المشاركة في هذا النوع من عمليات المقاومة، فإنه سيواصل جهوده من أجل تثبيته، مشددا على أن هذه المقاومة ليست بديلا عن المقاومة المسلحة، وموضحا أنه باستثناء حركتي حماس والجهاد الإسلامي، فإن جميع الفصائل تؤيد هذا النوع من المقاومة.

من ناحيته، يقول الدكتور صلاح البردويل، عضو القيادة السياسية لحركة حماس، لـ«الشرق الأوسط»، إن حركته لا ترفض أي شكل من أشكال المقاومة بشرط ألا يغطي شكل على الأشكال الأخرى. وحذر البردويل من أن اقتصار العمل المقاوم على هذا النوع من المقاومة يصب في مصلحة إسرائيل، متهما الأطراف التي تقف وراء هذا النوع من الاحتجاج بتطبيق أجندة حركة فتح في الضفة الغربية. ويصف البردويل هذه المقاومة بـ«المقاومة التلفزيونية التي تضفي لمسة حضارية على سلوك جيش الاحتلال من خلال عرضه كجيش يستخدم وسائل مكافحة الشغب التي تستخدم في جميع أرجاء العالم، في الوقت الذي يستخدم فيه أبشع أساليب القمع بعيدا عن الكاميرات». ويفرق البردويل بين أساليب المقاومة المدنية كما يتم التعبير عنها في المسيرات صوب الخط الفاصل، والمقاومة الجماهيرية التي تعتمد على مشاركة واسعة من الجمهور، ويتم خلالها الاشتباك مباشرة مع الاحتلال من خلال إلقاء الحجارة. ويرى البردويل أن هذه المقاومة انتقائية تركز على تجنيد شريحة محددة وفي نطاق جغرافي ضيق.