عزام الأحمد لـ«الشرق الأوسط»: اللقاءات مع حماس لم تنقطع.. وما يعوق توقيع المصالحة ارتباطات خارجية

يزور بيروت لترتيب البيت الفلسطيني.. ويؤكد أنه سمع تمجيدا سوريا لـ«أبو مازن»

عزام الأحمد (ا.ب)
TT

قال عضو اللجنة المركزية في حركة فتح عزام الأحمد لـ«الشرق الأوسط» إن الرسالة التي حملها من الرئيس محمود عباس (أبو مازن) إلى المسؤولين اللبنانيين لا تتضمن كلمتي مخيمات أو سلاح، إنما تركز على احترام السيادة والقوانين اللبنانية. كما نفى وجود أي انزعاج لبناني من التشكيلات الأخيرة التي أصدرتها فتح ثم جمدتها بعد التداعيات التي أعقبتها على الساحة الفلسطينية في لبنان. وأشار الأحمد إلى أنه يرغب بلقاء جميع القوى السياسية اللبنانية بما فيها الأمين العام لـحزب الله حسن نصر الله، من دون أن يسميه.

وعلى الصعيد الفلسطيني قال الأحمد إن مهمته لا تقتصر على ترتيب أوضاع البيت الفتحاوي فحسب، بل تتجاوزه إلى جمع شمل الفصائل الفلسطينية المختلفة. واجتمع لهذه الغاية بممثل حركة حماس السابق في لبنان أسامة حمدان، على أن يجتمع بالممثل الحالي للحركة علي بركة وقادة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وباقي الأطراف. وأشار إلى أن اللقاءات مع حماس لم تنقطع، سواء في غزة أو القاهرة أو دمشق، واليوم في بيروت، مؤكدا أن المصالحة بين فتح وحماس يجب أن تتم رغم الجهود الإقليمية والدولية لمنع ذلك. وأضاف «لا ننسى أن الأميركيين عارضوا ذلك. وتلقينا تهديدات من الكونغرس بفرض الحصار علينا من جديد، ولم نوقف مساعي المصالحة. وتلقيت شخصيا تهديدات عندما وقعت على وثيقة المصالحة في القاهرة». وتابع القول إن ما يعوق توقيع حماس على وثيقة المصالحة هو التزامها بمصالح وارتباطات خارج إطار الساحة الفلسطينية.. وفي ما يلي نص الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» في بيروت:

* كيف كانت لقاءاتك اللبنانية؟

- المسؤولون اللبنانيون أشعروني بارتياح كبير. ولاحظت حرصهم وقلقهم على الوضع الفلسطيني. وجميعهم تحدثوا بلغة واحدة بشأن رعاية اللاجئين والإصرار على تحسين أوضاعهم من خلال تشريع قوانين تسمح بإعطائهم حقوقهم الإنسانية والاجتماعية. وسمعت منهم أن هناك رزمة من مشاريع القوانين والقرارات التي تسمح بتحسين أحوال الفلسطينيين باستثناء منحهم الجنسية اللبنانية وانخراطهم في الوظائف العامة. وسأتابع لقاءاتي في لبنان لتشمل جميع القوى السياسية، فلدي رغبة في التحاور مع الجميع ومن كل الاتجاهات.

* هل تسعى إلى لقاء الأمين العام لحزب الله؟

- من دون تسميات، لا حرج لدينا في لقاء أي مسؤول أو شخصية في لبنان.

* لكنك ممثل عباس.. وموقف حزب الله معروف تجاهه؟

- بغض النظر عن أي موقف، لكل إنسان وجهة نظره ونحن نحترمها. كما أن ممثل منظمة التحرير في لبنان كان يلتقي الجميع.

* هل طلبت موعدا من نصر الله؟

- أنا أرتب مواعيدي. الأولوية كانت للمسؤولين في الدولة. وحتما بعد ذلك سنعمل للقاء القوى السياسية اللبنانية.

* هل صحيح أنك حملت إلى المسؤولين اللبنانيين رسالة تزيل الانزعاج الذي سببته القرارات الأخيرة لعباس المتعلقة بتشكيلات فتح، التي جمدت؟

- أنا لم اسمع أي مسؤول لبناني يتحدث عن التشكيلات. لكني سمعت حرصا على ترتيب البيت الفلسطيني من دون الدخول في التفاصيل. كما أن بعض القرارات نفذ والبعض الآخر يعاد النظر فيه. ونحن لم نأت بأحد من خارج لبنان.

* كيف تعالجون الوضع الداخلي لفتح؟

- من الترتيبات الجيدة التي اتخذناها في المؤتمر الأخير لفتح، أننا قررنا عدم تكليف أعضاء اللجنة المركزية بمنصب تنفيذي في السلطة والمنظمة وتسليمهم في الوقت نفسه مسؤولية إحدى مفوضيات فتح.

* ماذا عن السلاح خارج المخيمات؟

- مسألة السلاح خارج المخيمات ليست مطروحة في هذه الزيارة. فقد نقلت ما يردده دائما أبو مازن من أن مؤسسات منظمة التحرير في لبنان تحترم سيادة لبنان وقوانينه. ولا نقبل بأن نكون فوق القانون اللبناني. أما عن التشعبات داخل الساحة الفلسطينية، فالقيادات اللبنانية تعرفها، وهي ليست جديدة. والدولة اللبنانية لم تطلب منا الاتصال بأحد لنزع السلاح خارج المخيمات.

* ماذا على صعيد اللقاءات الفلسطينية في لبنان؟

ترتيب الوضع الفلسطيني هو أيضا أولوية ويجب أن يستمر. إلى جانب خصوصية حركة فتح وترتيب شؤونها الداخلية، سأعمل على ترتيب البيت الفلسطيني. وقد التقيت الممثل السابق لحماس في لبنان أسامة حمدان وسألتقي الممثل الحالي للحركة علي بركة، ومن ثم الفصائل الفلسطينية كالجبهة الشعبية وغيرها.

* هل تعلن من بيروت عن خطوات توافقية بين الفصائل الفلسطينية؟

- منذ أن تسلمت فتح قيادة منظمة التحرير كان نهجها توافقيا مع الجميع، حتى مع من تختلف معهم. كلنا نقف على أرضية واحدة في مجابهة العدو الأساسي. ما يجمعنا مع معارضينا أكثر مما يفرقنا عنهم. والمصالحة بين فتح وحماس يجب أن تتم رغم الجهود الإقليمية والدولية لمنع ذلك. لا ننسى أن الأميركيين عارضوا ذلك. وتلقينا تهديدات من الكونغرس بفرض الحصار علينا من جديد ولم نوقف مساعي المصالحة. وتلقيت شخصيا تهديدات عندما قمت بالتوقيع على وثيقة المصالحة في القاهرة.

* ماذا عن القوى الإقليمية؟

- إن غالبية القوى الإقليمية مع الأسف تحاول استغلال الورقة الفلسطينية بطريقة تخدم مصالحها وبرامجها بعيدا عن المصلحة الفلسطينية. لذا أناشد هذه القوى، العربية منها خاصة والإسلامية، أن تكف عن التعامل السلبي مع الورقة الفلسطينية. فقضيتنا كانت دائما عنصرا موحدا للخلافات العربية. الآن الخلافات أصبحت عنصرا مؤثرا في شرذمة الحالة الفلسطينية.

* لكنك تقول إن اللقاءات مع حماس تبشر بحلول قريبة؟

- عندما نجلس معهم نكون مرتاحين إلى طرحهم. لذا لا نرى إطلاقا أي مبرر لامتناع حماس عن توقيع وثيقة المصالحة. قلنا لهم مرارا وتكرارا إن الإرادة أهم من الوثيقة. وهي الأساس قبل النصوص، علما بأن النصوص الموجودة لا تتنافى مع وحدة الصف الفلسطيني.

* أين الخلل الذي يحول دون توقيع حماس الوثيقة إذن؟

- قناعتنا أن حماس لا تزال ملتزمة بمصالح وارتباطات خارج إطار الساحة الفلسطينية، الأمر الذي يمنعها من توقيع الوثيقة. وسبق أن عرضنا عليهم القيام فورا ومباشرة بانتخابات رئاسية وتشريعية وننسى الوثيقة. وكل شيء يتم وفق القانون الواحد والسلطة الواحدة. ولا جواب على هذا الطرح.

* هل يزعج إسرائيل الجو التوافقي.. لذا قالت إن عباس طلب إليها القضاء على حماس؟

- هذه الإشاعات بدأت منذ تقرير غولدستون وإصرار عباس على طرحه في المحافل الدولية. لذا تثير إسرائيل شكوكا لتعقيد المصالحة. وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان كان أول من أطلق حملة التشكيك، وقال إن أبو مازن طلب كذا وكذا. وغالط نفسه وكشف كذبه وخداعه. كما أن الإذاعة والتلفزيون الإسرائيليين وفور وصولي إلى بيروت بقيا طوال الوقت يبثان خبرا نقلا عن إحدى الصحف بأنني أحمل رسالة من أبو مازن تتضمن موافقة على تشكيل قوة مشتركة لبنانية فلسطينية لوضع حد لفوضى السلاح في المخيمات. علما بأن الرسالة التي أحملها لا تتضمن كلمتي مخيمات وسلاح. إضافة إلى ذلك صدرت بيانات ومواقف لا تخدم إلا إسرائيل. علينا أن نتذكر أن (رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل) شارون كان المخطط الأول للانقسام في الساحة الفلسطينية. وذلك عندما طرح مشروعه الأحادي الجانب بإعادة انتشار الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وأقنع اليمين بأن هذا الانتشار سيؤدي إلى فصل غزة عن الضفة وسيمكن إسرائيل من استكمال بناء جدار الفصل العنصري والإسراع في وتيرة الاستيطان، خاصة في القدس، وهذا سيحول دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وليبرمان يردد منذ فترة عبارة «قبرصة» الحالة الفلسطينية ليبقيها مقسمة وتزول تدريجيا فكرة إقامة الدولة الفلسطينية.

* تتحدث عن المصالحة في حين نلاحظ عملية عزل مبرمجة لأبو مازن. كيف تفسر ذلك؟

- عندما بدأ عباس تسلم مسؤولياته أثناء مرض الرئيس الراحل ياسر عرفات نال تأييدا دوليا وعربيا. وبعد تسلمه مسؤولية رئاسة السلطة عقب استشهاد عرفات استقبل بالتهليل والترحيب. ولكن بعد خمس سنوات لم يجد عباس إلا الإحباط. لذا قال «إنهم (ويقصد إسرائيل والولايات المتحدة والدول المعنية بالملف الفلسطيني) يدفعوننا إلى الشعور بالندم. وعمليه السلام لم تخط خطوة واحدة إلى الأمام».

* هل يعني هذا أن عباس عاد إلى ما تقوله حماس؟

- أبو مازن قال هذا الكلام قبل فترة في القاهرة أثناء اجتماع لجنة المتابعة. وإسرائيل تشن عليه حملة إعلامية شرسة وتشوه صورته بكل الوسائل. وتردد أنه ليس شريكا للسلام، إنما هو الوجه الآخر لياسر عرفات. لنعد إلى حماس وما تقوله، فنجد أنه لا فرق سياسيا بيننا وبين حماس. فهي تصف الصواريخ التي تطلق من غزة على إسرائيل بأنها صواريخ غير وطنية، وأنها صواريخ مشبوهة. واعتقلت 15 شخصا بعد الاشتباك الأخير مع الإسرائيليين. ونحن لسنا ضد ما قامت به، فهو يدل على أن استخدام العقل بدل العاطفة يقودنا إلى موقف واحد. وللمقاومة أشكال متعددة، وحسابات وظروف وتوقيت. بالتالي نحن نرى أن حماس تغيرت، واقتربنا سياسيا من بعضنا البعض. ولا ننسى أنها تعاملت مع موضوع الدولة ذات الحدود المؤقتة بما لا نرضى نحن أن نتعامل به. فقد سلمت إلى سويسرا وثيقة تعترف بالحدود المؤقتة والهدنة الطويلة الأمد.

* ماذا عن محاولات العزل العربية والإقليمية التي يتعرض لها؟

- عندما كنت في سورية الأسبوع الماضي، لم أسمع إلا تمجيدا لمواقف أبو مازن ووفائه. وفي مؤتمر القمة الأخير اجتمع عباس بالرئيس السوري بشار الأسد. وجلس مطولا مع نائبه فاروق الشرع، وكان الجو وديا.

* لنعد إلى البيت الفتحاوي.. ماذا أنجزتم وما هي العقبات؟

- أنا لا أخفي أن هناك قلقا واضطرابا كبيرا في البيت الفتحاوي بسبب خلافات أعتبر أنها لا قيمة لها. لكنها ترتب على الأرض آثارا سلبية. نحن نريد إزالة كل الشوائب التي علقت بفتح وجسمها التنظيمي ومؤسساتها لأسباب موضوعية في الساحة اللبنانية. ونسعى حاليا لإزالة كل الشوائب وترتيب الأمور وفق النظام الداخلي للحركة الذي اعتمد في المؤتمر الأخير، ويؤكد على أهمية إعادة ترتيب أوضاع فتح وشد عضدها وإنهاء حالة الترهل والهلامية داخلها، سواء في الساحة اللبنانية أو داخل الوطن، ونأمل أن يتم إنجاز ذلك. وقد قطعنا شوطا كبيرا في ترتيب الوضع التنظيمي والإداري. ونحن بصدد إنهاء اللمسات الأخيرة.