الأسماء الإسلامية «المتشابهة» تعطل الحصول على تأشيرات الدخول الأميركية

تعزيز عمليات التحقق من الهوية منذ محاولة النيجيري عمر عبد المطلب تفجير طائرة يوم الميلاد

TT

كان كل شيء يبدو ملائما بالنسبة لذلك الشاب الفرنسي الأنيق، فهو خريج إحدى كليات النخبة الفرنسية للهندسة، وكان يعمل ببنك روثشتايلد في باريس، وفي إدارة الثروات بوول ستريت لبعض الوقت، كما أنه قبل في برنامج للحصول على درجة الماجستير بجامعة كاليفورنيا ببيركلي. ولكن كان هناك شيء واحد غير ملائم؛ وهو اسمه، حيث إنه كان يدعى محمد يوسف مامي.

وكانت وزارة الخارجية قد حجزت تأشيرته لأكثر من شهرين بزعم قيامها «بإجراءات إدارية»، والتي، وفقا للدبلوماسيين، كانت تعبيرا مهذبا، بدلا من «فحص القوائم» التي أعدتها الهيئات الاستخبارية في واشنطن والمعدة لمنع الإرهابيين المشتبه بهم من الدخول إلى الولايات المتحدة.

ومنذ أن وجه الرئيس أوباما اللوم للوكالات الاستخبارية لتجاهلها إشارات التحذير في قضية عمر الفاروق عبد المطلب؛ النيجيري المتهم بمحاولة تفجير الطائرة المتجهة من أمستردام إلى ديترويت عشية يوم الميلاد، تم تعزيز عمليات التحقق من الهوية، وتزايدت قوائم الأشخاص الذين يجب التحقق منهم. وفي ظل تلك الملابسات، تزايدت «الإجراءات الإدارية» التي يتعرض لها المتقدمون للحصول على التأشيرة، الذين تتشابه أسماؤهم مع أسماء الإرهابيين المشتبه بهم، والذين لم يقترفوا أي شيء سوى أنهم ولدوا لآباء مسلمين.

وفيما كانت الحواسيب تعمل والموظفون الأمنيون يفحصون قوائمهم، انطلقت رحلة مامي - غير القابلة لاسترداد قيمة التذاكر - من ليون إلى سان فرانسيسكو في 18 مارس (آذار) من دونه، ولم يخبره أحد عن السبب. ونتيجة لتأخره عن السفر، فقد فاتته مرحلة المقدمة في الدراسة، والأسبوع الأول من دورات الهندسة المالية في بيركلي. وبعد عشرات الاتصالات الهاتفية اليائسة والرسائل الإلكترونية والخطابات، أدرك مامي، 27 عاما، أنه يتعرض للتمييز نظرا لاسمه، وأن خطاب أوباما في القاهرة، الذي دعا فيه لإقامة علاقات طيبة مع العالم الإسلامي، لم يكن سوى خطاب علاقات عامة خاليا من الدلالة.

وعلى الرغم من أن الانتظار قد انتهى يوم الأربعاء، فإن عالم مامي لم يعد كما كان من قبل. فبعد يومين من تحقيق «واشنطن بوست» في قضية مامي، اتصلت السفارة الأميركية به في باريس وأخبرته بأن التأشيرة في طريقها إليه. وانتهت معاناة مامي، الذي قفز للبحث على شبكة الإنترنت عن رحلة رخيصة لسان فرانسيسكو، حيث كان عازما على أن يحضر دروسه في بيركلي بدءا من صباح يوم الاثنين.

فيقول مامي بعد سماعه الأخبار: «إنها نهاية سعيدة، على غرار نهايات هوليوود. فأنا لا أحمل الضغينة، حيث إنني على يقين من أن أمامي الكثير الذي يمكنني أن أفعله كي أحصل على الماجستير من بيركلي، والذي سوف يشغلني عن مسألة التأشيرة تلك».

ولكن لا تنتهي كل القصص مثل تلك النهاية السعيدة، فسعيد مهران الجزائري، الذي ترعرع في فرنسا والحاصل على جنسيتها، كان قد تقدم للحصول على تأشيرة صحافية لمصاحبة الرئيس نيكولاي ساركوزي إلى واشنطن خلال الأسبوع الحالي كمراسل لمجلة «لو بوا» الأسبوعية الإخبارية. وقد حصل زملاؤه من الصحف الأخرى – الذين يحملون أسماء فرنسية تقليدية – على تأشيراتهم خلال يومين، ولكن مهران لم يحصل عليها.

وعندما اقترب موعد السفر، أجرى دايفيد ليفيت، مستشار السياسة الخارجية لساركوزي اتصالا بالسفارة الأميركية لكي يوضح لها أن مهران صحافي معروف بباريس ويغطي دائما أخبار ساركوزي، ومع ذلك لم تأت أي تأشيرة أو توضيح. وقد سافر ساركوزي وفريقه الصحافي في الميعاد المحدد من دون مهران الذي يقول: «لم أحصل على تفسير لذلك ولم أحصل على التأشيرة».

ومن جهته، قال أحد المسؤولين بالسفارة الأميركية، الذي تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته نظرا لحساسية الموضوع، إنه لا يستطيع التعليق على الحالات الفردية ولكنه أضاف أنه في بعض الأحيان، وعندما يتم إدخال أحد الأسماء على قاعدة البيانات الإلكترونية للتحقق منه، تظهر نتائج بالاشتباه به، خاصة في حالة الأسماء الإسلامية، لأنها متشابهة. وأضاف: «ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أن ذلك الشخص هو الشخص نفسه الذي تشير إليه قاعدة البيانات».

وبالنسبة لمامي، بدأ الانتظار في 28 يناير (كانون الثاني) عندما ذهب إلى باريس للحصول على تأشيرة عادية وقابل المسؤول بالقنصلية. وبعد الأسئلة الروتينية، أخبره المسؤول أنه يجب عليه الانتظار لأسبوعين أو لثلاثة، «للإجراءات الإدارية». وعندما سأل عما يعنيه ذلك، أخبره المسؤول أنه ليس مخولا بمناقشة ذلك.

وفي البداية، قال مامي إن التأخير لا يمثل مشكلة بالنسبة له لأن دروس المقدمة في بيركلي لن تبدأ قبل 22 مارس، ولكن عندما لم تصل التأشيرة حتى 15 فبراير (شباط)، أرسل خطابا للسفارة يسأل فيه عن أسباب التأخير. وفي اليوم التالي اتصلت به امرأة وقالت إن التأخير معتاد وإنه ربما يمتد لأسابيع أو لأشهر.

وكان ذلك بداية شهر من الاتصالات الهاتفية، ورسائل البريد الإلكتروني والخطابات، وقد وجهت الجامعة ببيركلي خطابا للقنصلية تحثها فيه على منح مامي التأشيرة، ولكن دون أي استجابة. ولكن مامي الذي أصابه الإحباط بدأ يطرق كل الأبواب؛ فقد أرسل خطابا يوم الخميس الماضي إلى الرئيس أوباما، وهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، وديان فنشتاين، الديمقراطية عن كاليفورنيا، وبرنارد كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، وجيرارد كولومب عمدة ليون، ونواب كلينتون للتبادل مع العالم الإسلامي.

وكان يشرح للجميع موقفه ويلتمس التدخل ولكنه لم يحصل على أي استجابة سريعة. عدا مكتب فنشتاين بسان فرانسيسكو، الذي كان مامي قد اتصل به هاتفيا وعبر البريد الإلكتروني والذي وعده بأن يتصل بالمسؤولين ويعلمه بالنتيجة. ولكنه لم يتصل بمامي، الذي قام في اليوم التالي بمراسلة مكتب «واشنطن بوست» بباريس.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»