جنبلاط العائد من لقائه بالأسد «مرتاحا»: تحدثنا في الماضي.. وركزنا على المستقبل

الريس لـ«الشرق الأوسط»: لم يكن لقاء باردا.. لكننا لا نتوقف عند الشكليات

TT

عاد رئيس «اللقاء الديمقراطي»، النائب وليد جنبلاط، مرتاحا من زيارته الأخيرة إلى سورية، واللقاء الذي جمعه والرئيس السوري، بشار الأسد، بعد «سنوات القطيعة». وبينما أكدت مصادر قريبة منه لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاء مع الأسد «كان وديا أكثر منه رسميا»، خلافا لما تردد في لبنان، أشارت هذه المصادر إلى أن اللقاء تطرق في جانب منه إلى «بعض المحطات السابقة»، في إشارة إلى سنوات الخلاف بين جنبلاط والقيادة السورية، غير أن هذه المصادر شددت على أن «الجانب الأكبر من اللقاء تمحور حول العلاقات المستقبلية التي اتفق على إطار لها، بالإضافة إلى آلية تواصل سيتولاها وزير الأشغال، غازي العريضي».وبينما أكد جنبلاط قبيل زيارته لـ«الشرق الأوسط»، أنه باق مكانه، ولن يذهب إلى أي مكان، في إشارة إلى الاصطفافات السياسية في لبنان، توقع مسؤول في حزب الله أن جنبلاط «سيندفع الآن أكثر في اتجاه إعادة تصحيح تموضعه». وقال أحد أبرز معاوني جنبلاط، مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، رامي الريس، لـ«الشرق الأوسط»، إن خيار رئيس الحزب الخروج من الاصطفافات السياسية «أثبت جدواه، ونقل البلاد من حالة الخصومة إلى الحوار، وبالتالي فهو لن يذهب إلى أي مكان».

وقال جنبلاط بدوره، أمس، إنه «ليس مقيدا بأي التزامات تجاه سورية، للحفاظ على العلاقة معها»، مشيرا إلى أنه اتفق مع رئيس الحكومة، سعد الحريري، «على طي صفحة الماضي مع الرئيس السوري، بشار الأسد، وطواها على المستوى الشخصي». وأعلن في مؤتمر صحافي عقده في بيروت أن اللقاء مع الأسد «اتّسم بدرجة عالية من الود والإيجابية والمصارحة»، مضيفا: «تحدثنا عن بعض محطات الماضي القريب، لأن الماضي القديم طوي إلى الأبد». وقال: «الماضي القريب سأذكره في مرحلة التمديد الأولى مرحلة الرئيس إلياس الهراوي إلى المراحل اللاحقة التي كان فيها شوائب وعدم اتصال ووضوح في الرؤية بيننا وبين الرئيس بشار، ما أدى إلى مشكلات وتوترات ونقص في المعلومات، ولن أستفيض أكثر لأن المستقبل أهم، فالماضي ودروس الماضي للعبرة».

وشدّد على أن «المهم في المستقبل هو رسم الخط البياني السياسي، الذي يبدأ بدعم وحماية المقاومة في الدفاع عن لبنان واستكمال التحرير، والعلاقة بين لبنان وسورية تبنى على أساس الدولتين في السياق الأمني والاقتصادي والسياسي، هذه العلاقة التي بنيت بالدم والتضحيات المشتركة التي أوصلت إلى الطائف، بالإضافة إلى أهمية الاستقرار السياسي اللبناني بالنسبة إلى سورية». وأضاف: «تحدثنا عن إمكان البدء في ترسيم الحدود للمناطق التي ليست تحت الاحتلال، كما تحدثنا أيضا عن الموضوع الفلسطيني داخل لبنان، السياسي والمعيشي، وضرورة معالجة الشقين، لأنه لا يمكن الاستمرار في الحالة المعيشية السيئة المزرية، والسياسية التي قد تحمل في طياتها بعض الملاحظات». وتابع يقول: «ودخلت في حديثي إلى الأسد بخصوصية الجبل وأهمية التواصل الموضوعي مع سورية، وتثبيت الموقع العربي لهذا الجبل»، لافتا إلى أن «النقطة الأساس التي يركز عليها الرئيس السوري هي بناء ثقة بين الدولتين».

وكشف جنبلاط أن «اللقاء بالأمس لن يكون الأخير»، وأنه سيكلف «الوزير غازي العريضي بتعزيز العلاقة مع سورية ومتابعة التواصل»، شاكرا «جميع الذين أسهموا في الوصول إلى هذه المرحلة، وخصوصا أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، وحزب الله»، موضحا أن «الموضوع ليس الانتقال من مكان إلى مكان آخر.. الموضوع هو التأكيد على الثوابت، والأسد طلب، وقد توافقنا على تأكيد ثوابت المقاومة وتحرير الأرض».

وبدوره قال الريس لـ«الشرق الأوسط» إن العنوان الرئيسي الذي يهم جنبلاط هو الاستقرار في لبنان والسلم الأهلي بمعزل عن الاصطفافات السياسية، مشيرا إلى أن وتيرة التهديدات الإسرائيلية تحتم المحافظة على المقاومة بالتوازي مع استمرار هيئة الحوار الوطني في العمل، من أجل الوصول إلى استراتيجية دفاعية، وإلى أن تنجز هذه الاستراتيجية تبقى المقاومة مع الجيش تؤدي دورها في حماية لبنان. ورأى أن هذه المرتكزات فوق سقف الاصطفافات السياسية وتتخطى حسابات الانقسامات بين المعسكرين (14 و8 آذار).

ووصف الريس اللقاء بين الأسد وجنبلاط بأنه «إيجابي بعد قطيعة طويلة، تخللها ما تخللها من محطات خلاف». وقال: «على الرغم من أهمية تنقية معالم المرحلة السابقة، إلا أنه يبقى الأهم النظر إلى المستقبل، والتأكيد على مرحلة جديدة على مستوى العلاقات بين البلدين»، مشيرا إلى أن «هذا التوجه هو نفسه لدى رئيس الحكومة، سعد الحريري، الذي زار دمشق سابقا، وسيزورها قريبا، ولا مناص للبنانيين والسوريين إلا إعادة بناء علاقات على قواعد جديدة، وفقا لاتفاق الطائف، من خلال استخلاص العبر من المراحل السابقة، بما يتيح إعادة بناء الثقة تدريجيا، وفتح صفحة جديدة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية».

وردا على سؤال عما تردد من وجود «برودة» في اللقاء، قال الريس: «فيما يخصنا، لا نتوقف عند الشكليات، وعلى الرغم من أن اللقاء كان وديا وجيدا، فإن المهم هو المضمون السياسي والمسار والخط البياني السياسي الذي تكوّن». إلى ذلك، أكد عضو كتلة حزب الله، النائب علي فياض، أن «زيارة جنبلاط تسهم في طي الصفحة السوداء من الماضي»، مشددا على أن «هذه الزيارة أتت خدمة لـ3 معادلات: المقاومة، والعلاقات المميزة مع سورية، والاستقرار السياسي الأمني في لبنان»، مشيرا إلى أن «الترتيب لهذه الزيارة أتى منذ فترة»، لافتا إلى أن «المسألة استلزمت مناقشة عدد كبير من الإجراءات في الشكل والمضمون للتمهيد للزيارة، وإعادة بناء ثقة بين الجهتين».

وفي المقابل، أعلن عضو كتلة المستقبل، التي يرأسها رئيس الحكومة، سعد الحريري، النائب نبيل دو فريج، أنه كان ينتظر زيارة جنبلاط إلى سورية منذ سنة،