ائتلاف المالكي يتراجع عن تحفظاته السابقة.. ويدفع نحو إعلان البصرة إقليما

مراقبون عدوا التحرك محاولة «لوضع العصي» في دواليب حكومة علاوي المحتملة

عراقية تسير في أحد شوارع البصرة (أ.ف.ب)
TT

مع احتدام الصراع على استحقاق تشكيل الحكومة المقبلة بين الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات التشريعية، عاود مجلس محافظة البصرة النفخ في بقايا رماد المحاولة الفاشلة لتحويل البصرة، جنوب العراق، إلى إقليم فيدرالي، عسى أن يتوقد مرة أخرى بعد مرور أكثر من عام على إخفاق دعوة القاضي وائل عبد اللطيف، عضو البرلمان السابق، التي لم تنل نسبة الموافقة (10%) من أصوات 142 ألف ناخب، وهي النسبة القانونية المقررة وقتذاك لجواز عرض المشروع على الاستفتاء الشعبي.

وقال جبار اللطيف، رئيس مجلس المحافظة، القيادي في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، إن «فكرة إطلاق إقليم البصرة قد نضجت واكتملت حيثياتها، وإن المجلس سيقدم طلبا بجعل البصرة إقليما باعتباره حلا استراتيجيا لجميع مشكلات المحافظة بعد أن أدرك أهل المدينة أن تشكيل الإقليم هو الحل لمشكلات البطالة والخدمات، حيث يضمن انتعاشهم اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وفكريا، فالبصرة كما معروف عنها تتمتع بعمق تاريخي وموقع استراتيجي وثروات طبيعية وموارد مائية ومساحات زراعية، وهذه جميعا تشكل مقومات نجاح الإقليم».

وترى بعض الأوساط السياسية، تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، أنه إذا كانت الدعوة الأولى لتحويل البصرة إلى إقليم فيدرالي صدرت من عضو برلمان مستقل لم يستطع جمع الأصوات المطلوبة التي حددها الدستور، فإن الدعوة الجديدة يقف خلفها مجلس المحافظة، ممثل ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه المالكي، والذي تمكن من حيازة الأغلبية في انتخابات مجلس المحافظة (20 من 34 مقعدا) كما حصد 14 مقعدا من بين 24 مقعدا في الانتخابات النيابية التي جرت مؤخرا، وبالتالي باستطاعته حشد أنصاره للتصويت.

فيما ذهب آخرون إلى أن توقيت دعوة المجلس الآن بعد مرور أكثر من عام على تشكيله هو جزء من اللعبة السياسية الجارية حاليا بين الكتل السياسية للفوز بتشكيل الحكومة، وأن هذه الدعوة هي بمثابة وضع العصي في عجلة حكومة إياد علاوي عند تشكيله حكومة جديدة إذا لم تستطع «دولة القانون» الحفاظ عليها. وكان ائتلاف دول القانون قد عارض تشكيل إقليم البصرة لدى الدعوة إلى ذلك العام الماضي، غير أن قياديين في تحالف المالكي هددوا بإعلان أقاليم في جنوب العراق إثر فوز القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي في الانتخابات التشريعية.

وأضاف اللطيف في بيان له «إننا سنسلك الطرق القانونية بعرض المشروع على البرلمان وتهيئة الجماهير للاستفتاء عليه إيمانا منا بأن البصرة تواجه تحديات كبيرة ولا يمكن أن تحل جميع مشكلاتها إلا من خلال إقامة الإقليم».

وكشف اللطيف عن ازدواجية التعامل بين الحكومتين المحلية والاتحادية وقال «نعمل حاليا ضمن قانون (21) الذي يعطي للحكومة المحلية مساحة للحركة، لكن تلك المساحة مشروطة بعدم تقاطعها مع الدستور والقوانين النافذة، وبالتالي تم تقييد عمل الحكومة لأن القانون 21 لا مركزي، والقوانين القديمة مركزية، لذا فمن الصعوبة التوفيق بينه وبينها، ومن بينها قانون الاستثمار الذي نرى فيه مفاتيح تطور المدينة».

وحمل رئيس مجلس المحافظة الوزارات مسؤولية عرقلة مشاريع تنمية الأقاليم والمحافظات، مؤكدا أن «وزارات الحكومة الاتحادية سوفت الكثير من الإجراءات التي اعتزمت الحكومة المحلية تنفيذها على حساب مصلحة المواطنين».

وأكد سياسيون أن مشروع تحويل البصرة إلى إقليم فيدرالي دائم الحضور في أحاديث النخب السياسية المتطلعة إلى مناصب ونفوذ، ويتم إعلانه كلما أحسوا بأن الزمن القادم يسير عكس اتجاه طموحاتهم، وأن التغيير قادم.

وقال المحامي طارق البريسم، أمين الحزب الوطني الديمقراطي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «صفة ضعف الإدارة وعدم قدرتها على التصرف بالأموال هي أبرز سمات الحكومات المحلية في المحافظات لعدم قدرتها على التعامل مع قوانين الإدارة اللامركزية التي أقرها الدستور، وبالتالي فشلها في قيادة أي إقليم فيدرالي إذا ما تحقق ذلك لعدم امتلاكها الخبرة». وأضاف أن «تحويل البصرة إلى إقليم فيدرالي مشروع إداري ممتاز، لكن الظروف الموضوعية والذاتية غير ناضجة لتحقيقه الآن»، مشيرا إلى أن «الإقليم الفيدرالي يستهوي الكثير من الساسة بالمحافظة لما يحتويه من استحداث مناصب متعددة اعتبارا من برلمان محلي ووزارات وإدارات وإمكانات مالية كبيرة وما شابه»، مستدركا أن «الباحثين عن مصالحهم الشخصية على حساب المصالح العليا للبلد والمحافظة باتوا هم السمة الغالبة»، مشددا على أن «فشل التجربة الأولى للدعوة إلى إقامة إقليم فيدرالي يجب أن تكون عبرة للداعين إليها».

ووصف عباس عجيل، عضو اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي، الدعوة لإقامة إقليم فيدرالي بـ«الهروب إلى الأمام لاكتساب حقوق من الحكومة الاتحادية بشكل متعجل». وأضاف أن «المشروع لا يمتلك أرضية شعبية بالمحافظة، وأن طرحه الآن يخضع لحسابات تنافسية بين الكتل الكبيرة في بغداد».

واختتم عجيل قائلا إن «هموم المواطن اليومية هي أكبر وأشمل من عرض مدينته للمزايدات السياسية، وإن الداعين إليها يستحقون الشفقة».