إيران والشرق الأوسط وأفغانستان على رأس محادثات أردوغان في باريس يومي الثلاثاء والأربعاء

فرنسا أعدت برنامجا حافلا لزيارة رئيس الوزراء التركي.. يشمل استعراضا فنيا في قصر فرساي

TT

أعدت باريس برنامجا حافلا لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي سيقوم يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين بزيارة رسمية إلى فرنسا يلتقي خلالها الرؤساء الأربعة «الجمهورية والحكومة ومجلسي النواب والشيوخ» ويختتم خلالها «موسم تركيا في فرنسا» الذي أطلق العام الماضي بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها الرئيس عبد الله غل إلى العاصمة الفرنسية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وعلى الرغم من أن الخارجية الفرنسية شددت على أن محور اللقاءات سيدور حول الارتقاء بالعلاقات الثنائية «المبادلات التجارية، والتعاون الاقتصادي والأمني، والحوار السياسي»، فإن الملفات الدولية ستأخذ حيزا مهما من لقاءات أردوغان مع المسؤولين الفرنسيين بالنظر للدور المتعاظم لتركيا في المنطقة وتحديدا بالنسبة إلى الملف النووي الإيراني والنزاع العربي - الإسرائيلي فضلا عن العلاقات الجيدة التي نسجتها تركيا مع جيرانها في الشرق والجنوب (سورية، والعراق، وإيران) ونشاط أنقرة الدبلوماسي انطلاقا من المبدأ العام الذي حدده وزير الخارجية التركي أحمد أوغلو القائل «صفر مشكلات» مع بلدان الجوار، كذلك سيناقش الطرفان الموضوع الأفغاني.

وأشارت الخارجية الفرنسية إلى «نقاط التلاقي» بين باريس وأنقرة اللتين تنتميان كلاهما إلى الحلف الأطلسي ومجموعة الدول العشرين فضلا عن مجلس الأمن الدولي حيث تشغل أنقرة مقعدا غير دائم.

وينتظر أن يحتل الملف الإيراني حيزا واسعا من محادثات أردوغان مع الرئيس ساركوزي في الوقت الذي تتكثف فيه الاتصالات بين أطراف مجموعة «الست» (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) لفرض سلة عقوبات جديدة على طهران لحملها على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية ومع مجلس الأمن الدولي. وبينما يلتزم ساركوزي موقفا متشددا حيال إيران ويدعو باستمرار إلى فرض عقوبات «مشددة» عليها، فإن موقف تركيا مختلف تماما. ويرى أردوغان أنه لا يتعين «حشر» طهران ويدعو إلى حل دبلوماسي وسياسي معها. وقام أردوغان مؤخرا بزيارة إلى طهران وعقدت تركيا وإيران مجموعة اتفاقيات اقتصادية وتجارية. وتعد تركيا من بين الأعضاء الرافضين في مجلس الأمن (مع البرازيل ودول من العالم الثالث) للعقوبات الإضافية. ويتعين أن يحظى مشروع قرار في مجلس الأمن بموافقة عشرة أعضاء وامتناع الدول صاحبة حق النقض «الفيتو» عن التصويت ضد المشروع. ولذا، فإن الدول الغربية بحاجة إلى أصوات خمس دول من غير الأعضاء الدائمين على الأقل علما بأنها تسعى إلى ضمان أوسع دعم لمشروع العقوبات الإضافية لتوجيه «رسالة واضحة» للقادة الإيرانيين.

وفي موضوع الشرق الأوسط، تريد باريس التعرف على وجهة النظر التركية بالنظر إلى علاقات أنقرة الجيدة مع مختلف الأطراف العربية والجهود التي تبذلها الدبلوماسية التركية لمعاودة لعب دور الوسيط بين سورية وإسرائيل. وعلى الرغم من الانتقادات الحادة المتبادلة بين أنقرة وتل أبيب، فإن ثمة مساعي لرأب الصدع بينهما مما سيمكن أنقرة مجددا من العودة لواجهة الاتصالات. وسعت باريس في وقت من الأوقات إلى تلقف الدور التركي والانخراط في دور الوساطة لا بل إنها عرضت العمل «إلى جانب تركيا». غير أن شيئا لم يتحقق حتى الآن على هذا الصعيد وما زالت الجهود لا تراوح مكانها.

أما على الصعيد الثنائي، فإن العلاقات تتحسن بين الجانبين على الرغم من الموقف المعارض للرئيس الفرنسي في موضوع دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. فالمبادلات التجارية بينهما وصلت إلى 10 مليارات يورو العام الماضي ويرغب الطرفان في دفعها إلى 15 مليارا بعد عامين، كما أن فرنسا تحتل المركز الثاني بين الدول المستثمرة في الاقتصاد التركي. ويريد الجانبان، كما قالت الخارجية الفرنسية، توثيق تعاونهما الأمني وهو ما برز في تفكيك الأجهزة الفرنسية لخلايا حزب العمال الكردستاني على الأراضي الفرنسية. وفي بادرة تعكس رغبة باريس في «تدليل» أردوغان، فإن اختتام «الموسم التركي» في فرنسا سيجري من خلال استعراض فني في قصر فرساي الشهير، بحضور رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه.