مصادر دبلوماسية أوروبية لـ «الشرق الأوسط»: لن نخلق مشكلات للبنان إذا لم يصوت لصالح عقوبات إضافية على إيران في مجلس الأمن

قالت إن استحقاقات صعبة تنتظر الرئاسة اللبنانية لمجلس الأمن الدولي في مايو القادم

TT

يتأهب لبنان لترؤس مجلس الأمن الدولي في الأول من مايو (أيار) القادم، بحيث يتسلم الرئاسة الدورة التي تدوم شهرا واحدا من اليابان. وهذه المرة الثانية التي ينتخب فيها لبنان عضوا غير دائم، ويترأس مجلس الأمن، إذ سبق له أن انتمى إلى مجلس الأمن عامي 1953 و1954. وترى مصادر دبلوماسية أوروبية واسعة الاطلاع، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أنه إذا كان ترؤس لبنان مجلس الأمن سيعيده بقوة إلى الخريطة الدبلوماسية الدولية فإن لبنان مقدم، في المقابل، على «استحقاقات» صعبة، أبرزها كيفية التعامل مع مشروع قرار فرض عقوبات اقتصادية ومالية على إيران بسبب ملفها النووي، بعدما أعطت الصين بعض المؤشرات التي تدل على تخليها عن معارضتها السابقة، واستعدادها للسير في سلة رابعة من العقوبات على طهران.

وتعتبر المصادر المشار إليها أنه بالنظر إلى تطورات الأيام الماضية، فثمة احتمالان: الأول أن يتم التصويت على مشروع قانون العقوبات، الذي وزعت الولايات المتحدة الأميركية مسودة أولى عنه مؤخرا على عدد من أعضاء المجلس خلال الشهر الحالي، أي إبان الرئاسة اليابانية. وفي هذه الحال، ستكون «معاناة» الدبلوماسية اللبنانية أقل، إذ ستكون مسؤوليتها «محدودة»، وستنحصر في بلورة موقف لبناني يمكن التسويق له وتبريره والدفاع عنه. وتسعى الدول الغربية لـ«الاستفادة» من الرئاسة اليابانية الحالية المؤيدة للعقوبات من أجل تمرير مشروع قرار العقوبات. وفي رأي المصادر الدبلوماسية، فإن قمة الأمن النووي المقررة في واشنطن ما بين 12 و14 الشهر الحالي فرصة للإدارة الأميركية وللدول الغربية الثلاث، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، للدفع باتجاه إقرار المشروع.

غير أن هذا السيناريو، وفق المصادر الفرنسية، «ليس مؤكدا»، إذ إن الموقف الصيني «ما زال غامضا»، ولأنه «لم تعرف بعد طبيعة العقوبات التي تقبلها الصين والعقوبات التي ترفضها.. وما العتبة التي ترفض تجاوزها، لأن فيها إضرارا بمصالحها الحيوية مع إيران». ولذا، فإن المساومات سوف «تستهلك» الكثير من الوقت، بحيث يرجح أن تمتد إلى شهر مايو (أيار). فضلا عن ذلك، تعتبر المصادر الأوروبية أنه يتعين إقناع الدول المترددة من غير الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، بحثا عن موقف «إجماعي» ولغرض إرسال رسالة «قوية» إلى السلطات الإيرانية. ويتشكل الأعضاء غير الدائمين من: النمسا، والبوسنة، والبرازيل، والغابون، واليابان، ولبنان، والمكسيك، ونيجيريا، وأوغندا وتركيا. وبحسب مصادر فرنسية رسمية، فإن دول «الممانعة» تتشكل من لبنان والبرازيل وتركيا ونيجيريا، وربما من بلد أفريقي إضافي.

من هذا المنطلق، يرجح أن تطول فترة المساومات وتمتد إلى شهر مايو. وكان الرئيس الأميركي أعلن مؤخرا أنه «ينتظر» إقرار العقوبات خلال الربيع الحالي، مما يعني أن المشاورات قد تمتد إلى شهر يونيو (حزيران). ومشكلة لبنان أنه كرئيس لمجلس الأمن لديه صلاحيات، وعليه واجبات. ومن صلاحياته الدعوة إلى اجتماع المجلس وتحديد جدول الأعمال والقيام بدور «الوسيط» للتوفيق بين الأعضاء.وترجح المصادر الأوروبية أن تصاب الدبلوماسية اللبنانية بـ«الإحراج»، خصوصا إذا نجحت الدول الغربية في التوصل إلى ما يشبه الإجماع، بحيث يظهر لبنان على أنه «الخروف الأسود». ويرجح أن يعمد لبنان عندها إلى الامتناع عن التصويت، بحيث يتحاشى أن يلتحق بفريق، أو يكون ضد فريق آخر. واستبقت المصادر الأوروبية بتأكيدها أنها لن تلوم لبنان «في حال عارض مشروع قرار العقوبات، أو امتنع عن التصويت عليه، لأننا نعرف وضعه الداخلي وتوازناته السياسية وعلاقاته الإقليمية والخارجية - في إشارة إلى سورية وإيران - ولا رغبة لنا في خلق المشكلات للحكومة اللبنانية». وأفادت المصادر الأوروبية أن الموضوع أثير مرارا مع الجانب اللبناني، «على أعلى المستويات»، وأن جواب المسؤولين اللبنانيين الرسمي هو أن لبنان «يمثل الدول العربية»، وبالتالي يتعين عليه التشاور معها. وبأي حال، فإن لبنان سيصوت «وفق مصلحته الوطنية». وحتى تاريخه، لم يطرح الموضوع على مجلس الوزراء اللبناني. ولكن كثيرين من المتابعين لتطورات الوضع اللبناني يعتبرون أن لبنان سيكون مضطرا إلى «مسايرة» حزب الله وحركة أمل في الداخل، تفاديا لاهتزاز الوضع السياسي والأمني، ولحدوث انقسامات خطيرة داخل الحكومة والدولة. أما على المستوى الإقليمي، فسيكون مضطرا إلى مسايرة سورية وإيران. ولذا، فإن السؤال المطروح سيكون التالي: هل ستقبل الجهات الداخلية والإقليمية بحياد الموقف اللبناني وبالامتناع عن التصويت؟ أم أنها ستدفع الحكومة للتصويت ضد العقوبات؟