الصومال: عشرات القتلى والجرحى في معارك طاحنة بين المتمردين الإسلاميين والقوات الحكومية

وسط معلومات عن عمليات انتحارية باستخدام الحمير والكلاب

TT

ارتفعت، أمس، درجة حرارة المشهد السياسي والعسكري في الصومال، وسط معلومات عن عمليات إرهابية محتملة للمتمردين الإسلاميين المرتبطين بتنظيم القاعدة، في وقت تواجه فيه خطط الحكومة الصومالية لاستعادة السيطرة على كل أنحاء العاصمة الصومالية مقديشو، صعوبات تهددها بالفشل أو الإلغاء.

وقال مسؤول رفيع المستوى في السلطة الصومالية التي يقودها الرئيس الانتقالي الشيخ شريف شيخ أحمد، إن جهود السلطة لشن حرب واسعة النطاق ضد المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة بها، تصطدم بعقبات كثيرة مما قد يؤخرها بعض الوقت.

وأوضح المسؤول الذي طلب عدم تعريفه في اتصال هاتفي من العاصمة الصومالية مقديشو، أن العملية العسكرية المرتقبة تأخرت بسبب مشاكل لوجيستية ومالية، لافتا إلى أن الرئيس الكيني مواى كيبيكي رفض أخيرا طلبا تقدم به الشيخ شريف بإعادة إرسال القوات الحكومية الصومالية التي تدربت في كينيا إلى الصومال للانضمام إلى الجيش الصومالي قبل بدء هذه العملية.

وأضاف أنه «بطبيعة الحال سيؤثر ذلك سلبا على مساعينا لإطلاق العملية العسكرية في أقرب فرصة، هذا الرفض سيمنح المتمردين الفرصة لكي يستمروا في تهديدنا على الأرض».

وكشف النقاب عن أن الشيخ شريف طلب من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ومن أحمد ولد عبد الله المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدى الصومال، محاولة إقناع كينيا مجددا بالاستجابة إلى طلبه.

ومع ذلك أكد المسؤول الصومالي لـ«الشرق الأوسط» أن حكومته ما زالت تخطط لشن هجوم لطرد المتمردين الإسلاميين إلى خارج العاصمة مقديشو، لكنه امتنع في المقابل عن تحديد موعد لبدء هذا الهجوم الذي قال إن كل القوات الحكومية ستشارك فيه بدعم من قوات حفظ السلام الأفريقية (الأميصوم).

ولدى الجيش الصومالي قوات يقدر عددها بنحو ثلاثة آلاف مقاتل، لكنهم ضعيفو التسليح والتدريب، مما دفع حكومة الشيخ شريف إلى إرسال آلاف الشباب حديثي السن إلى الدول المجاورة مثل أوغندا وكينيا لصقل خبراتهم القتالية والحصول على تدريبات عسكرية محترفة.

وتنشر القوات الأفريقية نحو أربعة آلاف جندي من أوغندا وكينيا، لكن خطط الاتحاد الأفريقي لمضاعفة هذا العدد قد فشلت حتى الآن بسبب عدم رغبة الدول الأعضاء في الانغماس في النزاع العسكري بالصومال.

من جهتها قالت مصادر في الحكومة الصومالية وقوات الأميصوم لـ«الشرق الأوسط» إنها تتوقع إقدام المتمردين الذين يمثلون خليطا من حركة الشباب المتشددة وعناصر الحزب الإسلامي على تنفيذ عمليات انتحارية جديدة لإرباك خطط الحكومة الهجومية.

ويعتقد على نطاق واسع أن المتمردين لديهم خطط لمهاجمة الميناء البحري في العاصمة الصومالية بسفن محملة بالمتفجرات، علما بأن الميجر باريجي باهوكو المتحدث باسم بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال أبلغ وكالة «رويترز» أمس أن «لديهم معلومات بأن حركة الشباب تريد استخدام زورق محمل بالمتفجرات لمهاجمة الميناء البحري».

لكنه أضاف «لا نعرف متى يمكن أن يقع الهجوم.. لكنهم يخططون له، نعرف أنهم يعدون حافلات في منطقة شابيلا السفلى لشن هجمات انتحارية».

وقال مصدر مسؤول في جهاز الأمن الصومالي لـ«الشرق الأوسط» إن حالة الاستنفار القصوى بين القوات الحكومية والأفريقية قد أعلنت تحسبا لهذه الهجمات، وأضاف: «نسعى لمنع أي هجوم انتحاري، لكن بإمكان المتمردين دائما التسلل خلسة لتنفيذ عملياتهم الإرهابية».

وتلقى الاتحاد الأفريقي أيضا معلومات من مصادر داخل حركة الشباب تفيد بأن شاحنات وحيوانات مثل الحمير والكلاب قد تستخدم لاستهداف قوات حفظ السلام الأفريقية وزعزعة استقرار حكومة الشيخ شريف.

وقالت جماعة أهل السنة والجماعة وهي جماعة إسلامية معتدلة في الصومال وقعت الشهر الماضي اتفاقا لاقتسام السلطة مع الحكومة إن لديها معلومات ذات مصداقية عن هجوم جرى التخطيط له ضد ميناء مقديشو.

وقال الشيخ عبد الله يوسف المتحدث باسم الجماعة «لدينا معلومات ملموسة على أن حركة الشباب تخطط لاستخدام زوارق لمهاجمة موانئ مقديشو وبوصاصو وموانئ يمنية».

وكانت حركة الشباب المجاهدين قد هددت على لسان الشيخ محمود على راغي الناطق الرسمي باسمها بالسيطرة على العاصمة مقديشو قبل وصول القوات الحكومية التي تلقت أخيرا تدريبات عسكرية في الخارج.

وتوعد راغي بسيطرة حركته على المواقع المخصصة للقوات الأوغندية العاملة ضمن بعثة الأميصوم في الصومال، لكنه كالمعتاد لم يحدد تاريخا لهذا ولم يشرح الخطة العسكرية التي ستنفذها قوات الحركة.

وفى إطار الاشتباكات شبه اليومية بين القوات الحكومية والمتمردين، قالت مصادر في مقديشو لـ«الشرق الأوسط» إن ما لا يقل عن ثلاثين شخصا قد قتلوا في المعارك الضارية التي وقعت أول من أمس بين الطرفين، في الأحياء الجنوبية والشمالية من المدينة.

وقال أطباء في مستشفى المدينة إن غالبية الجرحى من المدنين والأطفال، وأوضحوا أن عشرات المصابين تدفقوا على المستشفى الذي يعانى نقصا هائلا في الإمكانات الطبية والبشرية لتلقى العلاج.

وبسبب أعمال العنف والقتال في مقديشو، وغيرها من مختلف المدن المجاورة، فر أكثر من 100 ألف صومالي من ديارهم في عمليات نزوح جماعية مستمرة منذ مطلع العام الحالي.