مصدر في وكالة الطاقة لـ «الشرق الأوسط»: نحقق في حصول إيران على معدات حساسة للتخصيب بعد «إيميل» غامض

نجاد لأوباما: السيد المحترم يذهب إلى بلد لديه فيه 50 ألف جندي من دون إعلان مسبق.. فمن المعزول فينا؟

محمود أحمدي نجاد خلال زيارته لمدينة سرجان شرق إيران أمس (إ.ب.أ)
TT

أكد مصدر مطلع في وكالة الطاقة الذرية أن الوكالة في فيينا، و«جهات أخرى»، تُحقق في نجاح إيران في الحصول على معدات متطورة، عبر وسيط صيني في شنغهاي، من شأنها أن تسرع وتيرة تخصيب اليورانيوم، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن المعلومات حول حصول إيران على تلك المعدات وصلت للوكالة الذرية عبر «رسالة إلكترونية» في يناير (كانون الثاني) الماضي، رافضا أن يحدد هوية الجهة التي أرسلت الرسالة. وقال المصدر، المتابع لملف إيران في الوكالة، إنه ليس من الواضح بعد ما إذا كانت هناك معدات أخرى وصلت لإيران عبر الوسيط نفسه، موضحا: «التحقيقات في مرحلة أولى، ونحتاج إلى سؤال الإيرانيين أسئلة عدة خاصة بهذه المعدات. لكن الملاحظات الأولية أن الإيرانيين لسبب أو لآخر واجهوا صعوبات في زيادة تخصيب اليورانيوم بالمعدلات التي يريدونها. والاحتمال الذي تعمل عليه الوكالة وجهات أخرى هو أن تكون تلك المعدات الجديدة متعلقة بمحاولات إيران التغلب على مشكلات خاصة بالتخصيب وأعطال في آلات الطرد المركزي من أجل زيادة معدلات التخصيب سريعا».

ومن المعروف أن إيران تعهدت مرارا خلال الأسابيع المقبلة بأنها سوف ترفع درجة تخصيبها لليورانيوم لإنتاج الوقود النووي تدريجيا، إذا ما أصر الغرب على عرضه، الذي يقضي بأن ترسل طهران نحو 75% من اليورانيوم منخفض التخصيب الذي لديها لدولة ثالثة، مقابل حصولها على وقود نووي للاستخدام في مفاعل الأبحاث في طهران. لكن، على الرغم من مساعي إيران، فإن آلات الطرد المركزي «بي 2» التي لدى إيران واجهت مشكلات فنية، أعاقت أن تسير طهران بالوتيرة التي تريدها. ويقول محللون إن السبب الأساسي في أعطال آلات الطرد المركزي من طراز «بي 2» لدى إيران يعود إلى أن أجزاء كثيرة تم استيرادها سرا عبر كوريا الشمالية وليبيا، أو السوق السوداء، مما يجعلها عرضة لمواجهة مشكلات فنية أكبر.

وقال مصدر آخر مطلع في الوكالة لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أمس، إن تحقيقات الوكالة تدور حول استيراد إيران صمامات وأجهزة لقياس الفراغ، تستخدم في عملية تخصيب اليورانيوم، بصورة غير مشروعة وبطريقة «حذرة وسرية»، عبر وسيط يمثل مؤسسة صينية كبيرة في شنغهاي، وذلك خلال الأسابيع الأخيرة.

وأوضح مصدر قريب من التحقيق الذي تجريه الوكالة الدولية أن إيران قامت بنحو 10 محاولات للحصول على الصمامات التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم خلال العامين الماضيين. وقال: «لقد تمكنت من تسلم بعض الشحنات، وأخرى لا». وهذه المعدات تنتجها مؤسسة فرنسية، كانت تابعة حتى ديسمبر (كانون الأول) الماضي للمجمع الصناعي الأميركي «تايكو إنترناشونال». وأكدت الشركتان لـ«وول ستريت جورنال» عدم علمهما بشيء عن هذا الموضوع. ويكثف الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وإدارته الضغوط على أعضاء مجلس الأمن لفرض عقوبات جديدة على إيران، في حين تؤكد طهران أنها نجحت في إقناع الصين بأن هذه العقوبات لم تعد ضرورية. وكان مسؤلون إيرانيون قد قالوا مؤخرا إن إيران تشغل نحو 6 آلاف جهاز للطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، وإن عدد أجهزة الطرد المركزي التي تشغلها زادت أكثر من 1000 جهاز خلال مدة شهرين.

إلى ذلك أعلن الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، أمس، في خطاب ألقاه في سرجان، جنوب شرق إيران، أن العقوبات والضغوط الدولية «مفيدة»، لأنها «تعزز تصميم» إيران على مواصلة برنامجها النووي. وفي إشارة إلى تلويح الدول الغربية بعقوبات جديدة لإرغام طهران على تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم، الذي يثير قلق المجتمع الدولي، قال أحمدي نجاد: «لا تظنوا أن في إمكانكم وقف مضي الأمة الإيرانية على طريق التقدم». وتابع «في إمكانكم بذل كل المساعي الممكنة، إصدار تصريحات وتبني قرارات.. لكن كلما ازداد عداؤكم لنا، ازداد تصميم الأمة الإيرانية على المضي قدما». وأكد أحمدي نجاد أن إيران «تعاونت إلى أقصى حد» مع الأسرة الدولية لمحاولة إقناعها بأن برنامجها النووي سلمي. وتابع متوجها إلى قادة القوى النووية «إن أردتم وقف انتشار الأسلحة النووية، فدمروا أسلحتكم النووية، وأنفقوا هذه الأموال على شعوبكم».

ورد الرئيس الإيراني، أمس، على الرئيس الأميركي، فيما يتعلق باستمرار عرض الحوار الدبلوماسي، قائلا: «لم يغير شيئا في سياسة أسلافه المعادية لإيران.. أوباما جاء بإعلان التغيير ورحبنا به.. لكن ما الذي تغير؟ ما زالت الضغوط متواصلة، وكذلك العقوبات. وما زالت سياسات واشنطن في العراق وأفغانستان هي ذاتها».

وأضاف نجاد: «يقول الأميركيون إنهم يريدون فرض عقوبات شاملة، لكنهم لا يفهمون أن هذه العقوبات في صالحنا. الأميركيون يتصورون أننا سننزعج إذا رفضوا بيع الغازولين لنا.. لكن لا. سنخبر موردين آخرين أن يصدروه لنا». وتابع ساخرا: «يقولون: نريد فرض عقوبات على الوقود. لمَ لا تفعلون ذلك؟ كلما أسرعتم كان أفضل».

كما سخر الرئيس الإيراني من الحديث حول عزلة إيران، موضحا أن الرئيس الأميركي عندما أراد أن يزور أفغانستان زارها سرا، من بدون إعلان مسبق لأسباب أمنية، قائلا: «دعونا أولا نرى من المعزول فينا. نحن نعتقد أن هؤلاء الذين لا يستطيعون الظهور علانية بين الناس ويتحدثون إليهم بشكل مباشر، هؤلاء هم المعزولون. هؤلاء الذين يخشون مقابلة الشعوب. السيد المحترم يذهب إلى بلد لديه فيه 50 ألف جندي من دون أى إعلان مسبق.. فمن المعزول فينا؟». وعلى النقيض أشار الرئيس الإيراني إلى زيارته إلى أفغانستان في مارس (آذار) الماضي، موضحا أنها تمت بشكل علني، وأعلن عنها قبل القيام بها، واستقبل بحرارة من قبل نظيره الأفغاني. ثم وجه كلامه مجددا لأوباما قائلا: «أنت تعزل نفسك، لكنك متهور، ولا تفهم ذلك».

ورفض أحمدي نجاد دعوة الحوار مع واشنطن، وقال متحدثا، أثناء تدشين مصنع، بأن الرسالة التي وجهها الرئيس الأميركي أثناء الاحتفالات بالسنة الإيرانية الجديدة الشهر الماضي «تضمنت 3 أو 4 كلمات معسولة»، ولكن لم يكن هناك جديد في الفحوى. وتابع أحمدي نجاد في كلمة أذاعها التلفزيون: «يقولون: مددنا يدنا إلى الشعب الإيراني إلا أن الحكومة الإيرانية والشعب الإيراني قاما بردها. أي يد مدت إلينا؟».

وكانت استخبارات الجيش الأميركي قد كررت مرارا خلال الأيام الماضية الاتهامات لإيران بتهريب أسلحة وقنابل طرق إلى عناصر طالبان في أفغانستان، إلا أنه يوم أمس حذر مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية من أن واشنطن لديها معلومات أن طهران تسعى لتهريب شحنة أسلحة كبيرة إلى أفغانستان خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وقال المسؤول الدفاعي الأميركي في تصريحات لمحطة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية: «المعلومات التي لدينا وصلتنا من مصدر إيراني، أعطانا من قبل معلومات صحيحة حول شحنات أخرى»، غير أن المسؤول الأميركي رفض الخوض في تفاصيل إضافية بسبب حساسية الموضوع.

من جهته، أعلن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، أن مشاريع لبناء محطة أو محطتين لتخصيب اليورانيوم طرحت على أحمدي نجاد. وقال إن أعمال بناء الموقعين الجديدين قد تبدأ خلال النصف الأول من هذه السنة، علما بأن العام الإيراني ينتهي في مارس 2011. وقال صالحي متحدثا إلى وكالة الأنباء العمالية الإيرانية: «سنطلق منشأة أو منشأتين». وأضاف أن «هاتين المنشأتين ستتوزعان على منطقتين مختلفتين من البلاد، وستبنيان في الموقعين اللذين يقررهما أحمدي نجاد».

وسعت طهران هذا الأسبوع للحصول على دعم من الصين، حليفها الرئيسي وشريكها الاقتصادي الأول، فيما يتعلق بالخلافات مع الغرب حول الملف النووي، فأرسلت كبير مفاوضيها في الملف النووي، سعيد جليلي، إلى بكين. وأكدت الصين بهذه المناسبة أنها متمسكة بالدعوة إلى تسوية «سلمية» للخلاف بين طهران والأسرة الدولية حول الملف النووي، عوضا عن اعتماد عقوبات اعتبرتها الصين «غير مجدية». غير أن بكين تحدثت أيضا عن تسوية سلمية «سريعة». من جهته، واصل وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي، في الغابون جولة يقوم بها مسؤولون إيرانيون على عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، يمكن أن تدعم الموقف الإيراني إذا ما قرر مجلس الأمن الدولي إجراء تصويت في العقوبات على طهران. وكان مسؤول أميركي مطلع قد قال لـ«الشرق الأوسط» إن واشنطن تريد أن تبدأ مناقشة مسودة العقوبات منتصف الشهر الحالي، على أن يتم التصويت على قرار عقوبات بحلول يونيو (حزيران) المقبل.