اعتقال ناشر كتاب «البرادعي وحلم الثورة الخضراء» من منزله بالقاهرة

المؤلف: حذرت من التفاف قوميين وإسلاميين حول مرشح الرئاسة المحتمل

TT

اعتقلت السلطات المصرية ناشر كتاب يدور حول المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المصرية في 2011، الدكتور محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي حين قال شريك الناشر ومحاموه إن أحمد مهنى، مدير دار «دوِّن للنشر والتوزيع»، اعتقل من منزله في ضاحية المطرية شمالي القاهرة، في وقت مبكر من فجر أمس، أعرب كمال غبريال مؤلف كتاب «البرادعي وحلم الثورة الخضراء» عن صدمته من الواقعة، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن الكتاب لا يعتبر ترويجا للبرادعي، ولا يناقش مسألة الترشح لانتخابات الرئاسة، وإنما يتحدث عن طبيعة الحراك الذي أحدثه هذا الرجل بعد تقاعده من منصبه في وكالة الطاقة الذرية. من جانبها، أجلت مصادر في إدارة الإعلام بوزارة الداخلية التعليق.. «إلى حين التحقق من الواقعة».

وأعربت منظمات حقوقية مصرية عن غضبها من واقعة اعتقال الناشر مهنى، وقالت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» أمس إنها «تدين بشدة قيام مباحث أمن الدولة باقتحام منزل الناشر أحمد مهنى مدير (دار دوِّن)، واعتقاله فجر أمس، على خلفية نشر الدار للكتاب على الرغم من أن الكتاب مطروح في الأسواق فعليا منذ أسبوع»، قائلة إن الواقعة تنبئ عن نية الحكومة «إسكات كل الأصوات المعارضة لها والمؤيدة لحملة الدكتور البرادعي والجمعية الوطنية للتغيير».

وقال مصطفى الحسيني، الشريك في «دار دوِّن»، لـ«الشرق الأوسط»: «فوجئنا باقتحام رجال الأمن منزل مهنى الساعة الواحدة ليلا ولم يجدوا أي شيء، وسألوه عن كتاب (البرادعي والثورة الخضراء)، والأسباب والكيفية التي تم بها نشر هذا الكتاب، ولم يجدوا نسخا منه في بيته، فأخذوا مجموعة كتب مختلفة من مكتبته، ونزلوا به ولا نعلم مكانه، وهاتفه مغلق». وأضاف الحسيني أن مهنى «مُتحفظ عليه لدى سلطات الأمن وأن الكتاب المشكلة يتكلم عن حركة التغيير في مصر، بسبب قرب الانتخابات الرئاسية، وأن الدكتور البرادعي عنده شجاعة أنه موجود، والكاتب يطلب من البرادعي مطالب؛ منها الإصلاح وتحقيق الديمقراطية.. وغيره». واعتبرت محامية الناشر، روضة أحمد، أن مدير «دار دوِّن» «مُختطف»، وقالت: «منذ اختطاف أحمد مهنى فجر اليوم (أمس) وحتى الآن لا أحد يعرف مكانه أو مصيره أو حتى أسباب اعتقاله أو التهم الموجهة له أو ما إذا كانت هناك محاكمة له أم لا»، معربة عن اعتقادها بوجود علاقة بين الجولة التي قام بها البرادعي في مدينة المنصورة، بالدلتا، وواقعة القبض على ناشر الكتاب الذي يدور حوله. وكان البرادعي قد قام بجولة مع أعضاء من جمعيته (الجمعية الوطنية للتغيير) في المنصورة يوم الجمعة الماضي، حيث تحدث هناك، ولأول مرة، في مؤتمر شعبي حضره نحو ألف من أنصاره. وقالت روضة: «ما حدث في المنصورة (عامل) ضجة، وكنا نتوقع ذلك». ومع أن الدكتور حسن نافعة المنسق العام لجمعية البرادعي (الجمعية الوطنية للتغيير)، توقع أن «تشتد قبضة الأمن، خاصة مع ازدياد شعبية البرادعي ونفاذ خطابه للمصريين»، فإنه قال لـ«الشرق الأوسط» إن اعتقال مهنى لا علاقة له بحملة البرادعي، لأن مؤلف الكتاب كمال غبريال «دائما يهاجم المناصرين للبرادعي، وعلى السلطات أن تراجع الكتاب، وقد تعطي لمن أصدره جائزة.. أعتقد أن ما حدث يتعلق بعناوين الكتاب لأن فيها اسم البرادعي، من دون أن يقرأ المختصون المنزعجون مضمونه». ووجه نافعة «نداء للمصريين أن لا يخافوا إطلاقا، وعليهم أن يقدموا التضحيات المطلوبة للحصول على الحرية»، على حد قوله. وكتاب «البرادعي وحلم الثورة الخضراء» عبارة عن مقالات سبق لمؤلفه كمال غبريال، نشرها في وسائل إعلامية مختلفة، وتتضمن نقدا للحكومة وللشعب المصري وثقافته، وتتضمن أيضا محاذير من أن يتسبب التفاف بعض القوميين والإسلاميين حول حركة البرادعي، في إجهاض مسيرته. ولا يركز الكتاب، في مجموعه، على البرادعي كإنسان، ولكن يتناول المجتمع المصري الذي بدأ جانب منه يلتفت لحركة البرادعي ويتفاعل معها. وعلق غبريال، بقوله لـ«الشرق الأوسط»: «سمعت الخبر واندهشت له، لأن الكتاب عبارة عن تحليل علمي رصين للواقع المصري، وتطرقت فيه للحركات التي تنشد التغيير في مصر، مثل حركة البرادعي. وعرضت في الكتاب أن المطلوب هو إيجاد تغيير ثقافي، وحراك مجتمعي قبل التغيير السياسي أو المطالبة بتعديل القوانين أو تغيير الدستور». وأضاف: «موضوع الكتاب علمي وتحليلي، وما يتضمنه لا يزعج أي جهة كانت، وما يخص البرادعي لا يزيد على ثلث الكتاب».

ولم يستبعد غبريال مساءلته من جانب السلطات، وقال: «كل شيء جائز، ومستعد وأرحب بالمساءلة، لأنني أعمل من أجل صالح هذا البلد، من خلال الطرق القانونية والدستورية».