«عيد البشارة» يغضب الإسلاميين ومطالبة «دار الفتوى» بالتدخل

«الجماعة الإسلامية» تعتبر العيد مجاملة لا تعدو كونها «كذبا» و«نفاقا»

TT

اعترضت «الجماعة الإسلامية» في لبنان ومعها هيئات إسلامية طرابلسية على قرار مجلس الوزراء اللبناني القاضي بتبني «عيد البشارة» - الذي يحتفل به المسيحيون في الخامس والعشرين من مارس (آذار) من كل سنة - واعتباره عيدا وطنيا رسميا لبنانيا، يشارك باحتفالاته المسلمون والمسيحيون معا، لما يحمل من قواسم مشتركة. وطالب الإسلاميون دار الفتوى بالتدخل لإعادة الأمور إلى نصابها، وتصحيح التجاوزات الشرعية التي ارتكبت.

وقد احتفل اللبنانيون بالفعل منذ عدة أيام بهذا العيد، وفقا لقرار مجلس الوزراء، وأغلقت الإدارات الرسمية، وأقيمت احتفاليات وتراتيل مشتركة جمعت مسيحيين ومسلمين، حول «تلقي مريم العذراء البشارة بكلمة من الله بحملها بالسيد المسيح».

لكن الهيئات الإسلامية تداعت لتدارس ما حدث في هذه الاحتفاليات وأصدرت بيانا طالبت فيه «دار الفتوى والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بالتزام الموقف الشرعي الذي أكد عليه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، مع التذكير بالمسؤولية أمام الله تعالى وضرورة التزام حدوده دون إفراط أو تفريط».

وجاء في البيان أنه: «وبعد الاحتفال الذي جرى في كنيسة سيدة الجمهور بحضور ممثلين عن المرجعيات الرسمية والروحية الإسلامية والمسيحية وما خالط ذلك من أناشيد وتراتيل وابتهالات وأدعية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين، وتداخل عبارات الأذان مع عبارات القداديس، ودعوة السيدة مريم «أمًّا لله» - تعالى عما يصفون - فضلا عن الكورالات العربية والفرنسية والأرمنية والسريانية، تداعت الهيئات الإسلامية في مدينة طرابلس، وتدارست مجريات الأمور». وعلى الرغم من أن البيان أكد كل المعاني السامية للعيش المشترك بين المسلمين وغيرهم في لبنان، وعلى الإيمان العميق بمكانة السيدة مريم، «فإن ذلك ليس من شأنه إيجاد أي أساس أو مبرر شرعي مقبول لإغفال الخلاف العقيدي.. أو دمج شعائر المسلمين بغيرهم تحت أي مسمى من المسميات»، بحسب ما جاء في البيان.

وانتقد الإسلاميون لجنة الحوار الإسلامي - المسيحي صاحبة المبادرة لهذا العيد واعتبروا أن «الحوار الإسلامي - المسيحي لا يجوز أن يؤدي بأي شكل من الأشكال إلى اشتراع أعياد ظاهرها وطنية وحقيقتها دينية ملتبسة».

وقد وزع البيان في المساجد بعد صلاة الجمعة أول من أمس، ونشرته الجماعة الإسلامية على موقعها الرسمي، وكتب عزام الأيوبي رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية مقالا حمل عنوان: «المجاملات في الدين والعقيدة لا تبني حوارا»، منتقدا «بعض العاملين في ميدان الحوار بسبب ابتداع شعائر وطقوس دينية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين، متجاهلين - بقصد أو بغير قصد - أن الدخول في مثل هذا المسار سيحرف الحوار الإسلامي - المسيحي عن طريقه الصحيح، وسيؤدي به إلى فشل محقق، فضلا عن أنه سيفتح المجال واسعا أمام المتشددين الذين لا يؤمنون بجدوى الحوار من كلا الطرفين للطعن فيه وفي مصداقيته وأهدافه».

ورد الأمين العام للجنة الوطنية الإسلامية - المسيحية للحوار محمد السماك، يوم أمس، على بيان الهيئات الإسلامية ببيان اعتبر أن «احتفال مدرسة الجمهور نظمته ودعت إليه جمعية متخرجي المدرسة، وهي بالتالي وحدها المسؤولة عنه، ولا علاقة للجنة الإسلامية - المسيحية للحوار بما تضمنه».

وأوضح البيان أن «هناك فرقا بين العيد الديني والعيد الوطني. الأول يقوم على العقيدة، أما الثاني فيقوم على المصالح الوطنية المشتركة. هناك اختلافات عقيدية بين الإسلامية والمسيحية. والحوار لم يكن في أي وقت حوارا دينيا فقهيا - لاهوتيا، ولكنه كان دائما حوارا وطنيا حول العيش المشترك»، لافتا إلى أن «المكانة الرفيعة التي تتمتع بها السيدة مريم في الإسلام وفي المسيحية وفرت قاعدة إسلامية - مسيحية مشتركة لعيد وطني ومن دون أي محاولة لتجاوز ما بين العقائد من اختلافات».

وجدير بالذكر أن الأعياد الرسمية في لبنان تنقسم بين وطنية جامعة ودينية تخص كل طائفة. وبعض الأعياد الدينية الخاصة بالطوائف لم تتحول إلى أعياد رسمية، تغلق بمناسبتها الدوائر الحكومية والمؤسسات الخاصة، وهذا هو حال «عيد البشارة» الذي أخرج، هذه السنة، بعد قرار لمجلس الوزراء من طابعه الديني المسيحي، وأضفيت عليه مسحة وطنية للجمع بين الديانتين المسيحية والإسلامية، على اعتبار أن الديانتين تنظران بإجلال للسيدة مريم.