الحزب الإسلامي الصومالي يمهل محطات الإذاعة 10 أيام لوقف بث الأغاني والموسيقى

وزير الإعلام الصومالي لـ «الشرق الأوسط»: دعوة مستحيلة تعبر عن الإفلاس الفكري ومجرد فرقعة إعلامية

احدى العاملات في محطة شابيل الاذاعية الصومالية في مركز البث وبجانبها اشرطة مسجلة أمس بينما اصدرت ميليشيا اسلامية معارضة أوامر بوقف بث الموسيقى من جميع الاذاعات في الصومال (أ ب)
TT

أصدر الحزب الإسلامي الصومالي المعارض الذي يتزعمه الشيخ حسن طاهر أويس قرارا بحظر بث الموسيقى والأغاني من المحطات الإذاعية في العاصمة مقديشو، وأمهل الحزب 10 أيام المحطات الإذاعية بوقف بث الأغاني والموسيقى بشكل نهائي، في هذه الأثناء قال معلم حاشي محمد فارح فارح، مسؤول إقليم العاصمة في الحزب، إنه يرحب بانضمام المقاتلين الإسلاميين من خارج الصومال إليهم، كما أعرب عن استعداد الحزب لاستقبال أسامة بن لادن في الأراضي الصومالية.

وكان القيادي في الحزب الإسلامي معلم حاشي محمد فارح يتحدث في مؤتمر صحافي في العاصمة مقديشو، حيث حمل على المحطات الإذاعية التي وصفها بأنها تنشر الثقافة الغربية. وقال معلم فارح إن حزبه لن يسمح ببث الموسيقى والأغاني من هذه المحطات بعد انتهاء مهلة العشرة أيام، وأضاف أن الحزب أصدر أوامر صارمة وواضحة إلى المحطات الإذاعية بوقف بث الأغاني والموسيقى بعد 10 أيام، فالأغاني والموسيقى ليستا من الإسلام، ولا نقبل ببثهما إطلاقا، وأعطينا فرصة عشرة أيام كي ينظموا أنفسهم.

وأضاف معلم حاشي أن منظمات غربية كثيرة ستنتقد هذا القرار بذريعة تقييد حرية الإعلام، وقال إن ذلك ليس كما يزعمون، وأي محطة تقوم ببث الأغاني والموسيقى بعد مهلة العشرة أيام سيتم اعتبارها تخدم نشر الثقافة الغربية في المجتمع الصومالي المسلم، وستتم محاكمتها وفق ذلك. وبموجب هذا القرار يمنع بث حتى الفواصل الموسيقية في جميع البرامج التي تقدمها المحطات الإذاعية. وقد استنكرت الحكومة الصومالية التي تسيطر على أجزاء من العاصمة هذه الخطوة التي اتخذها الحزب الإسلامي المعارض، واتهم عبد الرزاق قيلو المتحدث باسم وزارة الإعلام الصومالية الحزب الإسلامي المعارض بمحاربة التراث الفني للشعب الصومالي، هذا التراث الذي يعبر عن هوية سكان الصومال، وإحلال أغان تمجد تنظيم القاعدة محلها.

وقال قيلو في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة إن الجماعات الإسلامية المعارضة للحكومة ومنها الحزب الإسلامي يحاربون التراث الفني الرائع للشعب الصومالي وإحلال إصدارات القاعدة محله، وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق فهوية الشعب أمر لا يمكن العبث بها لصالح ثقافة متشددة تمجد الإرهاب. وأثارت خطوة الحزب الإسلامي بحظر بث الموسيقى والأغاني حفيظة المنظمات الصحافية المحلية وكذلك العاملين في قطاع الإعلام المسموع وكذلك الوسط الفني في الصومال، وطالبوا قيادة الحزب الإسلامي مراجعة هذا القرار الذي وصفوه بأنه غير مناسب وغير منطقي.

وفي تطور آخر أكد معلم حاشي مسؤول إقليم العاصمة في الحزب الإسلامي وجود أعداد كبيرة من المقاتلين من خارج الصومال في صفوف الفصائل الإسلامية الصومالية محذرا المحطات الإذاعية من إطلاق صفة «الأجانب» عليهم. وقال إنه يجدد الدعوة لاستقبال هؤلاء المقاتلين بمن فيهم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وتوفير ملاذ لهم لخوض القتال الدائر في الصومال. وأضاف «أن الأجانب هم الأوغنديون والبرونديون والجنود الأفارقة الموجودون في البلاد، أما المقاتلون الإسلاميون فهم إخوتنا في الجهاد، فإذا كان جلب الجنود الأفارقة مسموحا لهم فما العيب في أن نستضيف أسامة بن لادن هنا.. نعم.. إننا على استعداد لاستقباله هنا».

وتعتبر المحطات الإذاعية الوسيلة الإعلامية الأكثر تأثيرا في المجتمع الصومالي، وتنشط عشرات المحطات الإذاعية في مدن الصومال، ويوجد في العاصمة مقديشو نحو 15 محطة إذاعية تبث الأخبار السياسية والرياضية والأغاني والموسيقى والبرامج الدينية، وتملك الحكومة الصومالية محطة إذاعية واحدة تدعى «راديو مقديشو» وهي لسان الحكومة الصومالية، ومنذ إعادة تشغيل هذه المحطة في أكتوبر ( تشرين الأول) الماضي ودخولها بقوة إلى المشهد الإعلامي الصومالي أصدرت حركة شباب المجاهدين المعارضة أمرا يجرم الاستماع إلى هذه المحطة في المناطق التي تسيطر عليها الحركة (معظم جنوب الصومال وأجزاء من العاصمة مقديشو) مما اضطر كثيرا من المستمعين إلى الاستماع إليها بشكل لا يلفت الأنظار.

ودشنت الأمم المتحدة الشهر الماضي محطة إذاعية جديدة بتمويل ضخم نسبي بالمقاييس الصومالية. وتدعى المحطة الإذاعية الجديدة بَرْ كُلَنْ (نقطة الالتقاء) وتقوم الأمم المتحدة بتمويل المحطة الجديدة بميزانية تشغيلية تبلغ 1.7 مليون دولار، واستقطبت الإذاعة الجديدة عددا من الإعلاميين المعروفين في الساحة الصومالية ومن بينهم إعلاميون خدموا في هيئة الإذاعة البريطانية الـ«بي بي سي» ومؤسسات إعلامية أخرى. ويواجه العاملون في قطاع الإعلام في الصومال صعوبات جمة في ممارسة مهنتهم وتعرض عدد كبير منهم للتهديدات والاعتداء وكذلك القتل، ففي عام 2009 قتل 6 صحافيين وأصيب 12 صحافيا، كما اعتقل 15 آخرون وأغلقت 4 مؤسسات إعلامية، كما تلقى عشرات من الإعلاميين تهديدات من قبل أطراف مجهولة.

وتعليقا على هذه التصريحات، أبلغ طاهر جيلي وزير الإعلام في الحكومة الصومالية «الشرق الأوسط» عبر الهاتف أمس من العاصمة مقديشو، أن توجيه الدعوة لزعيم تنظيم القاعدة الذي تطارده مختلف أجهزة المخابرات الدولية لارتكاب عمليات إرهابية، هو تعبير عن الإفلاس الفكري ومجرد محاولة يائسة من الحزب الإسلامي لوقف انتقال مناصريه إلى خصمه تنظيم حركة الشباب المتشددة.

وقال طاهر لـ«الشرق الأوسط»: «هذا التصريح لم يكن غريبا على المتابع لمجريات الأمور داخل الحزب الإسلامي، لأنه بدأ يأخذ منحى متطابقا تماما مع حركة الشباب، خاصة من قبل بعض العناصر الفاعلة فيه مثل المعين كحاكم لمقديشو». وأضاف: «هذا التصريح غريب على من لا يعرف الحزب، لكن بالنسبة لنا هو مزايدة سياسية داخل المعارضة الصومالية، كلاهما (حركة الشباب والحزب الإسلامي) يأخذ مواقف أبعد مما هو مألوف». وتابع: «كحكومة صومالية تمثل الشعب الصومالي، نرفض هذه الدعوة من منطلقين أساسين؛ أن الإسلام الذي يريده بن لادن لا يتوافر في أي دولة إسلامية، ويعتبر أن هذه المناطق غير صالحة كدولة إسلامية، وتداعيات الحرب على تنظيم القاعدة والمواجهات مع الولايات المتحدة دفعته إلى الاختفاء».