فيما تجددت مخاوف من تكرار الهجمات التي تستهدف عناصر قوات الصحوة وعوائلهم، إثر الهجوم الذي شنه مسلحون فجر أمس على عدد من عائلات الصحوات مما أسفر عن مقتل 25 شخصا بينهم نساء وأطفال، أثيرت تساؤلات حول من يحمي عناصر تلك القوات، التي تحارب تنظيم القاعدة في أشد مناطق العراق سخونة، وكذلك حماية عوائلهم. وقال أبو عزام التميمي، مستشار عام الصحوات في العراق، لـ«الشرق الأوسط» إنه من «المفروض أن القانون والدولة التي تطبق القانون أن تحمي جميع العراقيين بمن فيهم عناصر الصحوات».
وأكد التميمي أن «من واجب الدولة حماية جميع المواطنين..وأن الجميع يبحث عن الحماية الآن وليس عناصر الصحوة فقط».
ودعمت القوات الأميركية قوات الصحوة، التي تشكلت في سبتمبر (أيلول) 2006 في محافظة الأنبار من أبناء العشائر، الذين قرروا محاربة تنظيم القاعدة في العراق. ويخشى هؤلاء من تصفيتهم، مع اقتراب انسحاب القوات الأميركية. وأوضح أبو عزام أن «البلاد تعيش وسط فراغ سياسي، إضافة إلى صراعات سياسية داخلية ومطامع إقليمية قد تعصف بالوضع الأمني في البلاد»، مؤكدا أن «حادثة البو صيفي ليست وليدة اللحظة، بل سبقتها حادثة قرية السعدان التابعة لقضاء أبو غريب جنوب بغداد أيضا، عندما تم اختطاف عدد من الأشخاص من قبل مسلحين يرتدون زي الشرطة ونفذوا حكم الإعدام بهؤلاء الأشخاص بينهم عناصر صحوة أيضا». ووقع هجوم أول من أمس في قرية تدعى البو صيفي ضمن منطقة هور رجب القريبة من منطقة العدوانية جنوب بغداد من قبل مسلحين يرتدون زي الجيش العراقي هاجموا أربعة منازل وقاموا برمي أفراد عوائل لعناصر في قوات الصحوة بالرصاص بينهم أطفال ونساء.
ولمح التميمي إلى أن «الحكومة المقبلة عليها تركة ثقيلة لحماية المواطنين العراقيين ومن بينهم عناصر الصحوات الذين حاربوا (القاعدة)، خصوصا في المناطق الساخنة ومنها مناطق جنوب بغداد». من جانبه، رجح مسؤول أمني من منطقة هور رجب، التي وقع فيها الهجوم، لـ«الشرق الأوسط» أن «يكون الجناة من قرى قريبة من قرية البو صيفي وأن هناك مسائل ثأرية تتعلق بالتبليغ عن عناصر (القاعدة) في تلك المناطق، وقد تم الانتقام من تلك العوائل التي ينتمي أفراد منها للصحوات».
وكان شهود عيان قد ذكروا أن المهاجمين كانوا يرتدون زي الجيش العراقي وقد جاءوا بعربات عسكرية، مما أثار مخاوف عودة العنف الطائفي في العراق واستئناف أنشطة الميليشيات الشيعية التي كانت قد تسللت إلى الأجهزة الأمنية.
بينما استبعد عضو القائمة العراقية وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية سابقا عبد الكريم السامرائي، أن يكون الدافع وراء «الجريمة» التي حصلت في قرية البو صيفي، متعلقا بنتائج الانتخابات، مبينا أن «هناك شكوكا تقول إن الجناة من تنظيم القاعدة». وطالب السامرائي، في تصريحات صحافية، الحكومة العراقية بـ«إجراء تحقيق فوري بهذه الجريمة وإعلان نتائج التحقيق، لكي يتسنى للشعب العراقي الاطلاع على خلفية هذا الحادث، ومحاسبة المقصرين»، متسائلا «كيف يمكن لهذه الجريمة أن تحصل وهناك عدد كبير من القوات الحكومية الموجودة في تلك المنطقة؟». ويؤكد السامرائي أن «هذه القضية ليست لها علاقة بالانتخابات، بل هي مرتبطة بنشاط لبعض العناصر المسلحة في المنطقة، لذلك لا بد من دراسة الموضوع»، مرجحا أن «يكون الإشكال العشائري هو الدافع وراء ارتكاب جريمة بهذا الحجم من المأساوية وفي منطقة واحدة». ويشدد السامرائي، وهو عضو في القائمة العراقية التي يتزعمها أياد علاوي، في حديثه على «ضرورة متابعة الملف الأمني بعد تشكيل الحكومة الجديدة، ووضع هيكلية واستراتيجية أمنية تتناسب وحجم التحديات التي يواجهها العراق». وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد حذر من اندلاع أعمال عنف إثر رفض مفوضية الانتخابات إعادة فرز الأصوات يدويا. وجاءت تحذيراته في أعقاب تقدم قائمة رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي بفارق مقعدين في البرلمان عن قائمة المالكي.
يذكر أن مناطق جنوب بغداد مثل الرضوانية والمحمودية واليوسفية كانت تعتبر من المناطق، التي تخضع لسيطرة تامة لعناصر تنظيم القاعدة خلال أعوام 2005، 2006، 2007، وقد شهدت عمليات قتل جماعية طالت المئات من العراقيين.