«قتيل» يعود إلى ذويه في رفح... بعد 3 أيام من إعلان وفاته

العائلة نعت ابنها محمد على أساس أنه قتل في قصف إسرائيلي استهدف مطار غزة الثلاثاء الماضي

TT

لم يكن حسين الفرماوي يصدق ما تراه عيناه، فكان كلما أمعن النظر في ما يشاهده ينهار ثم ينهض مجددا، فنجله محمد، الذي نعته العائلة على أساس أنه قد قتل في قصف إسرائيلي استهدف الثلاثاء الماضي منطقة مطار غزة الدولي شرق مدينة رفح، حيث تقطن العائلة، يمثل أمام عينيه سليما.

الوالدة والإخوة والجيران الذين تضامنوا مع العائلة لم يصدقوا أن محمد يمثل أمامهم. بدأت قصة محمد غير المسبوقة الثلاثاء الماضي عندما كان ضمن مجموعة من الفتية توجهوا إلى منطقة «مطار غزة الدولي»، للحفر في باطن الأرض بحثا عن حصى يبيعونها لأصحاب الكسارات، الذين يحولونه إلى حصمة تستخدم في إعداد الأسمنت المستخدم في عمليات البناء، ففي ظل الحصار المفروض على القطاع وفي ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية أصبح الكثير من الناس يقبلون على امتهان جمع الحصى. ويقول محمد لـ «الشرق الأوسط» إنه بينما كان يجمع الحصى، بدأت القوات الإسرائيلية المتمركزة على طول الخط الفاصل بين إسرائيل والقطاع تطلق النار والقذائف باتجاه المنطقة، فأصيب أحد العمال، فلم يجد هو من معه من الفتية بد سوى التوجه نحو منطقة الحدود مع مصر، حيث انفرجت أساريرهم عندما وجدوا فوهة نفق، فدخلوه. وقد أفضى النفق إلى أحد الحقول الزراعية في الجانب المصري، حيث ألقي القبض عليهم من قبل قوات حرس الحدود المصرية، وأودعوا في محطة الشرطة المصرية في مدينة رفح. وقال إنه أمضى ثلاثة أيام مرت كسنين لشدة التعذيب الذي تعرض له ومن معه على أيدي أفراد الشرطة المصرية. وأضاف: «كان الجنود المصريون يوقظوننا في الليل ثم يضربوننا بقسوة وكانوا يستخدمون عصي كهربائية في ضربنا وتعذيبنا، إلى جانب ركلنا بأحذيتهم بشدة. وكان يترافق ذلك مع شتائم وتلفظ بألفاظ نابية». وأضاف محمد: «الجنود المصريون تأكدوا من صحة روايتنا وأننا دخلنا الحدود المصرية مجبرين هربا من القذائف الإسرائيلية، رغم أنني كنت قد أبلغتهم أني مصاب في رأسي، فإنهم كانوا يواصلون تعذيبي». وقال إنه ومن معه كانوا يفترشون الأرض، حيث كانت هناك بطانية واحدة في الغرفة رائحتها نتنة. وأضاف أنه بعد ثلاثة أيام من السجن، تم الإفراج عنه مع 16 آخرين من رفاقه.

ويقول حسين والد محمد لـ«الشرق الأوسط» إنه رغم إلحاح عائلته والجيران عليه لينصب سرادقا للعزاء، فإنه رفض ذلك بشدة، وكان يصر على أنه لن ينصب سرادق العزاء إلا بعد أن يعثر على جثة طفله.

منزل العائلة تحول إلى مزار لكل العوائل في مدينة رفح، للتهنئة بسلامة «الميت»، الذي عاد من القبر.