اليمن: إضراب في الجنوب.. ومشادة في البرلمان

إطلاق 54 معتقلا من الحوثيين.. وتقرير يتهم 148 مسؤولا بالاعتداء على الأراضي في الحديدة

صورة خاصة بـ «الشرق الأوسط» للطريق إلى الضالع
TT

شهدت محافظات عدة وبلدات يمنية جنوبية، أمس، إضرابا عاما، حيث أفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن المحال التجارية والمدارس والمؤسسات الحكومية وغيرها، أغلقت جميعها أبوابها في محافظتي الضالع ولحج، وبعض المناطق في محافظتي أبين وشبوة، منذ السادسة صباحا وحتى السادسة مساء، في وقت شددت السلطات الإجراءات الأمنية، وقامت باعتقال بعض الناشطين.

وجاء هذا الإضراب العام، تلبية لدعوة قوى الحراك الجنوبي وفصائله التي أقرت تنفيذ عصيان مدني، في محافظات الجنوب، كل يوم اثنين من كل أسبوع، وذلك للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، واحتجاجا على الإجراءات الأمنية «الاستثنائية» في تلك المناطق، وكذا لتجديد المطالبة المستمرة بما تسميه قوى الحراك بـ«فك الارتباط» بين شمال اليمن والجنوب.

وشهدت المناطق التي نفذ فيها الإضراب العام، إجراءات أمنية مشددة حول المباني والمصالح الحكومية في الطرقات التي انتشر فيها مئات الجنود وعشرات الطواقم المسلحة وكذا العربات المصفحة، وذلك خشية حدوث تظاهرات أو حوادث أمنية.

وعلى الرغم من الانتشار الأمني الكثيف وخلو الشوارع، إلا من عدد قليل من المارة، فإن محافظة الضالع، شهدت اشتباكات بين قوات من الجيش ومسلحين، وذلك عندما أقدم المسلحون على قطع طريق الضالع - صنعاء بواسطة الحجارة، وقال شهود العيان لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات أسفرت عن إصابة شخصين، في حين قامت جرافات تحرسها عربات مصفحة، بفتح الطريق أمام مرور السيارات وإزالة الحجارة. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر محلية بأن مجهولين وسط مدينة الضالع، قاموا برمي قنبلة على دراجة كان يستقلها شخص بزي مدني، ويعتقد أنه رجل أمن، مما أدى إلى إصابته، وإعطاب الدراجة.

وفي مدينة الحبيلين في محافظة لحج، أصيب شخصان بجراح طفيفة جراء اشتباكات بين مسلحين من الحراك الجنوبي وجنود من أفراد القطاع العسكري المرابط في المدينة، التي تعد عاصمة لمديريات ردفان الخمس، والتي يسيطر عليها، بصورة شبه كاملة، مسلحو الحراك الجنوبي منذ أسابيع عدة.

وشنت أجهزة الأمن اليمنية حملة اعتقالات في أوساط نشطاء من قرى الحراك، وقالت الداخلية اليمنية إن 10 أشخاص جرى اعتقالهم في محافظة لحج بتهمة أنهم مطلوبون أمنيا، ومتورطون في «أعمال خارجة على القانون، استهدفت زعزعة الأمن والاستقرار في مدينة الحوطة».

وكانت وزارة الداخلية اليمنية، حذرت، مساء أول أمس، المواطنين من الاستجابة لدعوة الحراك إلى العصيان المدني، كما حذرت من مغبة الاعتداء على «أصحاب البسطات والمحال التجارية» من المواطنين الشماليين، أو «القيام بقطع الطرق في بعض المناطق الجنوبية لإرغام المواطنين على الاستجابة لدعوة العصيان»، وأكدت الوزارة في بيان لها أن «قوى مشبوهة ومعروفة بعمالتها وعداوتها لوحدة اليمن وشبعه»، تقف وراء دعوات العصيان.

على صعيد آخر، أفرجت قوات الأمن اليمنية، أمس، عن 54 معتقلا من أنصار التمرد الحوثي في صعدة، الذين جرى اعتقالهم على خلفية النسخة السادسة من الحرب بين القوات الحكومية والمسلحين الحوثيين، التي توقفت مؤخرا في ضوء هدنة بين الطرفين، وهي الهدنة التي نصت على تبادل إطلاق سراح المعتقلين والأسرى بين الجانبين. وبحسب السلطات اليمنية، فقد أفرج عن هؤلاء الأشخاص في ضوء «توجيهات عليا»، وكانت صنعاء قد قالت إنها ستفرج عن المعتقلين الحوثيين على دفعات.

على صعيد آخر، شهدت قاعة البرلمان اليمني مشادة كلامية حادة بين رئيس مجلس النواب، الشيخ يحيى علي الراعي، وعضو مجلس النواب عن كتلة حزب الإصلاح، عبد الكريم شيبان، عندما اتهم شيبان بحدوث تغيير في تقرير من لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول نهب أراض للدولة وللمواطنين في محافظة الحديدة.

وقال شيبان إنه على الرغم من أنه عضو في اللجنة الدستورية، فإنه لم يعلم كيف تم إعداد التقرير، رغم حضوره الجلسات البرلمانية. وقالت مصادر برلمانية إن الشيخ يحيى الراعي أغلق الميكرفون، وقطع حديث شيبان، الذي اعترض على هذا التصرف الذي يمارس بحق المتحدثين من البرلمانيين من الكتل الحزبية من المعارضة، ومصادرة آرائهم في الحديث، ثم حدثت ملاسنة بين الراعي وشيبان، فاستدعى رئيس مجلس النواب حرس المجلس لإخراج شيبان من قاعة البرلمان، لكن امتعاض أعضاء من مجلس النواب أوقف الحرس من إخراج شيبان من القاعة. وجاءت هذه الملاسنة على خلفية تقرير برلماني للجنة برلمانية من 7 أعضاء من مجلس النواب، نزلت إلى محافظة الحديدة لتقصي الحقائق حول نهب الأراضي من قيادات من شيوخ قبائل وتجار وشخصيات اجتماعية، حيث اتهم التقرير 148 مسؤولا بالاعتداء على أراضي الدولة، ومن هذه القائمة 106 تلقت اللجنة شكاوى بأسماء الناهبين للأراضي في هذه المحافظة.

وقالت اللجنة في هذا التقرير إن معظم الاعتداءات على الأراضي حاصلة من مسؤولين وشخصيات اجتماعية وتجار مدعومين بمسلحين. وقال التقرير النيابي إن السلطة في محافظة الحديدة تتعامل مع الناس بمعيارين، إذ تتساهل وتتجاوز عن نهب للأراضي من ذوي النفوذ، على الرغم من تصرفاتهم المخالفة للقانون، بينما تتعامل بحزم ضد المواطنين الآخرين. وأشارت المصادر إلى أن كثرة مشكلات الأرض في الحديدة قاد إلى عزوف المستثمرين، فمنذ 10 أعوام لم يقام مصنع خلال هذه المدة بسبب قضايا الأرض ومشكلاتها.

وقال التقرير إن بقاء بعض المسؤولين في قيادة هذه المحافظة فترات طويلة من أسباب استفحال نهب الأراضي وتفشيه، فيتم استئجار هذه القيادات في الحديدة من قبل متنفذين للسيطرة على الأرض، كما توجد عصابات مسلحة متخصصة يتم استئجارهم من متنفذين لنهب الأرض والسيطرة عليها بالقوة المسلحة. وأوصت اللجنة النيابية في تقريرها بضبط حالات الاعتداءات على أملاك الدولة وأملاك المواطنين، وضبط من يتصرفون بالبيع لأراض منهوبة بوثائق ومحررات وهمية، أو من قبل من يدعون الملكية من دون وجه حق، مهما كانت صفة المعتدين، بتحريك الدعوى القضائية على المعتدين وتنفيذ الأحكام القضائية بعد صدورها بكل قوة وحزم، وطالب التقرير البرلماني بمساءلة القضاة الذين أصدروا أحكاما في قضايا الأملاك العامة لصالح أفراد في محافظة الحديدة، بينما أرجأ البرلمان مناقشته للتقرير النيابي إلى جلسات قادمة.