البيت الأبيض يعبر عن قلقه من تصريحات كرزاي ويعتبرها «غير صحيحة»

توتر العلاقات الأميركية ـ الأفغانية بعد زيارة أوباما لكابل.. وكرزاي يزور واشنطن الشهر المقبل

TT

بعد أسبوع من زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأولى لأفغانستان منذ توليه منصب رئاسة الولايات المتحدة، تشهد العلاقات الأفغانية - الأميركية اضطرابات جديدة مع زيادة حدة انتقادات الرئيس الأفغاني حميد كرزاي للولايات المتحدة. وللمرة الثانية في أسبوع، اتهم كرزاي الولايات المتحدة بالتدخل في شؤون بلاده، في تصريحات تدل مجددا على رفض كرزاي للضغوط التي يتعرض لها لإصلاح حكومته وطريقة حكمه في وقت تطالبه الإدارة الأميركية بمواجهة الفساد وتحسين قيادته للبلاد.

ووصف البيت الأبيض اتهامات كرزاي الأخيرة للغربيين بتدبير تزوير انتخابي في بلاده بأنها لا تقوم على أي معطى واقعي. وصرح الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس أمس بأن «التصريحات مثيرة للقلق، ومضمون التصريحات ببساطة غير صحيح». وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد أفادت أول من أمس بأن كرزاي حذر من أن تمرد طالبان قد يتحول إلى «حركة مقاومة مشروعة» إذا استمر الأجانب في التدخل في الشؤون الأفغانية، خلال اجتماع مع نحو 70 نائبا أفغانيا. وبحسب عدد من النواب الذين حضروا الاجتماع، صرح كرزاي بأنه قد يضطر إلى الانضمام بنفسه إلى التمرد إن لم يلق دعم البرلمان في سعيه إلى السيطرة على هيئة مراقبة العملية الانتخابية. وتأتي هذه التصريحات بعد 3 أيام من تصريحات علنية لكرزاي تتهم المجتمع الدولي بالتلاعب في نتائج الانتخابات الأفغانية العام الماضي. وبينما يؤكد مسؤولون أميركيون أنهم يشعرون بـ«قلق» من تصريحات كرزاي، فإنهم ما زالوا ملتزمين بدعم حكومته التي تعتبر الشريك الأول للقوات الأجنبية في البلاد لمواجهة تنظيم القاعدة وحركة طالبان. وأكد الناطق باسم البيت الأبيض أن زيارة كرزاي المرتقبة إلى واشنطن 12 مايو (أيار) المقبل ما زالت قائمة؛ حيث سيلتقي بأوباما مجددا، إلا أنه أقر بوجود تساؤلات حول تصريحات الرئيس الأفغاني الأخيرة. وكان كرزاي قد اتصل بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون يوم الجمعة الماضي لتفسير تصريحاته بعد انتقادات شديدة له في واشنطن. وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا يوضح تفاصيل المكالمة، مؤكدا أن «الرئيس كرزاي أعاد تأكيد التزامه بين بلدينا وعبر عن تقديره للمساهمات والتضحيات التي يقوم بها المجتمع الدولي». وأضاف البيان أن كلينتون وكرزاي «تعهدا بمواصلة العمل معا بروح المشاركة». يذكر أن تصريحات كرزاي لها تأثير على جهود إدارة أوباما في إقناع الكونغرس بتمرير الميزانية المخصصة لتمويل الحرب في أفغانستان، إذ تزداد التساؤلات بين أعضاء الكونغرس حول جدوى دعم حكومة يبدو رئيسها مهاجما للولايات المتحدة. واعتبر خبير في الشؤون الأفغانية وزميل في جامعة «هارفارد» جيرالد راسل أن تصريحات كرزاي تدل على «التوتر الكبير الذي يشعر به كرزاي»، مضيفا أنه «يشعر بأنه لا يتمتع بالاحترام الكافي» في واشنطن. ويذكر أن علاقة كرزاي مع الممثل الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك متوترة منذ أشهر بينما كرزاي يشعر بأن الإدارة الأميركية حاولت إضعافه خلال الانتخابات. وأضاف راسل، الذي كان دبلوماسيا للأمم المتحدة في كابل، أن «تصريحات كرزاي ليس لها جمهور واسع في أفغانستان، الشعب الأفغاني الذي يدعم حكومة كرزاي يريد إبقاء القوات الأميركية هناك ولا يريد توتير العلاقات خوفا من نشوب حالات عنف أوسع»، بينما عناصر طالبان والحزب الإسلامي اللذان يريد كرزاي إرضاءهما سيطلبان منه أكثر من مجرد تصريحات. ويأتي هجوم كرزاي على واشنطن على خلفية زيارة أوباما، حيث طالب أوباما كرزاي بخطوات ملموسة لمكافحة الفساد وإثبات قدرته على القيادة، مما استدعى كرزاي إلى الاجتماع مع عناصر مناهضة للولايات المتحدة بالإضافة إلى دعوة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى كابل. ويحاول كرزاي التقرب من عناصر طالبان بعد إعلانه العمل على إحياء «لويا جيرغا» سلام، للتوصل إلى حل سياسي للنزاع في بلاده. ويدور نقاش في واشنطن حول إمكانية التفاوض الجدي مع طالبان في وقت يحذر المدافعون عن حقوق الإنسان من التنازلات التي قد يقدمها كرزاي للتوصل إلى اتفاق مع طالبان. وقال مفوض من «المفوضية الأفغانية لحقوق الإنسان» نادر نادري خلال زيارة إلى واشنطن لبحث حقوق الإنسان إن «هناك مخاوف كبيرة في المجتمع الأفغاني، مخاوف من أن جهود المصالحة وجهود الحكومة الحالية قد تعني التخلي عن الحريات التي حارب الكثيرون من أجلها». وأضاف نادري: «من أكثر القضايا التي تثير مخاوف الأفغان توسيع ظاهرة إفلات المجرمين من العقاب في البلاد».