بغداد: أبنية مفخخة تودي بأرواح العشرات.. ومسؤول أمني يحمل «التأجير العشوائي» المسؤولية

7 مبان فخخت وفجرت على رؤوس ساكنيها وسط العاصمة وفي ضواحيها

عراقيون وسط أنقاض بناية سكنية دمرت في تفجير في بغداد، أمس (رويترز)
TT

قتل 35 شخصا وأصيب 140 آخرون بجروح في سلسلة تفجيرات أمس استهدفت مبان سكنية في وسط بغداد وضواحيها، حسبما أكدت مصادر أمنية. وأضافت المصادر أن المباني المستهدفة فجرت بست عبوات ناسفة كبيرة الحجم أحالتها إلى ركام وأنقاض يرقد تحتها سكانها.

وخلافا لاستهداف السفارات الأحد الماضي، فإن المباني التي تعرضت للتفجير أمس سكنية يقطنها مدنيون موزعة على مناطق جكوك والشعلة (شمال) والعلاوي (وسط) والإعلام والشرطة الرابعة والعامل (جنوب غرب)، وفقا للمصادر الأمنية. يشار إلى أن جكوك منطقة فقيرة تؤوي مخيما للنازحين الشيعة من منطقة أبو غريب أقامته المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، حسبما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية. وبعض هذه المناطق مختلط مع غالبية شيعية.

وقال صاحب أحد المحلات التجارية واسمه أبو علي (47 عاما): «وقع الانفجار الأول عند التاسعة والربع صباحا في أحد المباني في الشارع الرئيسي فتجمهر المارة لمعاينة ما حدث لكن انفجارا آخر وقع في مبنى من طابقين». وأضاف أن «الضحايا هم من المارة والسكان». وأعلنت مصادر أمنية أن الانفجارات أسفرت عن سقوط مبنى في حي الشعلة الشيعي في شمال بغداد، ومبنى آخر في منطقة جكوك المجاورة. كما انهارت ثلاثة مبان في مناطق الشرطة الرابعة والإعلام والعامل في غرب بغداد جراء عمليات تفجير، بالإضافة إلى مبنيين في منطقة العلاوي الشعبية في وسط العاصمة.

وحاول سكان المباني المجاورة وعمال الإنقاذ والمسعفون إغاثة الأشخاص العالقين تحت الأنقاض بواسطة المعاول أو أياديهم في بعض الأحيان وسط حالة من الذهول البادي على وجوه الجيران أو الأقارب الذين فقدوا أحباء.

وكانت المصادر أعلنت سابقا أن انتحاريا فجر نفسه وسط مطعم شعبي في منطقة العلاوي في مبنى من طابقين، لكنها عادت لتؤكد لاحقا أن الانفجار لم يكن ناجما عن عملية انتحارية. وورد أن مبنى العلاوي المشيد من الآجر يحوي ثلاث شقق سكنية فضلا عن المطعم، قد انهار كليا وتضررت المباني المجاورة المتهالكة والمتداعية.

وصرخت امرأة شابة سائلة عن مصير والدتها راجية أن تجيبها بينما كانت واقفة قرب الركام. وشرح مصطفى (25 عاما) لزوجة علاء التي رمت بنفسها أرضا وسط العويل والنحيب كيف استطاع الوصول إليه، لكنه وجده ميتا. وقال: «تمكنت من إزالة الآجر والرمال التي غطت علاء ووصلت إليه، لكنه توفي بسبب النزيف الشديد في رأسه». وشوهد المسعفون وهم يخرجون 5 آخرين بواسطة الحمالات لكنه لم يعرف ما إذا كانوا مصابين أم قتلى، في حين يواصل آخرون رفع الأنقاض. وقال شهود عيان إن المبنى مكتظ بالسكان.

من جهته، قال ضابط في الجيش رفض ذكر اسمه: «وصل شخصان قبل ثلاثة أيام لاستئجار محل في المبنى بغرض بيع الفلافل وجلبوا أمس الكثير من المواد إلى المكان ووقع التفجير اليوم (...) أرسلنا وراء مالك المبنى للتحقيق معه».

ووقعت الانفجارات بعد يومين من الهجمات الانتحارية على السفارات التي أوقعت 30 قتيلا و224 جريحا.

وقال اللواء قاسم عطا المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد: «إن التأجير العشوائي دون التحقق من أصحاب البنايات للمؤجرين كان أحد أسباب تلك التفجيرات، فقد تم التأكد أن أحد المؤجرين لأحد المحال في العمارة الواقعة في منطقة الشعلة منح صاحب العقار مبلغا كبيرا قبل أسبوع نظير تأجير هذا المحل، مع العلم أن عرض صاحب العمارة كان مبلغ 150 ألف دينار فقط أي نحو 12 دولارا». وتوقع عطا أن تشهد الأيام القليلة القادمة توترا أمنيا آخر، لكنه أكد أيضا أن القوات الأمنية على أتم الاستعداد لاحتواء أي أزمة أمنية.

من جانب آخر، أكد مصدر من جهاز مكافحة الإرهاب أن قوات خاصة بالجهاز ألقت القبض أمس على «ثلاثة إرهابيين من القيادات المهمة في تنظيم القاعدة وكانت الأماكن التي يقيمون فيها تحتوي على مواد متفجرة ومنظمة لإطلاق الصواريخ على العاصمة بغداد». وأشار المصدر في تصريح لـ«لشرق الأوسط» إلى أن كادر الجهاز ألقى القبض على شبكة تقوم بتصنيع كواتم الصوت للرشاشات والبنادق والمسدسات في بغداد، وأكد المصدر أن الشبكة اعترفت بشكل كامل على الجهات التي زودتها بالكواتم وكيفية تصنيعها داخل العراق والجهات التي تم تزويدها بها، مشيرا إلى أن أسماء كل الأشخاص الذين يمتلكون هذه الكواتم صارت معلومة لدى الأجهزة الأمنية وسيتم إلقاء القبض عليهم. وكانت كواتم الصوت قد استخدمت في الأشهر الأخيرة بشكل مكثف في اغتيالات.