أبو مازن يعفي مدير ديوانه «لارتكاب أخطاء شخصية»

بدأ حربا على الفساد وانتهاكات حقوق الانسان.. وفعّل هيئة الكسب غير المشروع

رفيق الحسيني
TT

بدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) حربا على انتهاكات حقوق الإنسان وخصوصيته في الضفة الغربية، وأمر الأجهزة الأمنية بالتخلص من كل التسجيلات «الفاضحة» التي التقطت لمسؤولين أو مواطنين، كما أمر بالتوقف عن اتباع هذا النهج.

واضطر أبو مازن إلى إعفاء مدير ديوانه، رفيق الحسيني، من جميع مهامه، ومسؤولين أمنيين، بينهم مستشاره الأمني، اللواء توفيق الطيرواي، بسبب تورطهم في فضيحة ما عرف بـ«فتح غيت» التي فجرها ضابط المخابرات السابق فهمي شبانة، قبل شهرين عبر التلفزيون الإسرائيلي، بتسجيلات تظهر الحسيني في مواقف مخلة بالآداب.

وجاء قرار أبو مازن بعد يوم من تسليمه نتائج التحقيق في قضية الحسيني. وبينما اكتفى الرئيس بالإعلان عن قرار واحد وهو حظر أي انتهاك للحريات الشخصية، فإن مصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه اتخذ قرارات أخرى شملت تفعيل دور هيئة الكسب غير المشروع، وهي لجنة لمكافحة الفساد، وإعطاءها صلاحيات لمحاسبة ومراقبة من يثبت تورطهم، إلى جانب عزل الحسيني والطيراوي، مستشاره الأمني، من منصبيهما.

وعزل الطيراوي بعدما اتهمه شبانة بأنه أعطى الأوامر بالتسجيل للحسيني، وكان أعفي أصلا من منصبه، مسؤولا للمخابرات قبل عام ونصف العام لنفس السبب.

وحصلت «الشرق الأوسط» على نص رسائل متبادلة بين أبو مازن والحسيني. فكتب الرئيس لمدير مكتبه يقول: «إنني إذ أشهد بأدائكم المتميز والملتزم في القيام بواجباتكم المهنية طوال فترة عملكم لديوان الرئاسة والنتائج القيمة التي تحققت في أداء مؤسسة الرئاسة، فإن اللجنة توصلت باعترافكم إلى أنكم ارتكبتم أخطاء شخصية خارج العمل كان يتوجب عليكم أن تحذروا منها ولا تقدموا عليها، رغم إدانتي بشدة للأساليب والوسائل التي استخدمت في ذلك ومن تورطوا في هذا العمل المشين».

وأضاف: «إنني إذ أعفيكم من مهمتكم كرئيس للديوان تنفيذا لتوجهات لجنة التحقيق، فإنني أؤكد لكم أنني لم أجد في تقرير اللجنة ما يشير إلى استغلال موقعكم في الوظيفة العامة لتحقيق منافع شخصية أو ابتزازات من أي نوع كان، وأتمنى لكم التوفيق والنجاح في مهمات أخرى في العمل الوطني ولخدمة أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال».

ورد الحسيني برسالة قال فيها: «أؤكد امتثالي لقراركم الخاص بقبول توجهات لجنة التحقيق الموقرة، التي بموجبها قررتم إعفائي من مهمتي كرئيس لديوان الرئاسة». وهاجم الحسيني ما وصفها بـ«محاولة الابتزاز الدنيئة من قبل زمرة الفساد والفاسدين المرتبطين بأجهزة المخابرات المعادية». قال: «إنني أؤكد أن قرار إعفائي من مهامي كرئيس للديوان لن يثنيني عن حقي في الملاحقة القانونية لأولئك الذين ارتكبوا فعلتهم الشائنة، وأساءوا لسمعتي وعائلتي». وطالب الحسيني أبو مازن، «باتخاذ كل الإجراءات الرادعة بمحاسبتهم، ومثولهم أمام القضاء كي ينالوا قصاصهم العادل».

وركز التقرير الذي سلم أبو مازن على طريقة عمل الأجهزة الأمنية واتخاذ القرار فيها، وناقش التقرير قضية تصوير الحسيني وما يتصل بها، ولم يناقش اتهامات أخرى ساقها شبانه لمسؤولين آخرين.

وقرعت عملية نشر صور الحسيني الجرس في المؤسسة الأمنية، كما قال مصدر رفيع لـ«الشرق الأوسط»، وأثار تساؤلات كثيرة حول من يتخذ القرار في الأجهزة الأمنية، ومن يحمي خصوصيات الناس، إذا كان رجل بحجم الحسيني «أسقط» بيده.

وقالت حماس إنها تملك صورا وتسجيلات لمسؤولين بارزين، لكنها لم تنشر أيا منها، كما طالبت حماس وسائل إعلامها بعدم نشر أي تسجيلات للحسيني نفسه.

وكانت عمليات التصوير لمسؤولين فلسطينيين في أوضاع مخلة، نهجا متبعا في وقت سابق، وهو ما مكن حماس من وضع يدها على كنز من الصور والمعلومات بعد سيطرتها على غزة ومقار الأجهزة قبل 3 أعوام.

وهاجمت حماس، أمس، أبو مازن، واتهمته بتوفير غطاء للفاسدين. وقال فوزي برهوم المتحدث باسمه في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «إن قرار أبو مازن بإتلاف كل ملفات الفساد وحرقها هو غطاء رسمي للمفسدين، وحماية واضحة لهم، وإعطاء حصانة من أعلى مستوى سياسي في فتح لمزيد من هذا الفساد».

وطالب برهوم كل الفصائل الفلسطينية والقوى الحية والنخب الفلسطينية الوطنية والمؤسسات الحقوقية الغيورة على مصالح الشعب الفلسطيني بأن يكون لها دور في فضح هذه الممارسات ومن يقف وراءها، والمطالبة والإصرار على محاسبتهم، وتطبيق القانون عليهم، «حماية للصف الداخلي والمجتمع الفلسطيني ومصالحه لأن استمرارهم في الفساد وإعطاء غطاء وحصانة لهم من قبل أبو مازن هو الأمر الأخطر على المجتمع الفلسطيني ومقدراته».