إدارة أوباما تكشف عن سياستها النووية الجديدة.. وتستثني إيران وكوريا الشمالية

رفض استخدام السلاح النووي ضد دول اتفاقية منع الانتشار.. وتحديد 5 أهداف

غيتس وكلينتون وتشو ومولن في المؤتمر الصحافي المشترك في واشنطن أمس (أ.ب)
TT

بعد عام من خطابه في براغ للإعلان عن سياسة جديدة تهدف إلى تقليص الأسلحة النووية والعمل على إزالتها من العالم نهائيا، كشف الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس عن استراتيجيته الجديدة في ما يخص السلاح النووي. وفي تطور مهم في السياسة الدفاعية الأميركية، تخلى أوباما عن سياسة «الغموض» حول استخدام السلاح النووي بتأكيد إدارته عدم استخدام أسلحة نووية ضد أي دولة خاضعة لنظام منع انتشار الأسلحة النووية، مع إبقاء خيار استخدامها في حال توجيه «ضربة مدمرة» للولايات المتحدة. وللمرة الأولى منذ إعداد «تقرير مراجعة الوضع النووي»، تم نشر تفاصيل التقرير بالكامل أمس، لتوضيح السياسة الأميركية النووية والخطوات المقبلة.

وصرح أوباما أمس أن تقرير المراجعة «يقر بأن التهديد الأكبر للولايات المتحدة والأمن العالمي لم يبق تبادلا نوويا بين الدول بل إرهابا نوويا من قبل متطرفين عنيفين وانتشار الأسلحة النووية إلى دول متزايدة». وأضاف في بيان أمس أن التقرير الذي أعدته وزارة الدفاع بناء على تشاور مع البيت الأبيض ووزارات عدة «تقر بأنه من الممكن حماية أمننا الوطني وأمن حلفائنا وشركائنا من خلال قدراتنا العسكرية التقليدية وأنظمة درع صاروخي قوية». وتركز الإدارة الأميركية على أهمية نظام الدرع الصاروخي لمواجهة أي هجمات بعيدة الأمد ومن المرتقب أن تزيد الإدارة الأميركية من عملها على تثبيت نظام الدرع الصاروخي في الأشهر المقبلة.

واعتبر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أمس أن التقرير يعتبر «خريطة طريق لتطبيق رؤية الرئيس أوباما» في تقليص السلاح النووي في العالم والحد من التهديد النووي. وأضاف غيتس في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الطاقة ستيفن تشو ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مولن أن الاستراتيجية النووية تحمل «تغييرات مهمة» للسياسة الأميركية، أبرزها «إزالة الغموض المدروس للاستخدام النووي». يذكر أن غيتس كان يطالب بعدم إزالة هذا الغموض خلال أشهر من النقاشات الداخلية للإدارة الأميركية حول الاستراتيجية النووية، إلا أن أوباما قرر اعتماد استراتيجية توضح نية واشنطن بعدم اللجوء إلى استخدام الأسلحة النووية ضد الدول التي تلتزم بتعهداتها الدولية لنظام منع الانتشار.

إلا أن الدول التي لا تلتزم بهذه التعهدات، مثل إيران وكوريا الشمالية، قد تواجه «كل الخيارات» الأميركية، بما فيها استخدام الأسلحة النووية. ويذكر التقرير، وطوله 72 صفحة، إيران وكوريا الشمالية 4 مرات، كل مرة مشددا على خرقهما لنظام منع انتشار الأسلحة النووية. وأضاف التقرير أنه «بالسعي وراء طموحاتهما النووية، اخترقت كوريا الشمالية وإيران تعهداتهما لمنع انتشار الأسلحة النووية وتحدتا توجيهات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وسعتا لقدرات صاروخية وقاومتا الجهود الدولية لحل الأزمات التي خلقتاها بأساليب دبلوماسية».

وفي ما يخص إيران، قال غيتس: «التقرير لديه رسالة قوية جدا لإيران وكوريا الشمالية وهي أساسا أننا حددنا دولا مثل إيران وكوريا الشمالية لا تمتثل لنظام منع نشر الأسلحة النووية وستكون كل الخيارات مطروحة» في التعامل معهما. وأضاف: «الرسالة لإيران وكوريا الشمالية هو إذا تعاملتما حسب القوانين نحن سنلتزم بتعهدات لكما ولكن إذا لم تفعلا ذلك فكل الخيارات مطروحة». وكان مولن حاضرا في المؤتمر الصحافي ليؤكد دعمه للاستراتيجية النووية الجديدة.

ويعد التقرير 5 أهداف رئيسية، أولها «منع انتشار الأسلحة النووية والإرهاب النووي». وبينما يركز التقرير على أهمية الردع النووي لمنع «الإرهاب النووي»، فإن هناك أولوية أخرى تتعلق بدراسة الاستراتيجية الدفاعية الأميركية. والهدف الثاني من التقرير هو «تقليص دور الأسلحة النووية الأميركية في استراتيجية الأمن الوطني» أما الأهداف الباقية فيها «الإبقاء على الردع الاستراتيجي والاستقرار مع مستويات قوة نووية منخفضة» و«تقوية الردع الإقليمي وطمأنة حلفاء الولايات المتحدة وشركائها»، إضافة إلى «إبقاء ترسانة نووية آمنة وفعالة».

وهذه المرة الثالثة التي تراجع فيها الولايات المتحدة استراتيجيتها النووية منذ الحرب الباردة، آخرها عام 2002. إلا أن هذه المرة الأولى التي يتم فيها نشر كل مضمون التقرير الخاص بالوضع النووي الأميركي، وهذه قضية أشارت إليها كلينتون في المؤتمر الصحافي، مشددة على شفافية عملية مراجعة الاستراتيجية النووية الأميركية. وأضافت كلينتون أن وزارة الخارجية الأميركية ستعمل الآن على «إعطاء التطمينات وشرح سياستنا لحلفائنا»، مشيرة إلى أن أكثر من 30 دولة حليفة استشيرت خلال وضع الاستراتيجية النووية الجديدة.

وخرجت أصوات معارضة لسياسة أوباما النووية أمس، خاصة في ما يخص التخلي عن «الغموض» المدروس. وقال رئيس «مركز الدراسات الدفاعية» في «معهد إنتربرايز الأميركي» اليميني إن السياسات الجديدة «تنظر إلى الماضي بدلا من إعداد الولايات المتحدة للمستقبل النووي». واعتبر أن «المعاهدات الثنائية تفعل القليل في ما يخص حمايتنا مع بيئة نووية متعددة الأطراف»، في وقت تشدد إدارة أوباما على أهمية التعاون مع دول مثل الصين وروسيا في استقرار العالم ووضع استراتيجية نووية للعالم. وأوضح التقرير أن «الدور الرئيسي للأسلحة النووية الأميركية، التي ستستمر ما دامت هناك أسلحة نووية، هي لمنع هجوم نووي على الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا»، إلا أنه لم يعلن عدم استخدام السلاح النووي أولا. وكانت جهات ليبرالية تريد من أوباما الإعلان عن عدم استخدام السلاح النووي أولا، إلا أن غيتس شرح أمس أن إدارة أوباما لم تتخذ هذه الخطوة لأننا «لم نر أننا تقدمنا ما فيه الكفاية لتحديد أنفسنا بوضوح إلى هذه الدرجة، وهذه بالطبع أسلحة الخيار الأخير». وأضاف: «نحن نريد أن نتقدم في تحقيق هدف الرئيس أوباما (بالتخلي عن الأسلحة النووية) لكننا في الوقت نفسه نحن واقعيون حول وضع العالم».