وزير الخزانة الصومالي: 12 من كبار مسؤولي «القاعدة» عبروا من اليمن إلى الصومال

قال إن عناصر نشطة من «القاعدة» وصلت إلى مقديشو متخفية بشكل موظفي إغاثة

أحد البائعين يرفع سمكة كبيرة في سوق السمك بمقديشو أول من أمس حيث ارتفعت الاسعار بشكل حاد إثر اقدام ميليشيا «حركة الشباب» المتمردة على منع بيع اللحوم في الصومال (إ ب أ)
TT

أكدت مصادر حكومية صومالية أمس، عبور ما لا يقل عن 12 عضوا من كبار مسؤولي تنظيم القاعدة إلى الأراضي الصومالية خلال الأسبوعين الماضيين قادمين من اليمن.

وقال عبد الرحمن عمر عثمان، وزير الخزانة في الحكومة الصومالية، لـ «الشرق الأوسط، «تظهر المعلومات الاستخباراتية لدينا أن نحو 12 عنصرا من كبار مسؤولي تنظيم القاعدة جاءوا إلى الصومال من اليمن خلال الأسبوعين الماضيين، وأن اثنين منهم تسللا إلى العاصمة مقديشو.

وذكر الوزير أن قادة عسكريين من تنظيم القاعدة نزلوا بمطارات في جنوب الصومال، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل الإسلامية المعارضة، حيث إن هناك مساحة واسعة من السواحل الصومالية لا تخضع لرقابة أمنية، كما أن معظم المواني والمطارات بجنوب البلاد لا تخضع لسيطرة الحكومة. وأضاف الوزير «البعض من عناصر تنظيم القاعدة النشطة وصلت بالفعل إلى العاصمة مقديشو متخفية بشكل موظفي إغاثة». وأشار إلى أن هؤلاء العناصر من تنظيم القاعدة أحضروا أموالا لحركة الشباب المجاهدين التي كانت تواجه صعوبات في تجنيد المزيد من المقاتلين بسبب نقص السيولة المالية، كما أنهم (عناصر «القاعدة») يريدون تزويد خبرات عسكرية للمتمردين الصوماليين.

وجاءت تصريحات الوزير الصومالي بعد أيام قلائل من إعلان القيادي البارز في الحزب الإسلامي الصومالي المعارض بقيادة الشيخ حسن طاهر أويس، معلم حاشي فارح، عن توجيه دعوة لاستقبال المقاتلين الأجانب في الصومال بمن فيهم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وتوفير ملاذ لهم. وقال وقتها «إن المقاتلين الإسلاميين في أنحاء العالم هم إخوتنا في الجهاد، فإذا كان جلب الجنود الأفارقة (في إشارة إلى قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام العاملة في مقديشو) مسموحا لهم، فما العيب في أن نستضيف أسامة بن لادن والجهاديين الآخرين، إننا على استعداد لاستقبال بن لادن وغيره من المجاهدين»، الأمر الذي أثار مخاوف كبيرة بشأن إمكانية انتقال «القاعدة» من اليمن إلى الصومال استجابة لهذا النداء من المقاتلين الإسلاميين في الصومال. وكانت عدة مصادر أخرى أشارت إلى أن قيادة «قاعدة اليمن» تعتزم الانتقال إلى الصومال وتعليق جميع أنشطتها هناك، ريثما تتراجع حدة الحملات الأمنية التي تستهدفها في اليمن.

ويعزو البعض تلك الدعوة التي وجهها إسلاميو الصومال للمقاتلين الأجانب وزعيم تنظيم القاعدة أيضا للتوجه إلى الصومال لتوفير ملاذ آمن لهم، إلى العلاقة الوثيقة بين الطرفين.

وأضاف الوزير عثمان في تصريحه لـ «الشرق الأوسط» أمس «حسب المعلومات الاستخباراتية فإن هؤلاء العناصر أرسلوا لتقييم الوضع ومعرفة ما إذا كان بمقدور تنظيم القاعدة نقل قواعدها العسكرية الكبرى إلى جنوب الصومال بعد تزايد الضغوط وتشديد الخناق الأمني عليها من قبل الأجهزة الأمنية اليمنية والضغوطات الأخرى التي تواجهها في أفغانستان والعراق.

من جهته أكد مصدر أمني صومالي في مقديشو لـ «الشرق الأوسط» طلب عدم الكشف عن اسمه وصول عدد من كبار مسؤولي «القاعدة» إلى الصومال خلال الأيام الأخيرة عن طريق البحر والجو أيضا برحلات مختلفة، وأضاف «هذا أمر لا نستبعده ؛ لأن الصومال تمثل بيئة ملائمة لتدريب الإرهابيين، وتوفير ملاذ آمن لقياداتهم لسبب بسيط هو «عدم وجود سلطة فعالة تسيطر على كافة ربوع البلاد، بالإضافة إلى الحملة الأمنية لمطاردة «القاعدة» التي تنفذها أجهزة مكافحة الإرهاب في اليمن والعراق وأفغانستان، والضربات الجوية التي تعرضت لها أوكار «القاعدة» هناك، والتي قتل خلالها عدد كبير من قيادة ومقاتلي التنظيم.

وعن إمكانية عبور عناصر «القاعدة» البحر للوصول إلى الصومال، في ظل وجود الأساطيل الدولية التي تعمل في مهمة مكافحة القرصنة والتي تجوب مياه خليج عدن وتقوم بدوريات روتينية، أجاب المصدر الأمني الصومالي «على الرغم من ذلك لا نستبعد حدوث أي شيء، هناك مساحة واسعة من السواحل الصومالية يسيطر عليها المقاتلون الإسلاميون»، وأضاف «كما تتحرك مئات القوارب التي تحمل مواد محظورة في هذه المياه، التي تتردد ما بين الموانئ الصومالية واليمنية دون أن تكتشف، كما تتحرك عصابات القراصنة الصوماليين في هذه المياه لاصطياد السفن، فإن بإمكان عناصر تنظيم القاعدة أن تتحرك فيها».

وكان المقاتلون الإسلاميون في الصومال قد أكدوا في وقت سابق من العام الماضي ولاءهم لزعيم تنظيم القاعدة، وعلاقتهم مع المقاتلين في اليمن، حيث إنهما يتبادلان المقاتلين، وذلك للعلاقة الوثيقة بينهما. كما أن فرع تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية قد دعا حركة الشباب المجاهدين الصومالية في فبراير (شباط) من العام الحالي إلى المساعدة في استعادة السيطرة على مضيق باب المندب، بدعوى أن سيطرة «القاعدة» بمساعدة مقاتلي الشباب الصومالية على باب المندب ستعد نصرا عظيما ونفوذا عالميا، ويمنع الشحنات الأميركية المتجهة إلى إسرائيل، الأمر الذي أشار إلى العلاقة الوثيقة والتعاون المتبادل بين الجانبين. وأثناء حرب صعدة بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين أكدت عدة مصادر أمنية عبور مقاتلين صوماليين خليج عدن إلى اليمن، وانضمامهم إلى صفوف الحوثيين، كما أن الأجهزة الأمنية اليمنية قد أعلنت حينها وجود مقاتلين صوماليين يحاربون في صفوف المتمردين الحوثيين في صعدة، كما أن السعودية ضبطت على حدودها صوماليين يهربون أسلحة بهدف إيصالها إلى المقاتلين الحوثيين.

ويقول محللون صوماليون إن العلاقات التاريخية والجغرافية بين الصومال واليمن تحتم وجود هذه العلاقة ما بين المقاتلين في الصومال واليمن، كما أن جماعات تهريب البشر في خليج عدن يمكن لهم أن يهربوا الأسلحة والمقاتلين من وإلى اليمن، لذا فإن هناك إمكانية أن يدفع لتلك العصابات أموال لتهريب أسلحة ومقاتلين لصالح «القاعدة». وعلى الرغم من المخاوف المتزايدة من انتقال عناصر نشطة من تنظيم القاعدة إلى الصومال؛ لكون هذا البلد يمثل ملاذا آمنا للمتشددين الإسلاميين، في ظل وجود تحالفات جديدة بين القوى الجهادية العالمية في الإقليم؛ فإنه جدير بالإشارة إلى أن الاستخبارات الأميركية كانت تلاحق مسؤولي تنظيم القاعدة في الصومال منذ أعوام، وتكثف طائرات الاستطلاع الأميركية من طرازAC130 تحليقها فوق سماء المدن الكبرى الصومالية بشكل مستمر، وخاصة المناطق التي تسيطر عليها الفصائل الإسلامية المعارضة، للحصول على معلومات استخباراتية حول أماكن وجود قادة من القاعدة تطاردهم الولايات المتحدة.