عسكري جزائري سابق يطالب حكومة بلاده بالتعويض ويعتزم متابعة فرنسا قضائيا

جراء تشوه جسمه

بوجلال بلقاسم قبل أن تتدهور حالته الصحية («الشرق الأوسط»)
TT

يسعى عسكري جزائري سابق، تعرض جسده للتشوه بسبب إشعاعات التجارب النووية الفرنسية، إلى الحصول على التعويض من حكومة بلده. وكلف محاميه برفع شكوى لدى القضاء الفرنسي ضد الدولة الفرنسية للغرض نفسه.

وبدأت حياة عمار بوجلال بلقاسم تتحول إلى جحيم، منذ سنوات، عندما ظهرت على جسمه أعراض الإصابة بالإشعاعات النووية. وتأكد بعد خضوعه لفحوصات طبية في مركز «بيار وماري كوري» الشهير بالجزائر، المتخصص بأمراض السرطان، أن ورما أكل جزءا من خلايا الدماغ.

والتقت «الشرق الأوسط» بوجلال، (46 سنة)، بالجزائر العاصمة، حاملا أوراق ملف طبي، متوجها به إلى وزارة الدفاع ليطلب منها التعويض عن الضرر الذي لحق به، على أساس أن سبب الإصابة بالسرطان تعود إلى فترة خضوعه للخدمة العسكرية في منطقة ملوثة بإشعاعات ذرية، تقع على بعد 1200 كلم جنوب العاصمة وتسمى «إين إيكر» بولاية تمنراست. ويقول بلقسام عن حالته: «في عام 1987، تم إيفادي إلى منطقة إيكر لأداء واجب الخدمة العسكرية، كغيري من آلاف الشبان. كنت في تلك الأيام شابا يملك كامل لياقته البدنية لكن بعد شهور قليلة بدأت أشعر بأشياء غريبة تحدث في جسمي، فزاد وزني من 60 كلغ إلى الضعف، وانتفخت أطرافي العلوية والسفلى بشكل مثير. وأصبحت شخصا مخيفا لمن لا يعرفني». وينحدر بلقاسم من حي فقير بولاية برج بوعريريج (300 كلم شرق العاصمة). ولم يكن بلقاسم يدري أن سرطانا في الغدة النخامية بدأ ينخره، وازدادت حالته سوءا بعد انتهاء مدة الخدمة العسكرية عام 1989، فقد أصيبت يده اليمنى بشلل نصفي، ولما استفحلت حالته عرض نفسه على طبيب مختص، ثم أكدت فحوصات خضع لها أنه مصاب بسرطان. وبشأن ذلك، قال بلقاسم: «لم يحدد لي الأطباء مصدر المرض، وأجريت عملية جراحية عام 1993 ولكن مشكلاتي الصحية تفاقمت مع مرور السنوات.وقررت بنفسي أن أغوص في مرضي لأعرف أسبابه، فأبحرت عميقا في كل ما كتب عن أنواع السرطان التي تشبه السرطان الذي أعانيه. وبمقارنة حالات كثيرة تشبه حالتي، تأكدت أن السبب هو الإشعاعات الذرية التي لوثت المنطقة التي أقمت بها مدة عامين، وهي معروفة بأنها كانت مكانا أجرى فيه الفرنسيون تجاربهم النووية، والسلطات الجزائرية كانت تعرف أنها منطقة تجارب وأن فرنسا لم تطهرها من النفايات».

وتعد «إين إيكر» واحدة من عدة مواقع شهدت تفجيرات نووية بالصحراء الكبرى.

ويجد بوجلال صعوبة كبيرة في المشي بسبب انتفاخ جسمه، ونمو أعضائه بشكل فوضوي وغريب. ويذكر أنه يشعر بالضيق من نظرات الناس «الذين يتفادون الحديث إلي بسبب شكلي المخيف». ويعجز المريض عن توفير مصاريف الدواء الذي يسكّن آلامه، والأجر الشهري القليل الذي يتقاضاه من مهنته كموظف بمصلحة الجبايات ببلدته لا يغطي حاجته للدواء. وقال إنه مهدد بالفصل من العمل بسبب غياباته المتكررة لدواعي العلاج.

وزاد بوجلال قائلا إنه يشتغل على إعداد ملف متابعة قضائية ضد الدولة الفرنسية، بمساعدة المحامية فاطمة الزهراء بن براهيم الشهيرة بقضايا «ضحايا الاستعمار الفرنسي بالجزائر».

يشار إلى أن التعويض عن الأضرار، التي ألحقتها التجارب النووية بالأشخاص والبيئة والحيوان، يشكل أحد أسباب توتر العلاقات الجزائرية - الفرنسية.