حاتم السر لـ«الشرق الأوسط»: معركتي مع البشير في مسقط رأسه

مرشح «الاتحادي الديمقراطي» للرئاسة: أوجه إنذارا لسكان القصر الجمهوري بإخلائه.. والبشير لن يفوز إلا بالتزوير

TT

* البشير يستخدم طائرات الدولة في جولاته الانتخابية.. والمفوضية صامتة

* قواعدنا لم تغير رغم غياب 20 عاما.. واستقبلنا بـ«زلزال شعبي» في الشرق وبـ«تسونامي» في الشمال

* هناك خطة للتلاعب بالانتخابات.. ولا نستطيع التحكم في ناخبينا إذا جاءت النتائج مزورة * انسحبنا في البداية حتى لا نفسد الإجماع.. وعدنا عندما تفرقت الأحزاب

* لم نعقد صفقة مع حزب البشير.. ومطالبون بهزيمة قادته في دوائر نفوذنا التاريخية

* تحالف جوبا أنهى دوره.. وفشل بسبب شحنه بأحزاب متناقضة وبعضها لا يملك عضوية تملأ حافلة

* نقول للبشير نعم نريد إسقاط المؤتمر الوطني.. لأنه واجب وطني

* الانتخابات وحدت الاتحاديين.. ولن نشارك في ائتلاف حكومي مع المؤتمر الوطني بعد الانتخابات.

حزبه الذي يقوده محمد عثمان الميرغني، يشارك دائما حزب الأمة السوداني، بقيادة الصادق المهدي، المرتبتين الأولى والثانية في أي انتخابات حرة حدثت في السودان منذ خمسينات القرن الماضي. ويملكان القوة الجماهيرية الضاربة. ورغم سيطرة حكومة المؤتمر الوطني التي يقودها الرئيس عمر البشير على مقاليد السلطة طوال العشرين عاما الأخيرة، فإن حاتم السر، مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي لانتخابات الرئاسة التي ستنطلق غدا، الأحد، يرى أن لا شيء تبدل، وأن ما كان يردده المؤتمر الوطني الحاكم بأن الولاءات تغيرت خلال السنوات الماضية، دحضته الاستقبالات الحاشدة التي لقيها زعيم الحزب، الميرغني، ومرشحه للرئاسة في مناطق السودان وخصوصا في الشمال والشرق. وقال السر، في حوار صريح، لـ«الشرق الأوسط»، تم خلال حملته الانتخابية في ولاية نهر النيل، إن الاستقبالات وصفت في الشرق بأنها «زلزال شعبي» وفي ولاية النيل بأنها «تسونامي بشري». وتحدى السر، وهو من منطقة تجاور مسقط رأس البشير وتبعد عنها 20 كيلومترا، بالقرب من مدينة شندي في ولاية نهر النيل، باجتثاث المؤتمر الوطني من الولاية وهزيمته البشير في مسقط رأسه، وقال إن المنطقة تعد تاريخيا إحدى مناطق النفوذ للاتحاديين. قال إنه يريد الفوز في هذه المنطقة حتى إذا فشل في الفوز في كل السودان، لرمزية المنطقة وباعتبارها معقلا اتحاديا. وأكد أن هزيمة حزب البشير المؤتمر الوطني، واجب وطني، لأنها تعني نهاية دولة الفساد والمحسوبية وعودة الأمل في الوحدة.

ووجه مرشح «الاتحادي الديمقراطي» إنذارا لسكان القصر الجمهوري بإخلائه.. وقال إن البشير لن يفوز إلا بالتزوير.

واتهم السر، الرئيس البشير باستخدام طائرات الدولة في جولاته الانتخابية.. في وقت صمتت فيه مفوضية الانتخابات عن الحديث عن هذه الانتهاكات. وأكد السر وجود خطة للتلاعب بالانتخابات.. وقال إن حزبه لا يستطيع التحكم في ناخبيه إذا جاءت النتائج مزورة. ونفى عقد صفقة مع حزب البشير بعد عودة حزبه من قرار الانسحاب، وقال إنهم مطالبون الآن بهزيمة قادة المؤتمر الوطني لأن المنافسة باتت منحصرة بينهما.

* كيف تقيمون حملتكم الانتخابية.. بعد انتهاء الحملة رسميا أمس؟

- حملتنا كانت تواجه صعوبات جمة.. بسبب الإمكانات المالية.. ورغم ذلك قمنا بتحركات شملت كل مناطق السودان.. والمفارقة أن الرئيس عمر البشير، مرشح الحزب الحاكم، كان يستعمل طائرات الدولة في تحركاته، بينما كنا نحن نستخدم السيارات لقطع مئات الأميال للوصول إلى قواعدنا. هذا استغلال فادح لأجهزة الدولة وطائراتها، ويتم على مرأى ومسمع الجميع، بمن فيهم مفوضية الانتخابات.

ورغم أننا كنا نصل إلى المناطق بعد وصول مرشح المؤتمر الوطني.. فإننا شهدنا تدافعا تلقائيا من الناس لحضور ندواتنا الانتخابية.. دون أن ندفعهم أو نجبرهم أو نغريهم بالمال، كما يفعل الحزب الحاكم. ولذلك نقول إن مثل هذه الحشود الطوعية يمكن التعويل عليها، ولدينا أمل كبير في أن تكون المنافسة قوية.

* غبتم عن قواعدكم لمدة 20 عاما.. هل شهدتم تغييرا، كما يتحدث البعض؟

- لم يساورني أدني شعور في أن جماهيرنا قد تناقصت بل العكس، فقد شهدنا ازديادا كبيرا. في شرق السودان، وخصوصا في كسلا والقضارف، وهما من معاقل حزبنا، استقبلنا، بطريقة وصفها المراقبون بأنها أشبه بزلزال شعبي.. وعندما وصلنا إلى مناطق نهر النيل، وهي معقل آخر لنا، كان الاستقبال أشبه بـ«تسونامي بشري». وأنا أعتقد أن هذه الجماهير ستقتلع تماما شأفة المؤتمر الوطني. وهذا يؤكد أن ولاء مناطق النفوذ التقليدية لحزبنا، في الشمال والشرق لم تتغير، وما كان يردده المؤتمر الوطني بأن هذه المناطق بدلت، ولاءاتها وانتماءاتها، بعد 20 عاما، كان كلاما خاطئا.

* هل يعني أنكم ستنافسون الرئيس البشير في مسقط رأسه؟

- نحن نتحداهم.. وبيننا وبينهم صناديق الاقتراع في هذه المنطقة.. وأنتم تعلمون أنني من هذه المنطقة أيضا. البشير من منطقة «حوش بانقا»، وأنا من «البسابير»، يفصل بين المنطقتين 20 كيلومترا، وكلاهما جنوب شندي في ولاية نهر النيل. وهذه المنطقة تاريخيا هي معقل للحزب الاتحادي الديمقراطي.. واستقبالاتنا الحاشدة تبين أن الولاءات لم تتغير طوال حكم البشير لمدة تزيد على 20 عاما. وأنا قلت لأهلنا إنني أريد أن أفوز هنا.. حتى لو خسرت في كل السودان. لأن الفوز هنا له رمزيته، هؤلاء أهلي.. وهي إحدى مناطق نفوذنا التاريخية.

نحن نعتبر هذه الانتخابات مكسبا لنا، لأنها أتاحت لنا التفاعل مع جماهيرنا بعد غياب عقدين. لذلك تمسكنا بخوضها رغم علمنا أنها محفوفة بالتزوير، ولن تكون مبرأة منه.

* هناك أقوال تشير إلى أن الرئيس البشير طلب من الميرغني تأجيل زيارته إلى ولاية النيل.. بعد أن رأوا السيل الجماهيري في الشرق.. ما مدى صحة ذلك؟

- سمعت ذلك يتردد في الشارع ولكن لا أعرف إن كان صحيحا.. لكن هذه الزيارات كانت مقلقة جدا للمؤتمر الوطني، لأنهم عاشوا على وهم أن هذه المناطق قد غيرت ولاءاتها، التاريخية، وتحولت إلى تابعين لهم.

* ما هي تقديراتكم للفوز؟

- نحن على قناعة تامة بأن الفوز سيكون من نصيبنا إذا جاءت الانتخابات حرة ونزيهة.. ليس هناك أي سبب يجعل المؤتمر الوطني يتفوق علينا جماهيريا. هم يتفوقون ماليا، ولاستخدامهم أجهزة الدولة. نحن قلنا لقواعدنا: خذوا منهم المال والدعم الذي يقدمونه لكم.. ولكن لا تعطوهم أصواتكم. هناك ملل لدى الناس لأنهم لم يروا أي فائدة لهم خلال 20 عاما، ولا يريدون أن يجربوا المجرب. ونحن نعقد أننا سنفوز، إذا كانت الانتخابات نزيهة وسنكون في المقدمة، خصوصا بعد انسحاب الأحزاب الكبرى، وأصبحت المنافسة الآن منحصرة بين حزبنا والمؤتمر الوطني.

* ألا ترى أنها مهمة مستحيلة في مثل هذه الظروف؟

- ليس مستحيلا إذا صارت الأمور بالطرق السليمة.. وأنا هنا أوجه بلغة القانونيين، إنذارا بالإخلاء للموجودين في القصر الجمهوري، لكي يخلوه خلال أسبوع، لأن أهل القصر يريدون العودة إليه. وعندما أقول أهل القصر أعني الاتحاديين، فحزبنا هو من بنى القصر، ووضع السارية على قمته، وعليها العلم.. وهو الحزب الذي انتخبه السودانيون في كل الانتخابات الديمقراطية. دخله الزعيم إسماعيل الأزهري، (اتحادي) في أول انتخابات سودانية.. ودخله أحمد الميرغني في آخر انتخابات سودانية. وبالتالي فنحن مؤهلون لدخوله لا الذين دخلوها على ظهر دبابة.

* هناك من يقول إن البشير غير قابل للهزيمة؟

- هم يقولون ذلك في المؤتمر الوطني.. ونحن نقول إذا كان بإرادة الجماهير، وعبر صناديق الاقتراع فسيسقط حتميا. أما إن كان عن طريق تزوير إرادة الجماهير.. والمؤتمر الوطني لديه باع طويل في هذا المجال.. فإن من الصعب هزيمة البشير.

* أنتم متحمسون.. هل تتوقع إذن انتخابات نزيهة؟

- كل الإرهاصات والحيثيات تشير إلى وجود نية للتزوير.. وهناك حجم كبير تم بالفعل.. والخروقات مستمرة حتى اليوم.. هناك مجموعة من شندي أخبرتنا أنها تسلمت أموالا من المؤتمر الوطني، للتصويت لهم، بعد أن أدوا القسم بعدم البوح بذلك. قلنا لهم خذوا الأموال وصوتوا لمن تريدون.. وأفتى لهم أحد الشيوخ بأن هذه الأموال حلال عليهم.. فقط عليهم كفارة القسم. فالانتخابات لن تأتي مبرأة وهناك خطة معدة للتزوير.. والشمولية ما زالت ضاربة أطنابها. وقادة المؤتمر الوطني أجبروا على ممارسة الديمقراطية، ولا تزال الأفكار الشمولية تسيطر عليهم.

* ولكن لماذا خوضها إذن وأنتم متأكدون من التلاعب؟

- نحن قررنا المشاركة لمراقبة هذه الانتخابات وحراستها والتقليل من حجم التزوير. لن نستطيع الحول دون وقوعه.. ولكن سنحاول التقليل من حجمه. نحن نعتبر أن هذه الانتخابات مصيرية وخطيرة، بل وأخطر انتخابات في تاريخ السودان. وستؤثر نتائجها على مستقبل السودان، وبالتالي نريد أن نكون حاضرين وشاهدين.. عليها، وموجودين في جهة اتخاذ القرار سواء في الجهاز التنفيذي أو التشريعي، حتى نحول دون وقوع الانفصال بأي شكل من الأشكال. والسبب الآخر هو أن هذه الانتخابات أتاحت لنا فرصة التواصل الجماهيري، فقد نفضنا الغبار بعد 20 عاما، وكسرنا حاجز الخوف والرهبة التي كان يزرعها المؤتمر الوطني في قلوب جماهيرنا، وجماهير الشعب السوداني، ونصبنا محاكم للنظام في ندواتنا الجماهيرية وكشفناهم فيها. وهذه فوائد.

* لماذا انسحبتم من السباق في البداية إذن؟

- لم يكن ذلك انسحابا نهائيا.. بل توجيه إنذار قوى للحكومة والمفوضية، يقول: إذا لم تستجيبوا لمطالبنا سنقاطع. وكان هذا القرار صادرا من هيئة مرشحي الرئاسة (تتكون من 11 مرشحا غير البشير) وأنا كنت جزءا منهم، وكان قرارا تضامنيا، في وقت كنا وما زلنا نسعى إلى إجماع وطني، وما كنا نريد أن نشذ عن القاعدة. أما وقد غاب هذا الإجماع، وصار كل حزب يتخذ قراره فرديا.. قام حزبنا بتقييم الوضع كله، وقرر مواصلة المشاركة.

* البعض تحدث عن أنكم عقدتم صفقة مع المؤتمر الوطني؟

- هذا غير صحيح.. وحديث ضار، القصد به إلحاق أضرار بحملتنا الانتخابية. نحن حزب كبير ولا يمكن أن نقبل العيش في جلباب وكنف حزب آخر. وأبسط رد على هذا الاتهام هو أننا نواجه منافسة حقيقية مع المؤتمر الوطني، وفرضت علينا الظروف مواجهة أكبر قادتهم، نحن نواجه نافع علي نافع (مساعد الرئيس)، وعوض أبو الجاز (وزير المالية)، وعلي كرتي (وكيل الخارجية)، وصلاح قوش (مستشار الأمن القومي)، في دوائر تعد من معاقلنا في شندي ومروي. بالإضافة إلى الرئيس البشير نفسه في انتخابات الرئاسة. وتدور حاليا مواجهة شرسة. وإذا كانت هناك صفقة، ما كان لمواجهة مثل هذه أن تتم، كان يمكن على الأقل أن يكون هناك تنسيق. ونحن الآن مطالبون بهزيمتهم. ليس هناك أي صفقة أو حتى مجرد تنسيق مع المؤتمر الوطني أو أي جهة كانت. ولا أريد أن أجرح أحدا، ولكن هناك بعض القوى السياسية غير مرتاحة لمشاركتنا في الانتخابات، وكانت تريدنا أن نقاطع، ولكننا نختلف معهم في هذا الاتجاه.. نحن نقول: المقاطع للانتخابات كالذي يموت من أجل السودان.. والمشارك كالذي يحيا من أجله. كلانا لم يرتكب جريمة. كنا نريد منهم أن نتوافق.. بدلا من إطلاق الاتهامات.

* لماذا أنتم خارج تحالف جوبا (جماعات المعارضة بالإضافة إلى الحركة الشعبية) منذ البداية؟

- رفضنا الانضمام إليه منذ البداية لأننا ندعو إلى طريق ثالث.. بعيد عن التحالفات غير المكتملة. نحن نرى أن المخرج الوحيد يكمن في إجماع وطني، وليس تحالفات ناقصة. الأزمة الحالية تحتاج إلى توافق وطني وإجماع وطني، لا يستطيع حزب واحد أو تكتل أحزاب الخروج منها. لذلك رفضنا أن نكون جزءا من أي صيغ تحالفية. ونحن فشلنا في إقناع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية للوصول إلى إجماع وطني، لأن كليهما كان يريد أن يناور مع القوى السياسية لتمرير أجندات تخصه. لهذه الأسباب لم نعادِ تحالف جوبا ولم ننضم إليه، لأن معظم مكوناته كانت معنا في التجمع الوطني الديمقراطي (تحالف المعارضة في الخارج).

* هل انتهى دور التحالف بعد أن فشل في التوفيق بين أحزابه؟

- لا شك في ذلك.. فشل التوصل إلى موقف موحد بشأن العملية الانتخابية، وهو الذي أنشئ لأجلها، يعني نهايته.

* ما سلبيات هذا التحالف، ولماذا لم ينجح في دوره في اعتقادك؟

- لأنه بصراحة تم شحنه بأطراف وأحزاب متناقضة ومتباعدة، وأخرى لم يتعد حجم عضويتها ما يملأ حافلة واحدة. صحيح أنها أحزاب صدق عليها المؤتمر الوطني، في إطار قانون الأحزاب، لكن ليس لها وجود وتأثير في الشارع. كنا نريد إجماعا بين القوى الرئيسية والأساسية التي يجمع بينها على الأقل حد أدنى من الأفكار والأطروحات، فيما لا يتعلق بوحدة السودان، وبالديمقراطية والتعددية، وحقوق الإنسان، على غرار التجمع الوطني.

* هناك من يشير إلى أن الحركة الشعبية تسيطر عليه لتحقيق أهدافها؟

- كل فيه يغني على ليلاه.. كل طرف لديه هدف يريد أن يحققه، الحركة الشعبية استفادت من التحالف ومررت قانوني الاستفتاء والمشورة الشعبية، هذا ما كان أن يتحقق لولا الضغط من أطراف جوبا. والقوى الأخرى استفادت من وجود الحركة معها للضغط على المؤتمر الوطني، لتحقيق أجنداتها. كل كان يريد أن يتقوى بالآخر.. ولكن ليس هناك قاسم مشترك بين هذه القوى.. وليس لديها برنامج موحد أو ميثاق.. وهذا أكبر عيوبه. كان مثل ناد كبير مفتوح للجميع.. تزداد عضويته وتنقص حسب الظروف.

* كان بينكم والحركة الشعبية تنسيق واتفاق سلام (1988)، ولكننا لا نرى تقاربا حاليا؟

- اتفاقات السلام المتجزئة.. شغلت كلا منا عن الآخر.. كنا حريصين على علاقات لا تشوبها شائبة، حرصا على استمرار وحدة السودان، لأن الوحدة لن تتم من طرف واحد، ولا بد من أطراف شمالية وجنوبية. ورغم أن بعض الجهات حاولت الوقيعة بيننا، فإننا صبرنا على علاقتنا مع الحركة لأننا نعلم أنها تشكل صمام الأمان لوحدة السودان.

* ما هي قراءتكم لقرارات الحركة مقاطعة الانتخابات؟

- هي مؤشر مزعج.. وقد اتصلنا معهم من أجل إثنائهم عن هذا القرار.. نحن نحترم قرارهم.. ولكن نظرتنا إليه تقول إنه مؤشر إلى قرب الانفصال. خطأ كبير من الحركة أن تتجه إلى هذا الاتجاه، فهو استجابة لاستفزازات المؤتمر الوطني، الذي لا يواري رغبته في وقوع الانفصال. ولكن نبشره بأن الانفصال لن يحدث. وحتى لو وقع الانفصال كما يقول الزعيم الميرغني لن يكون معه استقرار لا للجنوب أو الشمال.

* الرئيس البشير يقول إنه ليس لدى المعارضة برنامج غير إسقاط نظام حكمه؟

- دعني أؤكد للرئيس البشير أن لدينا برنامجا واعدا أسميناه «رؤية السودان 2020»، وتم نشره بصورة واسعة وعلى شبكة الإنترنت. وإسقاط المؤتمر الوطني عنوان بارز في برنامجنا الانتخابي. لأن هزيمته تعني هزيمة للفساد، والمحسوبية، والشمولية.. وتعني الأمل في الوحدة، ورفع المعاناة عن كاهل الناس.. وإعادة دولة القانون، ولهذا السبب نحن لا نخجل أن نقول إن من أهدافنا هزيمة المؤتمر الوطني لأنها واجب وطني.

* إذا حصلتم على مركز وسط في الانتخابات المقبلة.. هل تقبلون تحالف أو ائتلاف مع الوطني لتشكيل الحكومة الجديدة؟

- إلا إذا كان من خلال حكومة قومية ذات قاعدة عريضة.. أما ائتلاف ثنائي فلا يمكن.. لأن المزاج الاتحادي لا يقبل أي تحالف أو تقارب مع الوطني. وهذا مستبعد لوجود تباين وغبن خلال السنوات الماضية، حيث قام المؤتمر الوطني، باستهداف الاتحاديين وشردهم وطردهم من وظائفهم، ومارس الظلم ضدهم.

* إلى أي مدى تؤثر الانشقاقات الكثيرة داخل الحزب على حظوظه في الانتخابات؟

- لو كانت هناك ميزة لهذه الانتخابات فهي أنها قد وحدت وجدان الاتحاديين.. وأنا الآن لست مرشح الحزب الاتحادي الأصل.. ولكن مرشح كل الاتحاديين، على مختلف مسمياتهم. اتصلوا بي وساندوا ترشيحي وقالوا إنني مرشحهم الوحيد إلى رئاسة الجمهورية. حتى الاتحادي المسجل بقيادة الدكتور جلال الدقير، ورغم إعلانه أنه سيصوت للبشير، فإن كثيرا من قادته وقواعده جاءوا وقالوا إنهم لن يصوتوا للبشير مخالفين قائدهم. الاتحاديون الآن على قلب رجل واحد.. رغم وجود قلة داخل المؤتمر الوطني، تركب «ماكينة» اتحادية، وهي قلة معزولة.

* الاتهامات الآن أنكم بلا مؤسسات وهياكل واضحة.. هناك زعيم اسمه الميرغني.. أما تحته فليس هناك جسم واضح المعالم؟

- هذه تهمة تلاحقنا منذ زمن طويل، ولكنها غير صحيحة.. نحن لدينا الآن 1100 مرشح على مستويات الانتخابات كافة. لا توجد دائرة انتخابية واحدة إلا ولدينا فيها مرشح.. وهذه الترشيحات جاءت عبر لجان ومؤسسات للحزب قائمة في كل ولاية، حتى في الولايات الجنوبية. والآن نقوم بإدارة انتخابات متجانسة، تقف خلفها وتدعمها مؤسسات فاعلة ومنتخبة وقوية. ولكن أيضا نقول إننا سنقوم خلال الفترة المقبلة إن شاء الله بعقد مؤتمرات عامة لتشكيل مؤسسات متكاملة، وقد استفدنا من هذه الانتخابات، لأنها أنتجت قيادات شابة جديدة، مؤلمة ومخلصة يمكن الاستفادة منها لضخ الدماء الجديدة في شرايين الحزب.

* هناك تعبئة قوية داخل الشارع السوداني والبعض يتخوف من انفلاتات بعد النتائج.. كيف ستتحكمون في عناصركم؟

- لا نستطيع التحكم في عناصرنا، وناخبينا.. إلا إذا التزمت الحكومة بالحيادية والنزاهة.. أنا متأكد من أن العنف سينتشر، وستعم الفوضى إذا لم تكن الانتخابات نزيهة وحرة. وهذا ما لا نريده للسودان. هناك مظاهر حالية للعنف، حيث يتعرض أي موكب اتحادي الآن للضرب من منسوبي المؤتمر الوطني. هذا قبل النتائج.. فماذا سيكون بعدها؟ المؤتمر الوطني الوحيد الذي يملك السلاح ولديه قوات وميليشيا شعبية، والقوات النظامية. كنا نريد حلا توافقيا بين الجميع لإخراج الانتخابات بصورة سلمية، وتكون محل رضا الجميع.

* كيف ترى مستقبلك الشخصي في الحزب إذا لم تفز؟

- أنا جندي مخلص للاتحاد، وقبلت هذا التكليف وأنا على قناعة بأني لست الأفضل في هذا الحزب. فالحزب مليء بالقيادات المؤهلة. ولكنه شرف كبير لي كرمني به الاتحاديون. وحتى لو أنهيت حياتي السياسية بهذا التكليف، أعتقد أنه شرف كبير لي لا يدانيه شرف. وسأستمر كجندي في أي موقع.

* وإذا فزت.. ما هو أول قرار تتخذه وأنت في السلطة؟

- أريد أن أعيد البسمة إلى شفاه السودانيين، وأرى أن المدخل إلى ذلك، هو إعادة المفصولين من الخدمة المدنية والعسكرية في السودان، وأعدادهم بالآلاف، وقد فصلوا بسبب انتماءاتهم الحزبية. وأمامي الآن ملفات عدد كبير منهم.

* كيف تتعامل مع قرارات المحكمة الجنائية؟

- المحكمة صارت واقعا.. شأنا دوليا.. وإذا أصبحت رئيسا فلا بد من المحافظة على الشرعية الدولية، ولن أدخل في مواجهة مع المجتمع الدولي، الذي أريد أن أتصالح معه، وسنعمل مع مجموعة من الخبراء القانونيين السودانيين في المؤسسات العدلية العالمية لإيجاد صيغة محددة تجنب السودان الدخول في إشكالات مع المجتمع الدولي. وتحقق العدالة في الوقت نفسه.

* كيف ترى العلاقات الخارجية؟

- لدينا في الحزب الاتحادي علاقات صداقة متينة مع الكثير من دول الجوار العربي والأفريقي والدول الأجنبية، سنستثمر هذا الرصيد لمصلحة السودان. للأسف فإن السودان لا يزال وحتى قبل أيام في قائمة الدول الراعية للإرهاب حسب آخر تقرير للإدارة الأميركية. هذا واحد من همومنا.. أن نزيل عن السودان سمعة الإرهاب والتطرف، وأن نغير وجهه ليكون لاعبا أساسيا في مجالات التعاون والتنسيق مع المجتمع الدولي، وأن نكون دولة متصالحة مع جيرانها لا متحاربة معهم، وأن لا يكون السودان مصدر تهديد لأي دولة في العالم.