أوباما أمام تحد جديد.. اختيار قاض للمحكمة العليا

الرئيس يواجه صعوبة إحداث توازن بين ميوله الليبرالية وكسب التأييد الشعبي

TT

يواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما تحديا جديدا يتمثل في اختيار كبير قضاة المحكمة، وذلك بعد أن أعلن القاضي جون بول ستيفنز أول من أمس عزمه على التقاعد. وبينما ستكون العملية فرصة لأوباما ليختار كبير قضاة يحدد مسار المحكمة حتى بعد انتهاء ولايته الرئاسية، فإن الرئيس يتعين عليه إحداث توازن بين آرائه الليبرالية من جهة والحصول على دعم شعبي لاختياره. وجاء إعلان كبير القضاة عزمه على التقاعد قبل سبعة أشهر من انتخابات الكونغرس.

وتعد مهمة ترشيح أحد القضاة التسعة في المحكمة العليا من أبرز صلاحيات الرئيس الأميركي، وفي الغالب إذا كان الرئيس ديمقراطيا فإنه يختار قاضيا ليبراليا للمنصب، بينما يبحث الرؤساء الجمهوريون عن قضاة محافظين للتأكد من تفسير محافظ للدستور والقوانين الأميركية. وترشيح وتعيين القضاة، الذي يحتاج إلى مصادقة مجلس الشيوخ، يؤثر على الولايات المتحدة بشكل كبير لأن القاضي الذي يعين في هذا المنصب يبقى فيه لمدة زمنية غير محددة، ولا تنتهي ولايته إلا بالتقاعد أو الوفاة.

وإثر إعلان ستيفنز عزمه على الاستقالة، قال أوباما: «أعتبر عملية اختيار مرشح للمحكمة العليا من بين أكثر مسؤولياتي جدية كرئيس». وأضاف: «بينما لا يمكن استبدال خبرة القاضي ستيفنز أو حكمته، سأبحث خلال الأسابيع المقبلة عن شخص تكون لديه خصال مشابهة: عقل مستقبلي وسجل من الامتياز والكرامة، والتزام شديد لحكم القانون، وتفهم جيد لكيفية تأثير القانون على الحياة اليومية للشعب الأميركي». وستيفنز، الذي عمل في المحكمة العليا على مدار 35 عاما بعد ترشيحه من قبل الرئيس الأميركي السابق جيرالد فورد، معروف بآرائه الليبرالية خاصة في القضايا الاجتماعية. واشتهر ستيفنز عندما كتب رأيا مخالفا عن المحكمة العليا حول تفسيرها للانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2000، فعندما انتخب جورج بوش رئيسا وهزم آل غور بفارق قليل من الأصوات أدى إلى تدخل المحكمة العليا.

وبينما يتمتع أوباما بغالبية ديمقراطية في مجلس الشيوخ مما يعني سهولة المصادقة على اختياره، فإن جلسات الاستماع حول ترشيح أي قاض للمحكمة العليا عادة ما تشوبها نقاشات مكثفة ومثيرة للجدل حول القضايا الاجتماعية والسياسية داخل البلاد. وحدوث مثل هذا النقاش قبل بضعة أشهر من انتخابات الكونغرس سيزيد من الخلافات السياسية الداخلية والانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين. وسيكون على أوباما اختيار إما مرشح معتدل في الآراء السياسية والاجتماعية بهدف ترضية الجمهوريين والعمل بروح التوافق السياسي الذي يقول إنه جوهري بالنسبة إليه، أو مرشح يعتبره مناسبا لتمثيل آرائه الليبرالية التي قد تؤدي إلى تعرضه لمزيد من هجمات الجمهوريين ضده.

واعتبرت صحيفة «واشنطن بوست» أمس أنه بغض النظر عما يمكن أن يفعله أوباما، فمن المؤكد أنه سيواجه انتقادات من الجمهوريين. ومن المرتقب أن يستخدم الجمهوريون النقاشات حول مرشح المحكمة العليا لتكون محورا للحملات الانتخابية ضد الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس، على أساس أن ذلك سيسمح بـ«استيلاء» الديمقراطيين على البلاد.

يذكر أن المحكمة حاليا منقسمة لصالح المحافظين من القضاة، 5 محافظين مقابل 4 ليبراليين ضمنهم ستيفنز. وسيبحث أوباما عن مرشح، أو مرشحة، ليبرالية لإبقاء التوازن في المحكمة. ومن بين المرشحين المفضلين حاليا المحامية إيلينا كيغان (49 عاما) التي كانت عميدة كلية القانون في جامعة هارفرد.

ومن المرتقب أن تنتهي عملية ترشيح القاضي الجديد خلال الأسابيع المقبلة مما سيمنح مجلس الشيوخ أسابيع لمناقشة الترشيح والمصادقة عليه ليبدأ القاضي الجديد عمله بحلول الخريف المقبل.

يذكر أن إعلان ستيفنز استقالته عن عمر يناهز 89 عاما ليس بالأمر غير الاعتيادي، إذ إن الكثير من القضاة الذين يصلون إلى عمر متقدم يختارون التقاعد إذا كانوا على وئام مع الرئيس ليمنحوه فرصة تعيين قاض جديد بميول سياسية مشابهة.