ملايين السودانيين يتوجهون إلى صناديق الاقتراع اليوم في انتخابات مصيرية ترتب لاستفتاء الجنوب

هدوء في شوارع الخرطوم.. وإعلان عطلة لمدة 3 أيام >كارتر يؤكد: البشير وعدني بانتخابات نزيهة

عاملون تابعون لمفوضية الانتخابات يجهزون أوراق الاقتراع في أحد المراكز بالخرطوم (أ.ب)
TT

يتوجه أكثر من 16 مليونا و500 ألف ناخب سوداني اليوم إلى مراكز الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المصيرية التي تنطلق لأول مرة منذ ربع قرن، لاختيار رئيس للجمهورية وحكام لـ25 ولاية منها 15 في الشمال و10 في الجنوب، واختيار نواب للبرلمان القومي وبرلمانات الولايات، في أكبر بلد أفريقي خرج قبل خمس سنوات من حرب أهلية دامية ولا يزال يشهد حركة تمرد في دارفور، واضطرابات في الجنوب الذي يستعد لتقرير مصيره بشأن الوحدة أو الانفصال مطلع 2011.

وتعبر هذه الانتخابات هي الأولى من نوعها منذ انتخابات 1986، وتجري وسط مقاطعة أبرز الأحزاب السياسية، من بينها الحركة الشعبية لتحرير السودان، وحزب الأمة، والحزب الشيوعي. ويخوض الانتخابات التي ترتب لمرحلة الاستفتاء 8 مرشحين لرئاسة الجمهورية، أبرزهم الرئيس عمر البشير. وبدت شوارع الخرطوم شبه خالية أمس بسبب عطلة رسمية في الأساس يوم السبت، وبسبب خروج أعداد كبيرة من السكان إلى الولايات، إما للمشاركة في الاقتراع في مناطقهم، أو تحسبا لحدوث أي توترات أمنية محتملة أثناء عمليات الاقتراع، حسب أقوال المسافرين إلى الولايات. ويشاهد في العاصمة حضور كثيف للأجهزة الأمنية في الشوارع ومداخل المدن والجسور والمرافق الحساسة، كما يشاهد حضورا كبيرا لوسائل الإعلام الإقليمية والدولية التي جاءت لتغطية الانتخابات.

فيما قال الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر إنه حصل على وعد من الرئيس عمر البشير بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، في لقاء بينهما أمس. وأعلن كارتر صحافيين أمس بأن مركزه سوف يصدر يوم 17 أبريل (نيسان) بيانا حول مراقبة الانتخابات. وأضاف أنه بحث مع الرئيس عمر البشير «القضايا نفسها التي تناولناها مع زعماء الأحزاب الآخرين، وهي التي تتعلق بالانتخابات والاستعدادات الجارية آملا في أن تكون سلمية وحرة ونزيهة»، وذكر أن الرئيس البشير أكد له مثلما أكدت المفوضية القومية للانتخابات نزاهة الانتخابات.

وفي حضور المئات من الصحافيين والمراسلين، عقدت مفوضية الانتخابات أمس مؤتمرا صحافيا استغرق أكثر من ثلاث ساعات، أطلقت خلالها العملية الانتخابية. وقال البروفسور عبد الله أحمد عبد الله نائب رئيس المفوضية القومية للانتخابات إن الترتيبات قد اكتملت لبداية الاقتراع للانتخابات في موعدها اليوم، وذكرت المفوضية أنها أوصلت كل المعدات واللوجيستيات الخاصة بعملية الاقتراع إلى الولايات.

وستحكم القوى التي ستفوز في الانتخابات الحالية 4 سنوات، عليها أن ترتب إلى استفتاء تقرير المصير لجنوب السودان بين الاستمرار في الوحدة أم الانفصال عن الشمال. وتقاطع الانتخابات أربعة أحزاب معارضة رئيسية، فيما تقاطع الحركة الشعبية الانتخابات في المستوى الرئاسي مع غموض يكتنف موقفها في قطاع الشمال.

ويخوض الانتخابات نحو 76 حزبا، أبرزها حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ومرشحه للرئاسة الرئيس عمر البشير، والحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان ومرشحه للسباق الرئاسي حاتم السر، وحزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي ومرشحه للرئاسة عبد الله دينق نيال.

وحددت المفوضية القومية للانتخابات إجراءات التحقق من شخصية الناخب في الانتخابات استنادا إلى المادة 22 (2) ب من قانون الانتخابات، والمادة 44 من القواعد العامة للانتخابات. وأوضحت المفوضية في منشور تم توجيهه إلى رؤساء اللجان العليا والأعضاء ومراكز الاقتراع وضباط الدوائر الإجراءات المطلوب اتباعها للتحقق من شخصية الناخب، مثل تقديم إثبات الشخصية أو شهادة معتمدة من اللجنة الشعبية المحلية أو سلطات الإدارة الأهلية والتقليدية.

وأعلن رئيس اللجنة الفنية العليا بالمفوضية القومية للانتخابات عن توافر جميع معينات ومواد عملية الاقتراع التي ستجرى غدا بالبلاد وتستمر لمدة ثلاثة أيام. وأشار في المؤتمر الصحافي الذي عقدته المفوضية اليوم بقاعة الصداقة إلى أن عدد بطاقات الاقتراع المعدة للعملية نحو 170 مليون بطاقة، مضيفا أن هذه البطاقات روجعت من قبل المفوضية وتمت طباعتها في كل من بريطانيا وجنوب أفريقيا والسودان. وقال إن عدد الصناديق المستخدمة في الاقتراع بلغ 120 ألف صندوق، صممت في كل من الصين والدنمارك، تم تسلمها في مطاري الخرطوم وجوبا لتوزيعها على المراكز في شمال البلاد وجنوبها، بجانب 20 ألف صندوق تحتوي على المواد المستخدمة في العملية الانتخابية، وبلغ عدد الستائر المصممة لإجراء العملية نحو 53 ألف ستارة صنعت خارج البلاد. وأشار إلى أن كل المواد المتعلقة بعملية الاقتراع نقلت إلى جميع رئاسات الولايات لتوزيعها على مراكز الاقتراع، مضيفا أنه تم استخدام 200 شاحنة و11 مروحية عبر 400 رحلة جوية لنقل هذه المواد إلى جنوب البلاد.

وأوضح أنه تم نقل معينات ومواد عملية الاقتراع إلى ولايات دارفور بواسطة تسيير نحو 16 رحلة جوية إلى كل من الفاشر ونيالا والجنينة، بجانب 5 مروحيات. وبلغ عدد الرحلات لتوزيع المواد على المراكز 75 رحلة جوية، مضيفا أنه بلغ وزن المواد نحو 2800 طن. وقال إن عدد الموظفين الذين يعملون في العملية بلغ 16758 موظفا، بجانب أعضاء اللجان العليا بالمراكز، مضيفا أن هؤلاء الموظفين تم تدريبهم على عملية الاقتراع. من جانبه، قال موسى محجوب، رئيس اللجنة العليا للانتخابات بولاية الخرطوم (العاصمة) إنه تم وضع الترتيبات اللازمة لإقامة الانتخابات في موعدها، مشيرا إلى أن عدد الناخبين بالولاية يبلغ مليونا وتسعمائة وستة وعشرين ألفا وخمسمائة وأربعة وعشرين ناخبا، في 86 دائرة انتخابية، منها 36 دائرة للمجلس الوطني، و50 دائرة للمجلس الولائي وقوائم التمثيل النسبي للأحزاب والمرأة. وأضاف أن عدد المرشحين لمنصب الوالي بلغ سبعة عشر مرشحا، منهم سبعة مستقلين وعشرة يمثلون أحزابا سياسية، فيما يبلغ عدد المتنافسين من المرشحين للمجلس الوطني للدوائر الجغرافية 510، منهم 423 يمثلون الأحزاب السياسية، و78 من المستقلين. وبخصوص المرشحين للدوائر الولائية قال إن عدد المتنافسين يبلغ 697 مرشحا، منهم 578 يمثلون الأحزاب السياسية. وعن نسبة الترشيح للمستقلين في هذه الانتخابات قال إنها مرتفعة مقارنة مع ما سبقها من انتخابات وبخاصة انتخابات 1986، وأعلن أن هذه الانتخابات تشهد مشاركة كبيرة للأحزاب السياسية، حيث يشارك في هذه المرة أربعة وثمانون حزبا مقارنة بمشاركة أحزاب قليلة خلال الانتخابات الماضية، وأكد سيادته أن التجهيزات بالمراكز الانتخابية والتي يبلغ عددها ثمانمائة وعشرين مركزا للاقتراع قد شارفت على الانتهاء بجميع محليات الولاية.

وأكد مدير عام قوات الشرطة الفريق أول هاشم عثمان الحسين في مؤتمر صحافي اكتمال كل الترتيبات لتأمين الانتخابات، مؤكدا تسلم قوات الشرطة لكل مواقعها التأمينية للانتخابات، موضحا أن البلاد تشهد استقرارا أمنيا بجميع الولايات بفضل الانتشار الشرطي الواسع والتنسيق بين الأجهزة الأمنية المختصة. وأكد استقرار الأوضاع الأمنية بولايات دارفور، وذلك بفضل الخطط التي يجري الآن إنفاذها، إضافة لجاهزية الشرطة للتصدي لأي ظرف أمني طارئ قد يحدث أثناء أو بعد عملية الاقتراع. وأبان أن الشرطة قد أكملت كل الترتيبات الإدارية والفنية التي تمكن القوة من أداء مهامها على الوجه الأكمل، وناشد المواطنين عدم الالتفات للشائعات التي قد تضر بالعملية الانتخابية، داعيا لضرورة الاتصال بشرطة النجدة على الرقم (999) لأخذ المعلومات الصحيحة.