كارثة طيران في روسيا تفجع بولندا.. إنسانيا وسياسيا

الرئيس وزوجته وصفوة المسؤولين قتلوا في تحطم طائرة > الطيار رفض تعليمات بالهبوط مبكرا بسبب الضباب

بولنديون يسجلون التعازي في وفاة الرئيس البولندي وزوجته أمام القصر الرئاسي في وارسو أمس (إ.ب.أ)
TT

قتل الرئيس البولندي، ليخ كاتشينسكي، والكثير من كبار ضباط الجيش والمسؤولين البولنديين، أمس، في حادث تحطم طائرتهم، أسفر عن مصرع ركابها الـ96 في مدينة غرب روسيا. وكان من بين الضحايا أيضا زوجة الرئيس، ماريا كاتشينسكي، ورئيس البنك المركزي البولندي، سلافومير سكرزيبك، وقائد أركان القوات المسلحة، فرانسيشك غاغور، وكبار قادة الجيش البولندي، إضافة إلى عشرات البرلمانيين. وبعد ساعات من الحادث، عثر على جثمان الرئيس في موقع سقوط الطائرة في منطقة سمولينسك، حسبما أفاد مصدر مسؤول في قوات الأمن الروسية.

وأفادت وكالات الأنباء الروسية، نقلا عن وزارة الحالات الطارئة الروسية، أن 96 شخصا بينهم 88 شخصا أعضاء الوفد البولندي كانوا على متن طائرة «توبوليف - 154» التي تحطمت في غابة قرب سمولينسك، مضيفة أنه لم ينج أحد من الحادث. وأشارت إلى أن الطائرة من طراز «تو - 134» سقطت لدى المحاولة الرابعة لهبوطها، وقبل أن تصل إلى أرض ممر مطار «سيفيرني» (الشمالي) العسكري بعد اصطدامها بأشجار الغابات المحيطة بالمنطقة في ظل ظروف الضباب الكثيف. وكشفت المصادر أن مطار سمولينسك كان مغلقا بسبب سوء الأحوال الجوية، واقترحت سلطات المطار على قائد الطائرة التحول إلى أي من مطارات مينسك أو موسكو، لكنه أصر على محاولة الهبوط في سمولينسك. وقال سيرغي أنتوفييف، محافظ مقاطعة سمولينسك، إنه لم ينج أحد من ركاب الطائرة التي سقطت هناك.

وأعلن مصدر من قوات الأمن الروسية لوكالة «ريا نوفوستي»: «يبدو أن الكارثة ناجمة عن خطأ ارتكبه طاقم الطائرة». وأفادت وكالة «إنترفاكس» بأن السلطات الروسية اقترحت على الطاقم البولندي الهبوط في مينسك أو موسكو بسبب كثافة الضباب، لكن الطيار رفض الاقتراح، وحاول مرارا الهبوط قرب سمولينسك كما كان متوقعا. وتحطمت الطائرة في رابع محاولة هبوط وفق ما أفادت «إنترفاكس»، التي نقلت أيضا عن مصدر في السلطات الجوية البيلاروسية، طلب عدم ذكر هويته، معلومات مشابهة.

وصرح مصدر مسؤول لوكالة «إنترفاكس» الروسية بأنه عندما حلقت الطائرة فوق بيلاروس «طلب منا زملاء روس إعطاء معلومات حول سوء الأحوال الجوية للهبوط في سمولينسك». وأضاف أن «مراقبي الجو في بيلاروس نقلوا المعلومات إلى طائرة (توبوليف - 154)، لكن الطيارين البولنديين قرروا مواصلة الرحلة إلى سمولينسك».

وعرض التلفزيون الروسي لقطات لجسم الطائرة المحترق، وأجزاء من الطائرة متناثرة في الأحراج. وتعد الطائرة المنكوبة واحدة من بين طائرتين من طراز «توبوليف تي يو - 154» في أسطول الحكومة البولندية عمر كل منهما 20 عاما.

وكان مقررا، حسب الخارجية الروسية، أن يزور الرئيس البولندي وما يزيد على 800 من الشخصيات الرسمية وغير الرسمية منطقة كاتين في مقاطعة سمولينسك للاحتفال صباح أمس بذكرى المذبحة التاريخية التي تقول بولندا إن الاتحاد السوفياتي، وبأوامر شخصية من ستالين قتل فيها الآلاف من الضباط والمثقفين البولنديين المناوئين له إبان الحرب العالمية الثانية. وكشفت المصادر أن الوفد الرسمي البولندي كان يضم أيضا 50 من أعضاء «السيم» (البرلمان البولندي).

وقالت إن 400 من المفروض مشاركتهم في الاحتفال استقلوا القطار في وقت سابق للوصول إلى سمولينسك. وكان من المقرر أن يشارك الرئيس البولندي في تسليم الأوسمة البولندية إلى عدد من الشخصيات الروسية أعضاء منظمة «ميموريال».

وقد أصدر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أوامره بتشكيل لجنة تحقيق برئاسة رئيس الحكومة فلاديمير بوتين الذي كان زار المنطقة مع نظيره البولندي، دونالد تاسك، في السابع من الشهر الحالي. وذكرت وكالات الأنباء الروسية أن بوتين توجه، أمس، إلى مكان الكارثة في سمولينسك.

وإثر مقتل كاتشينسكي، تولى رئيس مجلس النواب في البرلمان البولندي، برونيسلاف كوموروفسكي، مهام رئيس الدولة وفقا للدستور. وأعلن كوموروفسكي الحداد الوطني لمدة أسبوع. كما أعلن المتحدث باسم الحكومة، بافل غراس، أن مجلس الوزراء البولندي سيعقد جلسة طارئة في وارسو في أسرع وقت ممكن. ومن المفترض أن تنظم بولندا انتخابات رئاسية قبل نهاية يونيو (حزيران) المقبل، وذلك عملا بمقتضيات الدستور إثر مقتل الرئيس كاتشينسكي. ووصف رئيس الوزراء البولندي، دونالد تاسك، تحطم الطائرة بأنه «أكثر الأحداث مأسوية في تاريخ بولندا بعد الحرب». وأعلنت بولندا، على لسان وزيرها للعدل، كريستوف كفياتكوفسكي، من ناحيتها البدء بتحقيق خاص بها في أسباب الحادث.