بري : حكومة الحريري تعرقل نفسها.. وإسرائيل قد تورط أميركا في حرب ضد لبنان أو غزة

قال لـ «الشرق الأوسط» : تحالفي مع حزب الله هدفه عدم تلويث البحيرة التي تسبح فيها المقاومة

TT

لا يرى رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، نفسه شريكا في «صفقة» كثر الحديث عنها لتأمين مرور الانتخابات البلدية من غير إصلاحات يصر عليها البعض ويسعى إلى تمريرها، وفي مقدمة هؤلاء حليف حليفه، رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، الذي يعترف بري بأن هناك بعض التباعد معه، لكنه يرفض رده إلى الانتخابات النيابية الأخيرة التي خاض فيها عون ضده معركة فاز فيها في قضاء جزين حيث الغالبية المسيحية في جنوب لبنان. ويكشف بري عن سرّين في هذا المجال، أولهما أنه قرر عدم التدخل من قريب ولا بعيد في الانتخابات البلدية في جزين وقراها، والثاني أنه وقع اتفاقا مكتوبا مع عون بخصوص الانتخابات النيابية يؤكدان فيه أنها لن تؤثر على العلاقة بينهما. لكن بري يرد أسباب التباعد إلى موقف عون من رفض الهيئة الوطنية إلغاء الطائفية السياسية، وموقفه من التصويت ضد خفض سن الاقتراع.

ويرفض بري وصف اتفاقه مع حزب الله على العمل المشترك في الانتخابات البلدية بأنه «تحالف فوقي يفرض على الأحزاب الأخرى والعائلات»، كاشفا عن أن الحزب والحركة سوف يطبقان النسبية في توزيع المقاعد البلدية انطلاقا من نتائج عام 2004. مبررا هذا الاتفاق بأنه لتجنيب «البحيرة التي تسبح فيها المقاومة مع أسماك القرش»، لأنه «إذا كان (البيسين) الذي تسبح فيه المقاومة فيه هذا القدر من التلوث، فإن الأمر سيؤثر عليها».

وينأى الرئيس بري بنفسه عن عرقلة عمل حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها سعد الحريري، التي يرى أنها «تعرقل نفسها»، كاشفا عن أنه عرض على الحريري أن يصوت مع فريقه لصالح آلية تعيينات تلتزم معايير الكفاءة، ولو كان الأمر محل اعتراض من حلفائه في المعارضة السابقة، لكن الآلية لم تعرض على التصويت.

وهنا نص الحوار:

* فجأة أصبحت الانتخابات البلدية في لبنان أمرا واقعا، وعلى بُعد أسابيع فقط من موعدها، فما الذي حصل؟

- لا شيء مجهولا في هذا الموضوع. الأمر طرح على مجلس الوزراء - وأنا هنا أستعمل تعبيرا دبلوماسيا - ولدرجة أنه استغرق 4 أشهر تقريبا للبحث في تعديلات انتخابية، فموضوع البحث لم يكن موضوع قانون البلديات الذي هو أكبر بكثير من مجرد الفصل الانتخابي. ما طرح كان فقط موضوع إجرائي يتعلق بالانتخابات البلدية، وضعوه تحت عنوان الإصلاحات. فإذا كان الموضوع يدرس مرة أو مرتين في الأسبوع، ويتخللهما دائما «الأسفار»، يستغرق 4 أشهر.. فكم نحتاج إذن لتعديل قانون البلديات برمته؟ على هذا الأساس تصرفوا وأرسلوه (إلى البرلمان) بصفة «المعجل». وأنا قلت يومها لهم: تعاملتم مع الموضوع في مجلس الوزراء بصفة المؤجل، وأرسلتموه إلى البرلمان بصفة المعجل، ومن الآن أقول لكم إن مصيره في مجلس النواب سيكون أحد الأجلين.

* الأجلان؟

- إما أن نحشر بتوقيت الانتخابات وإما أن يذهب المشروع إلى الانتخابات المقبلة بعد 6 سنوات، وهذا ما حصل. المؤلم أن الإصلاحات التي بعث بها وزير الداخلية فيما خص مشروع الانتخابات إلى مجلس الوزراء كانت مقبولة، ويطرح فيها الإصلاح كموضوع النسبية، والكوتة النسائية، وضرورة حيازة الرئيس ونائبه شهادات معينة، وانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب. وبغض النظر عن نوعية هذه الطروحات، فإن المبدأ هو وجود فكرة إصلاح. لكن ما حصل هو أننا تمخضنا عن تطيير الإصلاحات في مجلس الوزراء التي اقترحها الوزراء. أما مجلس النواب فلا يزال الأمر متاحا بين يديه الآن، على الرغم من المواعيد الداهمة، أن يمضي قدما في الإصلاحات. وأنا سوف أشجع على هذا الأمر، وأتمنى لو يستطيع المجلس أن يعيد الإصلاحات، بل إضافة إصلاحات أفضل من التي وضعها الوزير.

الجميع كان يعرف أن كل يوم يمر يعني اقتراب موعد الانتخابات، وفي الوقت نفسه يدرك أن عملية التأجيل مضرة كثيرا أمام الرأي العام، وأمام مراقبي الانتخابات في شتى أنحاء العالم. أضف إلى ذلك أننا نقوم بشيء فيه انتقاص لهيبة الدولة. لذلك ترى الآن تصريحات في الصحف، تقريبا من جميع القوى السياسية، تقول إن الانتخابات في وقتها، أفضل من عدم الانتخابات مع الاحترام للإصلاحات.

* تحدث البعض عن «صفقة» لفرض الانتخابات بالقانون القائم..

- فليقولوا لي بين مَن ومَن؟ وما الصفقة؟ أنا أريد أن أكشف سرا هنا.. في الأسبوعين الأولين مع بداية النقاش في الموضوع داخل مجلس الوزراء، زرت دولة الرئيس سعد الحريري، وتناولت العشاء عنده، وقلت له: إنني أرى أنكم لن تستطيعوا إنجاز شيء في المهلة القصيرة أمامكم، والمجلس الدستوري لن يقبل بتأجيل الانتخابات، إنما إذا قدمنا تبريرات لهذا الموضوع، وكانت هناك سلة متكاملة، فنستطيع أن ندرس قانون البلديات بأكمله، بالإضافة إلى أنكم التزمتم في بيانكم الوزاري (للحكومة) أن تضعوا قانونا للانتخابات النيابية على أساس النسبية، كما التزمتم بمشاركة المغتربين في أماكن وجودهم خلال 6 أشهر، والمهلة تمر. وبالإضافة إلى هذا كله، قانون اللامركزية الإدارية الموجود في اللجان.

اقترحت أن يتم اتخاذ موقف بإنجاز هذه السلة في مجلس الوزراء الذي يمثل الجميع، وحضضته على جرأة القرار في هذا الموضوع، وأن يبرر التأجيل بالأسباب، حتى لو اقتضى الأمر تأجيل الانتخابات سنة. وقلت له: إننا إذا توصلنا إلى هذا الشيء، فسوف نكون أمام خطوة يخلدها التاريخ، لأنه كثيرا ما تحصل الخلافات بين اللبنانيين كل 4 سنوات على قوانين الانتخاب، بدءا من عام 1953. وقد أجابني (الرئيس الحريري): دعني أفكر في هذا الموضوع، وأعود إليك. لكنه لم يعد.. أين الصفقة التي حصلت؟ وأقول للذين يتحدثون عن صفقة، «الله يسفقهم» على هذا الكلام.

* حكوة تتمثل فيها جميع الأطراف الأساسية توافقت على مشروع وأرسلته إلى مجلس النواب، ويفترض أن يعني هذا أن المشروع يحظى برضا الجميع، وأن يقر كما هو على الأقل في مجلس النواب.. أما كان يمكن إقراره بمادة وحيدة كما طالب بعض النواب (من تكتل «التغيير والإصلاح»؟

- هذه العادة التي كانت تتبع منذ زمن (إقرار القوانين بمادة وحيدة، فإما أن ترفض كما هي أو تقر كما هي)، لن تتبع في وجودي. أكبر حكومة في لبنان تتألف من 30 وزيرا، يقضون الشهور والسنوات يدرسون موضوعا، بينما عدد النواب 128، وهناك ضرورة «قسرية» لتمرير المشاريع على اللجان كما ينص النظام الداخلي للمجلس. وهناك نصوص تشير إلى ضرورة تحويل الموضوع إلى اللجان المشتركة إذا حصل تناقض بين لجنة وأخرى حول المشروع. أنتم (الحكومة) تخولون أنفسكم البحث فيها بشهور، وتريدون منا إقرارها في أيام! هذا غير منطقي. ومن جهة أخرى، ليس المجلس خاضعا للحكومة أو لأي حكومة أخرى، بل العكس. لا أحد يستطيع أن يفرض علينا أمرا. لو استشاروني قبل إضفاء صفة العجلة على المشروع، لقلت لهم إنها لن تجدي. صفة العجلة توضع على مشروع يحتاج إلى حالة طوارئ في البرلمان. أعطيكم مثالا: أمر كنت أردده منذ 3 سنوات لخفض عجز الموازنة، والديْن يزداد. هذا الأمر هو النفط الذي توجد منه كميات كبيرة قبالة كسروان وقبالة الشاطئ الجنوبي، وهذا ما أكدته شركات بحث محترمة جدا، كما أن الإسرائيليين اكتشفوا كميات لا تصدق قبالتنا في البحر، وبحر الجنوب هو ذاته. هل بتنا لا نحتاج إلى أموال الآن، والـ51 مليارا من الديْن (العام) يمكن تسديدها من (ضريبة) القيمة المضافة؟ وإحدى المرات النادرة التي أتوافق فيها مع الرئيس (السابق للحكومة) فؤاد السنيورة، بخاصة على الموضوع المالي كانت في هذا الموضوع، فقد اعترف بأن الكلام صحيح، لكن أين القانون؟ القانون تبرعت به النرويج، أنجز القانون في عهد الحكومة السابقة، لكنهم كانوا يبررون لي بأنه تحت الترجمة، وأنا أعرف أنه كان منجزا، وأتت هذه الحكومة فلم تستطع حتى الآن إنجاز قانون مترجم، مع الشكر لوزير الطاقة الحالي جبران باسيل، الذي أرسله إلى دوائر مجلس الوزراء. هذا القانون الذي تتوقف عليه استراتيجيتنا المالية والدفاعية.. نعم الدفاعية، التي لا تقل أهمية عن المياه، فهل يرسلونه إليّ ويقولون إنهم يريدونه في 5 أيام؟ فليسمحوا لنا بهذا الموضوع، المجلس النيابي سيتروى في الدرس. أن يقال بأن التوافق حصل في مجلس الوزراء، وعلى الكتل أن تنفذ، فهو من حيث المبدأ صحيح من الناحية السياسية، لكنني أريد أن أسأل: ألم يحصل التوافق في اتفاق الطائف على الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وخفض سن الاقتراع، وهذا أمر ورد في الدستور؟ وهل صوت الذين وقعوا على عريضة خفض سن الاقتراع على القانون الذي ورد إلينا من الحكومة؟ في اللعبة الديمقراطية لكل شخص الحق في اتخاذ موقفه.

* ما الهدف من التحالف المعلن مع حزب الله؟ وما تفاصيل هذا الاتفاق؟

- اختصر الهدف في كلمتين فقط، يصدف أنهما اسم الكتلة النيابية التي لي شرف رئاستها، وهو «التنمية والتحرير». كل شيء قد يمس المقاومة ولو معنويا، ولو جزئيا، حركة أمل وحزب الله معنيان بحماية هذه المقاومة واستمرارها، لأنهما من أسسها. في الانتخابات البلدية حساسيات أكبر من الانتخابات النيابية، فهي قد تخرب العلاقة بين الأب وابنه أحيانا. نحن الآن في ظرف حرج جدا، والموضوع الإسرائيلي في إحدى أكثر المحطات خطورة، فهل نقوم بأمر يجعل البحيرة التي تسبح فيها المقاومة فيها أسماك قرش، بخاصة أن الجنوب هو بحيرة المقاومة والبقاع هو النهر الذي يرفده؟ فإذا كان «البيسين» الذي تسبح فيه المقاومة فيه هذا القدر من التلوث، فإن الأمر سيؤثر على هذه المقاومة. أما النقطة الثانية، في المجالس البلدية، بعد السياسة، هي التمنية، وإذا كان هناك توافق وتعاون بين القوى السياسية، فسوف تصبح فرص الإنماء أكبر فأكبر.

* هناك من يقول بأن هذا الاتفاق «فوقي» بحيث يتم فرضه على العائلات والأحزاب..

- أنا أحب أن أطمئنهم عبر «الشرق الأوسط» بأن أحد أهم أسباب هذا التحالف القائم في السياسة منذ زمن طويل، تقوله المادة الأولى في الاتفاق المكتوب، وهو «مراعاة التمثيل العائلي والطائفي»، نحن لا نستطيع أن نقفز فوق العائلات، هؤلاء أهلنا وهذا هو «البيسين» الذي نسبح فيه، ويهمنا أن تكون الماء دائما نقية فيه وطاهرة. بالإضافة إلى هذا، ففي البقاع والجنوب هناك الكثير من القرى والبلدات المختلطة طائفيا، كما هي حال بعلبك وصور والنبطية وغيرها. وهذه طوائف يجب أن تتم المحافظة فيها على التمثيل، لذلك أقول لهؤلاء الغيارى بأن «يخيطوا بغير هذه المسلة». لقد جمعت الماكينة المركزية لحركة أمل، حيث أبلغتهم أن الأولوية هي لوجهاء العائلات المؤهلين لقيادة العمل البلدي، والبقية هي من حركة أمل والأحزاب.

* هل سيحصل تحالف مع أحزاب أخرى؟

- بالتأكيد..

* مثلا في صيدا؟

- في صيدا الأمر مختلف. تحالفنا في صيدا ملزم لنا، لأننا لسنا القوة الرئيسية في المدينة.

* ما قواعد التحالف؟

- النسبية بناء على ما حصل في انتخابات عام 2004. في ذلك الوقت، خضنا الانتخابات مختلفين مع حزب الله، فتحالفنا مع أحزاب وقوى مختلفة، وكذلك فعل الحزب. هذا المقياس يجب أن يأخذ التحالفات السابقة نفسها، فإذا نلنا في بلد معين في عام 2004 نسبة 40 في المائة، فمن تحالفت معهم سيأخذون نسبة من الأعضاء أيضا.

* هو نوع من «الاستنساخ» للانتخابات السابقة؟

- كلا، هناك ما هو أفضل. ففي انتخابات عام 2004، هناك بلدات يأخذ فيها الفائز كل الأعضاء، أما الآن فسوف يتم التعامل بالنسبية، فإذا فاز طرف ما بـ54 في المائة من الأصوات، فسوف ينال مركز نائب الرئيس، وعددا من الأعضاء. كما أنه من الممكن أن تجري تزكية في عدد من القرى لا توجد معها «أمل» والحزب في المجلس البلدي، فهناك بلدات العائلات فيها كبيرة وتختصر البلدة. كذلك في موضوع الكوتة النسائية التي اقترحها وزير الداخلية أن تكون بنسبة 30 في المائة، وأنا قد أبلغت الحركيين بتشجيع النساء من الأعضاء على الترشح للانتخابات البلدية، وسنعمل على زيادة عدد النساء في المجالس البلدية من حصتنا.

* ماذا عن قرى قضاء جزين؟

- لقد أبلغت الحركيين بأن هذه القواعد التي تحدثت عنها، وغيرها، هم مسؤولون عن تنفيذها في كل لبنان.. ما عدا جزين. في جزين لن تتدخل حركة أمل في الانتخابات، من قريب ولا من بعيد.

*إذن ليست هي عملية انتقام من النائب ميشال عون لما قام به ضدك في الانتخابات البلدية كما يتردد في بعض وسائل الإعلام وعلى السنة بعض السياسيين؟

- أتمنى أن يكون هؤلاء لا يعرفونني، فالجهل يبقى أهون من التجاهل. أنا أعمل في السياسة، لكن عندما أرتبط بكلمة أو بعهد أتوقف عن العمل بالسياسة، فعندما أتعهد أنفذ، ولا أبحث عن كيفية الالتفاف عليه. الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان يقول إنني شخص يصعب الوصول معه إلى نتيجة، لكن ما يطمئن أنه عندما يتخذ موقفا يقف عنده ويلتزم به. وأريد أن أفضح سرا، هو أنه عندما خضنا الانتخابات النيابية في جزين حصل اتفاق بيني وبين الجنرال عون، ولم يكن اتفاقا من بعيد إلى بعيد، وسأقول أكثر بأن الاتفاق كان خطيا. ويتضمن أن هذه المعركة نجح فيها من نجح، لن تؤثر على علاقتنا. ولا أعتقد أن هذا الموضوع ينكره الجنرال، ولا أنا أنكره. في جزين، وقف الجميع في القوى والأحزاب الأخرى ضدنا، فرسب مرشحونا في قضاء جزين، لذلك أنا أعلن أن النتيجة لن تؤثر على العلاقة. هذه أول مرة أعلنها، وأتحدى الجميع أن يثبتوا العكس.

* لم تؤثر الانتخابات على علاقتكما؟ فماذا عن «الاختلافات» الأخرى بينكما؟

- لا يعني ما حصل أنه لم يحصل تباعد، الأمر موجود، لكن السبب ليس انتخابات جزين، بل موقفه من الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وموقفه من خفض سن الاقتراع، وقد تكون له أيضا ملاحظات. هذه المواقف حصلت، وأوجدت شيئا من التباعد، لكنها ليست مرتبطة أبدا بموضوع جزين، فأنا التزمت فيه، وهو التزم. هناك مواقف أخرى، قد أكون اعتقدت أنني أستحق أن أدعم فيها من قبله، أو هو اعتقد أنه يستحق أن أدعمه فيها، ولم يحصل هذا الأمر.

* من يعرقل حكومة الوحدة الوطنية التي لم تستطع أن تقدم إنجازات منذ تأليفها بسبب المماحاكات السياسية؟

- هي من يعرقل نفسها.

* كيف ذلك؟

- سأعطيك مثالا.. عندما استغرقنا 4 أشهر تقريبا لتأليف حكومة الوحدة الوطنية، ألم يكن الخلاف على «الوزير الضامن» أو «الوزير المعطل»؟ فماذا يضمن أو يعطل؟ هناك 14 بندا فقط يجري عليها التصويت في مجلس الوزراء وفقا للمادة 65 من الدستور، وتحتاج إلى ثلثي أعضاء المجلس. على ماذا سنختلف من هذه المواضيع، على موضوع السلم والحري؟ وهل هو بيدنا؟ كل ما يحصل هو حول التعيينات في الفئة الأولى. طرحت الحكومة أن تكون هناك آلية لهذا الموضوع مستقلة عن السياسة عبر هيئة يؤلفها مجلس الوزراء بحيث تختار الأكفأ لكل موقع، وتقدمهم إلى مجلس الوزراء بواسطة الوزير المختص مع الاحتفاظ بالتقسيم الطائفي. هذه الفكرة كانت موضع درس من قبل وزير التنمية الإدارية محمد فنيش ومن قبل رئيس الحكومة، وأنا أبلغت الرئيس الحريري شخصيا، ولا أعتقد أنه سينكر. إنني ماض في هذا الموضوع. وبالتالي، لم يعد مقيدا بموضوع «الثلث الضامن» الذي تمتلكه المعارضة السابقة، لأن فريقي السياسي ممثل في المجلس بثلاثة وزراء نستطيع من خلالهم تمرير المشروع. وقلت له إنني مستعد للتصويت، وقد أبلغت حلفائي بهذا الأمر حتى لا يكون الموضوع غدرا. لقد أبلغتهم هذا الموضوع منذ 6 أشهر، ولم يصدر المشروع، فمن الذي يؤخره إذن؟ هناك قضايا ليست من مسؤولية فرصوفيا والمريخ، هناك أمور تستحق التروي، لكن هناك أمورا كالمواضيع الحياتية، يجب المضي فيها. هناك انتخابات جرت في غرفة تجارة صيدا والجنوب سلم بها الفريق الخاسر بكل ديمقراطية، لكن مرسومها لم يصدر بعد، فلماذا؟

* أشرت في كلامك إلى «إحدى أخطر الفترات» فيما خص التهديد الإسرائيلي، فهل لا يزال خطر العدوان الإسرائيلي قائما؟

- لا ضمانة مع إسرائيل بوقف العدوان، إلا إذا كانت لديك معادلة مقبلة، كما يقول القرآن الكريم «وأعدوا لهم». وأذكر أن وزير الخارجية السعودي قال خلال افتتاح مؤتمر الطائف (للقيادات اللبنانية في عام 1989) بأن الحرب لها عدة والسلام له عدة، وعدة السلام هي الثقة، وعدة الحرب هي اللاثقة. وإسرائيل تجمع دائما اللاثقة. ما الذي يمتلكه العرب الآن لمنع إسرائيل من العدوان باستثناء الممانعة في سورية والمقاومة في لبنان؟ بالأمس أتى أمين عام الجامعة العربية، عمرو موسى، إلى لبنان للمشاركة في ندوة، والتقيته، بعدها ذهب إلى القمة العربية ليطرح على المؤتمرين سياسة «الحوار مع الجوار» فقوبل بالرفض. وأنا أريد أن أطمئن الذين عارضوا إكراما للولايات المتحدة، إنها تتمنى الحوار مع إيران، فلماذا ترفضونه؟ على الأقل هناك شيء يجمعكم بالجمهورية الإسلامية، هو الخطر الإسرائيلي، حتى أن تركيا وصلت إلى أن تتخذ هذه المواقف من إسرائيل. الخوف الآن هو أن تقوم إسرائيل بقلب ظهر المجن وتورط الولايات المتحدة، التي هي على خلاف معها الآن، بالإقدام على خطوة مجنونة، وهم اعتادوا هذا.

* حرب على إيران؟

- إيران أو لبنان، أو غزة. في إيران يعرفون أن الأمر ليس نزهة، فقد يذهبون إلى أماكن أخف وطأة.

* «العدة» التي تتكلم عنها، أي سلاح حزب الله، هو موضع حوار في لبنان، فهل هو «حوار للحوار»؟

- أبدا، أنا أعتقد أن موعد 15 أبريل (نيسان) الحالي - موعد الجلسة الثانية من الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية - سيكون مهما جدا. وأعتقد أنه يجب أن نخطو خطوات حاسمة، فأنا مع الحسم في هذا الملف، وأن يتبين الخيط الأبيض من الأسود. أنا مع السير جديا في هذا الموضوع.

* وجهت نداء إلى العراقيين من أجل أخذ العبر مما حصل في لبنان، لماذا؟

- هل يقوم الناس بالانتخابات تحت عنوان «الديمقراطية للديمقراطية»؟ إذا كانت الانتخابات على طريقة ما أريد للإخوة الفلسطينيين القيام به، أي من أجل زرع الفتنة بينهم أكثر فأكثر، فهذا شيء آخر. الانتخابات جرت في العراق، أما كيف حصلت، وما ملابساتها.. فهي مرحلة قد مرت، وأتت نتيجة الانتخابات غير حاسمة لأحد الطرفين. العراق فيه أوجه شبه كبيرة من الوضع اللبناني. والهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية أصبحت ضرورة عربية، ولم تعد تقتصر على كونها ضرورة لبنانية. أنا قلت للعراقيين علنا أن يؤلفوا حكومة وحدة وطنية، وما قلته في السر كان أن أول خطوة يجب القيام بها هي إلغاء الطائفية والمذهبية، وإعادة المسيحيين والصابئة في أسرع وقت إلى العراق. لأن الطائفية سرطان يمكن معالجته في أوله، لكن إذا انتظرتم مثل لبنان، فلن تستطيعوا مداواته. لذلك، ولأجل السلام في العراق والوحدة الوطنية فيه، ولأجل أن يعود العراق هذا الوطن المهم جدا في مواجهة إسرائيل، إلى ما قبل صدام حسين، لأن صدام حسن لم يكن مواجها لإسرائيل، فلا يوجد حكم ضد شعبه يكون مواجها لإسرائيل. وأنا قلت سابقا لو أننا دفعنا واحدا في المائة من ثمن السلاح الذي اشتريناه لتعزيز الديمقراطية لحررنا فلسطين منذ زمن طويل. في لبنان وفقنا في التحرير، لأن لدينا الديمقراطية والتنوع على الرغم من كل ما حصل.