اليمن: وفاة طفلة متزوجة بعد تزويجها بـ3 أيام تجدد الجدل حول الزواج المبكر

الحادثة تؤدي إلى حملة ضد الزنداني وأنصاره

TT

طالبت أسرة طفلة يمنية توفيت يوم الجمعة الماضي جراء عنف جنسي، بمحاكمة زوج ابنتهم، وبإنزال القصاص الشرعي، أي الإعدام بحقه. وكانت الطفلة إلهام العشي (13 عاما) توفيت بعد ثلاثة أيام من زواجها. واعترف الزوج، الذي تجاوز عمره 20 عاما، في التحقيقات الأولية التي أجريت معه، بأنه شعر بعجز، واستخدم منشطا جنسيا أعطاه إياه أحد الأطباء.

وتزوجت إلهام على طريقة زواج البدل أو الشغار، حيث تزوج في الوقت ذاته، شقيقها بشقيقة زوجها، إضافة إلى مبلغ مالي كمهر هو 250 ألف ريال يمني (ما يعادل 1100 دولار أميركي) لكل عروس. وأكدت التقارير الطبية أن إلهام العشي تعرضت لنزيف حاد.

وتعيش أسرة العشي في إحدى القرى النائية في محافظة حجة الواقعة إلى الشمال الغربي من العاصمة صنعاء، وهي أسرة فقيرة، كما أن معظم سكان تلك المحافظة يعانون فقرا مدقعا.

وجاءت هذه الحادثة المؤسفة في ظل الجدل المحتدم في الساحة اليمنية حول سَن تشريع يحدد سن الزواج، حيث يعارض عدد من النواب الإسلاميين تحديد سن الزواج، وقد انتقل هذا الجدل إلى الشارع، حيث نظم معارضو التحديد مظاهرة نسائية قبل أسابيع، رد عليها المؤيدون بمظاهرة نسائية أخرى تطالب البرلمان بسن التشريع للحد من ظاهرة الزواج المبكر أو زواج الصغيرات المتفشية في اليمن.

ويقول المعارضون لمشروع القانون إن تحديد سن للزواج يخالف الشريعة الإسلامية، في حين يرفض المؤيدون هذا الطرح لأنه غير مدعم بنصوص من القرآن والسنة، ويؤكدون خطورة هذا الزواج على الفتيات صحيا واجتماعيا وتعليميا.

ويعتقد مراقبون أن حادثة وفاة الطفلة المتزوجة إلهام العشي، وتداعياتها، ستضعف موقف الإسلاميين المتشددين والمناوئين لتحديد سن للزواج في الشارع وتحت قبة البرلمان الذي يتوقع أن ينظر في المشروع قريبا، في حين يؤكد لـ«الشرق الأوسط» النائب الإسلامي شوقي القاضي، أحد ابرز المنادين بسن تشريع لتحديد سن الزواج، أن حادثة وفاة إلهام العشي، تعد دليلا بنسبة 100% على صحة طرحهم، ويزيد على ذلك بالقول إن «الكثير من أطباء وطبيبات النساء والولادة أكدوا لي أن الكارثة على أرض الواقع أكبر مما يتصور البعض».

ويرجع النائب القاضي ما يحدث للفتيات في اليمن إلى «العادات والتقاليد، وإلى النظرة الدونية إلى المرأة، حيث لا تفتح ملفات قتلها أو موتها، بسبب أن وأد البنات ما زال في ذهنية الرجل القبلي العربي واليمني»، أما حول إمكانية كسب المعركة، فأرجع ذلك إلى «إنصاف النواب للأطفال وحقوقهم»، معبرا عن خشيته من «المزايدات السياسية واللعب»، ومن أن تدخل قضية زواج الصغيرات في إطار «الصفقات».

وينص مشروع تعديلات قانون الأحوال الشخصية على تحديد سن الزواج بـ17 عاما، ويشدد العقوبات على أولياء الأمور الذين يزوجون بناتهم دون السن القانونية، كما يوقع عقوبات بالسجن وغرامات مالية بحق الأمناء الشرعيين الذين يعقدون قران طفلات وكذا بحق الشهود.

ومن أبرز المعارضين لتحديد سن الزواج في اليمن، الشيخ عبد المجيد الزنداني، رئيس جامعة الإيمان والمتهم أميركيا بدعم الإرهاب، إضافة إلى رموز في التيار السلفي في اليمن. وأدى هذا الخلاف إلى انقسام في أوساط التيار الإسلامي داخل وخارج البرلمان اليمني، حيث يؤيد نواب إسلاميون إصدار مثل هذا التشريع وينفون مخالفته للشريعة الإسلامية.

وأدت معارضة الزنداني ورموز التيار السلفي لتحديد سن للزواج، إلى بروز حملة، هذه الأيام، في الصحافة المحلية تهاجم الزنداني والمعارضين، وهي حملة غير مسبوقة، حيث كان الكثير من الصحافيين والكتاب يخشون تناول هذه الشخصيات نظرا لنفوذها وكثرة أنصارها المتشددين، لكن الكثير من الكتاب انتقدوا هذه الشخصيات في مقالات ساخنة.

على صعيد آخر، شارك عشرات الآلاف من أنصار الحراك الجنوبي في جنوب اليمن، أمس، في تشييع جثامين 3 من القتلى الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الأمن اليمنية، خلال الفترة الماضية، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن حشودا غفيرة من أبناء محافظات لحج والضالع وعدن، تجمعوا في مدينة الحبيلين، مركز مديريات ردفان، في مراسم تشييع ثلاثة قتلى، وأن ذلك التشييع تحول، كما هي العادة، إلى مظاهرة كبيرة لأنصار الحراك، جرى فيها تجديد المطالبة بـ«فك الارتباط» بين شمال اليمن وجنوبه. وأكدت المصادر أن المشاركين في الجنازة ساروا لعدة كيلومترات سيرا على الأقدام، تعبيرا عن «عزم على المشاركة في التشييع» وكذا التأكيد على «أهمية المطالب المطروحة».

وينظم الحراك الجنوبي كل يوم خميس مسيرات بمناسبة «يوم الأسير الجنوبي»، وعصيانا مدنيا كل يوم اثنين من أجل «رفع الحصار الأمني عن محافظة الضالع».