السياسيون فضلوا التراشق بالكرة.. وأهالي المخطوفين يطالبونهم بفتح الملفات

لبنان يستعيد الذكرى الـ35 لاندلاع الحرب الأهلية.. بمباراة ودية

لبنانية ترفع صورة قريبها المفقود أثناء تظاهرة في بيروت لإحياء الذكرى السنوية الـ35 للحرب الأهلية (1975 – 1990) في لبنان (أ.ب)
TT

يستعيد نواب ووزراء لبنانيون الذكرى الخامسة والثلاثين لاندلاع الحرب الأهلية اليوم بمباراة كرة قدم ودية في المدينة الرياضية، وذلك بدعوة من وزارة الشباب والرياضة وبالتعاون مع لجنة الشباب والرياضة البرلمانية. أما الهدف فهو جمع الأفرقاء السياسيين (المتنابذين عادة) تحت شعار «كلنا فريق واحد»، في مبادرة تستخدم الرياضة لترسيخ الوحدة بين اللبنانيين على قاعدة الاختلاف. مع الإشارة إلى أن غالبية المباريات الكروية التي تشهدها الملاعب اللبنانية تجرى من دون جمهور منعا للاحتكاك والتقاتل.

وفي المقلب الآخر لذكرى الحرب، يواصل أهالي المفقودين نشاطاتهم حتى يتمكنوا من إغلاق ملف الحرب الأهلية التي لا يزالون يعيشون فصولها لجهلهم مصير ذويهم الذين ضاعوا خلال جولات القتال والخطف على الهوية على امتداد 15 عاما.

وقد استعادت لجنة الشباب والرياضة البرلمانية ذكرى اندلاع الحرب، أول من أمس، باستضافة أحد رموز هذه الحرب أسعد الشفتري، الذي كان من القياديين في «القوات اللبنانية» وأول «التائبين» عن الحرب، وربما الوحيد الذي قدم رسالة اعتذار قبل أعوام.

شفتري شارك في نشاط اللجنة، وقدم الاعتذار لعدد من أهالي المفقودين المعتصمين منذ خمسة أعوام قبالة مبنى الأمم المتحدة في وسط بيروت، وحاورهم. وقال لهم: «إني مسؤول عن بعض الضحايا المفقودين. إنما ما عدت أعرفهم ولا أذكر أسماءهم بعد هذه السنين الطويلة. قد أعرف القليل عن مكان وجود البعض». وأضاف: «حاولت المساعدة في ثلاث حالات فردية لمفقودين. وتوقفت عن البحث لعدة أسباب، منها النسيان بسبب مرور الزمن، وتوقف الذاكرة بسبب هول الفعل، والخوف من التشهير الفردي أو الجماعي ومن الملاحقة القضائية، كذلك من الانتقام». وأضاف: «هناك 17 ألف مفقود، وإذا كان الرقم الرسمي صحيحا، فهؤلاء لم يرموا أنفسهم طوعا في الوديان والآبار والبحر والمقابر الجماعية. تعالوا يا رفاقي إلى أي جهة انتميتم، أحزابا وتنظيمات ومناطق، نصحح ولو القليل القليل مما أتت عليه الحرب أو ما فعلناه. القتل خلال الحرب أو السلم خطيئة، أما السكوت عن المقابر الجماعية فهو شر أعظم. علينا واجب مساعدة الأهل في معرفة مصير الأحباء».

وتقول رئيسة لجنة أهالي المفقودين والمخطوفين وداد حلواني لـ«الشرق الأوسط»: «أهمية ما يقوم به أسعد الشفتري أنه يدلي بأشياء مهمة جدا في سعيه ليكفر عن ذنوبه، في حين يرفض القيام بذلك أي مسؤول من الذين شاركوا في الحرب. وهو يتصرف وكأن كل ما يقوم به لا يشكل نقطة من الجهود المفروضة عليه ليستعيد راحة ضميره. لكن لا يمكن أن نحمل الشفتري وحده هذه المسؤولية لأنه لا أحد يضمن سلامته الشخصية وسلامة عائلته».

وتطالب حلواني «جميع المسؤولين الذين شاركوا في الحرب الأهلية بالاجتماع والعمل لكشف مصير المفقودين، لأن لأهاليهم الحق في معرفة مكان دفن أولادهم». تقول: «عليهم أن يفتحوا ملف الحرب ويطلعوا الرأي العام على المعلومات التي يملكونها، كما أن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط كان قد وعدنا غداة انسحاب الجيش السوري من لبنان في 2005 وعشية تعديل قانون العفو بإطلاق سراح رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع. فنحن لا نحمل طرفا واحدا مسؤولية القتل والإخفاء القسري».وتضيف: «من جهة ثانية نحن نتابع تحركنا من خلال الدعاوى القضائية لنبش المقابر الجماعية الوارد ذكرها في تقرير اللجنة التي شكلتها الحكومة اللبنانية عام 2000».

وترى حلواني أن «الحرب الأهلية في لبنان ليست ذكرى، ذلك لأنها واقع مستمر لم ينته ما دامت هناك شريحة لا يستهان بها من اللبنانيين لا تعرف مصير مفقوديها. وتأثير هذا الواقع لا يقتصر على هذه الشريحة بل يشمل لبنان كله. إذن لا يمكن لبلد أن يعيش الحرب والسلم في آن». وتشير إلى «أن اللبنانيين لا يزالون حاضرين ليتحاربوا. ونحن كأهالي مفقودين استعدنا خطر هذا الاحتمال في السابع من مايو (أيار) 2008، عندما عادت الحواجز الميليشية إلى الشوارع وأوقفت الناس لتسألهم عن هوياتهم».

وفي عودة إلى النشاط الرسمي لذكرى الحرب، من المفروض أن يشارك في مباراة اليوم النواب محمد رعد وعلي بزي وسيمون أبو رميا وعمار حوري وجورج عدوان وغيرهم. إلا أن أسماء المشاركين ليست نهائية.

مدة المباراة نصف ساعة مقسمة إلى شوطين. وفي هذا التوقيت تمت مراعاة الجانب البدني للاعبين من حيث اللياقة والجهازية، مما لا يسمح لهم خوض مباراة كاملة من 90 دقيقة. وسيشارك النواب والوزراء في تشكيلتين مختلطتين، فلن يكون هناك فريق للوزراء وآخر للنواب.

ونقلت بعض المصادر أن اختيار حكم المباراة، يتأرجح حول الوزير السابق خالد قباني ورئيس مجلس إدارة المدينة الرياضية رياض الشيخة وشخصيات سياسية أخرى تملك الصفة الحيادية بين فريقي «14» و«8» آذار. كما أن لاعبين اثنين محترفين قد يشاركا في المباراة لدعم الفريقين.