المالكي يدعو دول الجوار إلى «كف الوصاية» عن العراق.. ووقف التدخل في الحكومة والانتخابات والأمن

قيادي في دولة القانون لـ«الشرق الأوسط»: تحاورنا مع أحمدي نجاد في طهران لكننا لم نبرم اتفاقيات

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال لقائه أمس بعدد من قيادات قوات الصحوة في بغداد أمس (أ.ب)
TT

بينما شدد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أمس، على أن العراق «أكبر من أن يكون تحت أي وصاية» في إشارة إلى «ممثلي دول مجاورة» قال إنهم يتدخلون في شؤون بلاده، انتقدت أطراف سياسية عراقية الزيارات التي يقوم بها قادة سياسيون إلى دول مجاورة لبحث تشكيل الحكومة المقبلة، مؤكدة أن تلك الزيارات «ستضعف من ثقة الناخب الذي بات يريد أن يرى الحكومة الجديدة في أقرب وقت».

وأجرى عدد من القادة السياسيين من مختلف القوائم السياسية زيارات إلى دول الجوار خلال الأيام التي تلت إعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت الشهر الماضي ومنها إيران وسورية والأردن وتركيا والسعودية. وكان السفير الإيراني في بغداد حسن كاظمي قمي قد دعا إلى إشراك السنة في الحكومة القادمة.

وأشار المالكي، خلال حضوره المؤتمر الأول لأبناء العراق الذي عقدته الهيئة العليا للمصالحة الوطنية، إلى أن «الأعداء أرادوا أن يزرعوا الفتنة وأن تكون لهم قدم في رسم حاضر ومستقبل العراق، ولكن لا نقبل إلا أن يكون حاضرنا ومستقبلنا وثرواتنا بأيدينا، ولا نرضى أن يكون البعض ممن لا يريدون الخير للعراق طرفا في التدخل في شؤوننا الداخلية.. منها بشكل خاص الانتخابات والحكومة وحفظ الأمن، بمعنى أن العراق ورجالاته لا يحتاجون إلى وصاية»، وأضاف أن «العراق أكبر من أن يكون تحت أي وصاية، لكننا نريد بناء علاقات طيبة مع الدول الشقيقة ودول المنطقة وجميع دول العالم، وأن نؤسس هذه العلاقات على الاحترام المتبادل والكف عن منطق الوصاية».

وعبر المالكي عن استيائه إزاء ممثلي دول يتحدثون عبر وسائل الإعلام وكأنهم «أوصياء» على العراق.

وتأتي تصريحات المالكي في الوقت الذي يتنافس فيه مع خصمه رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي زعيم القائمة العراقية لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة. وقد فاز علاوي بـ91 مقعدا في البرلمان متفوقا على المالكي بمقعدين.

وقال خالد الأسدي، القيادي في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي، إن «رئيس الوزراء لم يحدد دولة بعينها لأنه ضد أي طرف يمكن أن يتدخل في عملية تشكيل الحكومة».

وحول أن ائتلاف دولة القانون كان السباق في إرسال وفد إلى إيران فور إعلان النتائج، قال الأسدي لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد «لم يكن وفدا تفاوضيا بل كان للمشاركة في أعياد النوروز وكان لوجود الرئيس الإيراني (محمود أحمدي نجاد) مناسبة لفتح حوارات معه ومع المسؤولين الإيرانيين ولم يكن هناك أي اتفاقات بين الجانبين»، مؤكدا أن «ائتلاف دولة القانون يفتح ذراعيه لكل تدخل إيجابي لكن أطرافا ودولا (لم يسمها) لديها نظرة طائفية ضيقة حالت من دون تحقيق هذا الانفتاح».

وأضاف الأسدي أن «هناك تدخلا في دعم الإرهاب ودعم العمليات المسلحة ودعم بعض الجهات السياسية من أجل تحقيق مصالح تلك الدول»، مشيرا إلى وجود أجندات قال إنها «تحاول تشكيل حكومة على وفق أهوائها وهذا لن يتم لأن العملية الديمقراطية يجب أن تمضي في العراق وفق ما يريده العراقيون».

من جانبه، قال عبد الهادي الحساني، القيادي في ائتلاف دولة القانون، إنه «كان من الأفضل أن تقوم الحكومة العراقية بهذه الزيارات لتلك الدول»، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أنه «يجب أن تكون دعوات الزيارات بين الدول ضمن الأطر الرسمية للدولة العراقية، وليس كما يحدث الآن والذي يأتي من خلال علاقات خارج هذا الإطار»، مؤكدا «أن العراق يسعى إلى علاقات متبادلة بينه وبين جميع الدول سواء العربية أو الإقليمية، التي تصب ضمن الأطر الدبلوماسية العالمية».

وحول إشارة المالكي إلى دول تريد فرض الوصاية على العراق، قال الحساني: «هناك دول وقفت من العراق بشكل مضاد من خلال طرحها البعد العنفي ودعم الإرهاب سواء بالفتاوى التي تستبيح دماء العراقيين أو بدعم بعض المجموعات المسلحة في البلاد»، لافتا إلى أن «العراق عليه أن يأخذ من تلك الدول موقفا موحدا، وأن يصار إلى منع ممارسات تلك الدول، وإلا فإننا سندخل في علاقات مشوبة لا يمكن القبول بها»، مضيفا أن «الاتفاقات التي تجري بين أي جهة سياسية بدولة أخرى من دون العراق والاستقواء بتلك الدولة سيولد ضعفا سياسيا وتعقدا في الوضع السياسي في البلاد»، ومضى بالقول: «لا نريد أن نمزق العراق من خلال الزيارات التي تجرى الآن سواء إلى إيران أو السعودية أو سورية أو دول أخرى، يجب بناء العراق فيما بيننا وضمن الإطار الداخلي للبلد».

من جانبه، أوضح محسن السعدون، عضو التحالف الكردستاني، أن رئيس الوزراء أراد من حديثه أن يقول إن بعض الدول سوف تملي شروطها وفقا لمصالحها، على بعض الجهات السياسية العراقية التي تقوم بزيارات إلى تلك الدول في الوقت الراهن، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» «أن هذه الدول التي تستقبل بعض الأطراف سوف تملي على الساسة مشاريعها التي تريد أن تنفذها في العراق»، واستغرب سعدون تلك الزيارات قائلا: «ما جدوى هذه الزيارات ونحن لم نشكل الحكومة بعد؟ لا سيما أن الوقت بدأ يداهمنا حيث ستنتهي المهلة القانونية للطعون يوم الأربعاء وبعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات التي قد لا تستغرق إلا يومين فقط فإننا سنكون أمام مأزق حقيقي بشأن تشكيل الحكومة»، مضيفا: «إن الناخب العراقي عندما أعطى صوته أراد أن يرى أشياء ملموسة على أرض الواقع وليس إضاعة الوقت في زيارات قد تعطل من تشكيل الحكومة وتدخل البلاد في فراغ سياسي يستغله الإرهابيون».

وأشار إلى أن «تأخير التوصل إلى حل مشكلة الحكومة المقبلة سيفقد ثقة الناخب في السياسيين الذين اختارهم»، مشددا - عضو التحالف الكردستاني - «على الجميع الجلوس من أجل الحوار لتشكيل الحكومة المقبلة بدلا من القيام بزيارات يمكن القيام بها بعد أن يتم تشكيل الحكومة المقبلة».