«القاعدة» تلجأ إلى أساليب «لا يمكن تخيلها» لخداع الأجهزة الأمنية في العراق

انتحاريون يتنكرون بملابس نساء.. وآخرون يحشون إطارات السيارات بالمتفجرات

TT

يقول عدد من ضباط الأمن العراقيين إن تنظيم القاعدة يغتنم الجانب الإنساني في التعامل مع الآخرين بأساليب متنوعة لتنفيذ مآربه في نقل المتفجرات والسيارات المفخخة، مؤكدين أن بعض هذه الأساليب «لا يمكن أن يتخيله عقل بشري».

ويروي مسؤول أمني كبير طلب عدم ذكر اسمه أن «الإرهابيين يستخدمون أساليب متنوعة بحيث يغيرون تكتيكاتهم في كل مرة، مستندين دائما إلى الجانب الإنساني لدى المواطنين بشكل لا يمكن للعقل البشري أن يتخيله».

وشهدت بغداد منذ أغسطس (آب) الماضي تفجيرات دامية أوقعت مئات القتلى والجرحى، وأدت إلى تدمير جزئي لأربع وزارات حيوية وغيرها من المؤسسات الحكومية.

وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية فإن آخر هذه التكتيكات تفجير سبعة مبان سكنية تضم محلات تجارية في مناطق متفرقة من بغداد، بعد قيام أشخاص باستئجار شقق للسكن أو محلات للتجارة وتفخيخها بعد يومين لتنفجر فوق رؤوس شاغليها.

وفي المدائن، جنوب بغداد، عثرت قوات الأمن على معمل لصناعة قوالب إسمنتية مخصصة لحماية الأرصفة، لكنها كانت محشوة بالمتفجرات.

ويضيف المسؤول أنه قاد عملية «دهم لأحد المنازل في حي زيونة الراقي، وسط بغداد، العام الماضي، فعثر على متفجرات مخبأة بأغصان الأشجار الكثيفة». ويقول إن «تفجيرات تازة قرب كركوك التي راح ضحيتها نحو مائة شخص وأدت إلى انهيار أكثر من مائة منزل، تمت عبر استخدام شاحنة محملة بالطحين مع ثلاثة عمال فوق الحمولة، وقال السائق لقوات الأمن إنها حصة تموينية». ويضيف أنه تم استخدام «شاحنة محملة ببراميل مياه بلاستيكية كبيرة الحجم في تفجير وزارة الخارجية الصيف الماضي»، ما أوقع نحو مائة قتيل و600 جريح، مشيرا إلى أن «القاعدة» تستخدم «الإطارات الاحتياطية للشاحنات عبر تفريغها من الهواء وحشوها بالمتفجرات».

من جهته يرى ضابط رفيع أنه لا يمكن السيطرة على الشارع «بوجود مئات من السيارات الحكومية المضللة النوافذ تعبر الحواجز الأمنية دون توقف، ولا نعرف لمن تعود أو إلى أين تذهب». وأضاف أن «الشرطة والجيش أحيانا يخشون توقيف هذه السيارات». وتابع أن «عشرات الأحزاب والكل يحمل شارات خاصة ويرى نفسه فوق الدولة (...) لا بد من وضع قانون للحد من هذه التصرفات لمعالجة القضايا الأمنية».

بدوره يقول ضابط آخر إن «التحقيقات في التفجيرات الانتحارية التي قيل إن نساء نفذنها دلت على العكس، فبعض الانتحاريين يرتدون ملابس نسائية، والمرأة في مجتمع إسلامي شرقي أمر يشبه المقدس، لا يمكننا التمعن في جسدها، خصوصا إذا كانت مرتدية العباءة».

ويضيف أنه وبأسلوب مختلف «قام أحد الانتحاريين بتفريغ خزان وقود سيارته لملئه بالمتفجرات، وأمسك، بينما كان يقود، بقارورة بنزين يخرج منها أنبوب مباشرة إلى المحرك لإعطاء فكرة أن جهاز دفع البنزين عاطل عن العمل، وهذه طريقة شائعة في العراق».

ويتابع: «هل بإمكانك أن تتخيل أن رجال الأمن على الحواجز سيوقفونه؟ بالعكس، سيحاولون مساعدته لكي يمر بسرعة لأن القارورة تحتوي على خمسة لترات فقط». ويضيف أن هذا الشخص «قام بتفجير سيارته قرب حاجز آخر للتفتيش في الدورة».

ويشير إلى أسلوب آخر عبر «نقل سيارة مفخخة فوق شاحنة مخصصة للسيارات التي أصيبت بعطل طارئ»، مما يجنبهم الخضوع للتفتيش.

بدوره يقول صاحب مطعم في الكرادة، وسط بغداد، إن «مجموعة تنكرت على أنها عائلة من رجل وامرأة وطفل أوقفت سيارة مفخخة أمام مطعمي الذي يعج بالزبائن، الأمر الذي جعلنا نطمئن (...) وبعد لحظات انفجرت السيارة وأودت بالعشرات بين قتيل وجريح». ويؤكد مصدر أمني أن «القاعدة» لجأت إلى «أسلوب العائلة لتبديد أي انطباع خاطئ». ويشير في السياق ذاته إلى «استخدام النساء وسيلة للتمويه في الكثير من الأعمال كنقل الأسلحة والأحزمة الناسفة، وأخيرا العمليات الانتحارية». ويضيف: «رغم الظروف الأمنية الصعبة فإن الكثير من رجال الأمن لا يجرؤون على تفتيش النساء، فضلا عن عدم وجود كوادر نسائية أمنية في كل المناطق باستثناء العتبات» المقدسة لدى الشيعة.

كما يستخدم تنظيم القاعدة أسلوبا في التفخيخ من الصعب اكتشافه، حيث يقوم خبراء في حدادة السيارات بتفكيك حافلات ركاب متوسطة الحجم، وإزاحة الكراسي لصنع حوض يتم حشوه بأطنان من المتفجرات قبل إعادة الكراسي إلى مكانها.

ووجه الضابط انتقادات إلى «رجال الأمن لأنهم لا يفتشون حافلات كهذه حتى لو أشار جهاز كشف المتفجرات إلى وجود أمور مشكوك فيها، وهم يرون من الصعوبة تفتيش الكل فيتركونها تمر». ويضيف أن «الكثير من عمليات التفتيش روتينية فاشلة، فقوات الجيش والشرطة تقوم بتفتيش صندوق السيارة إذا حامت الشكوك حولها، لكن هناك أجزاء أخرى في السيارة قد تكون محشوة بالمتفجرات مثل الأبواب أو الكراسي أو خلف لوحة القيادة».