الحكومة الموريتانية تتراجع عن تعريب الإدارة.. وتعتذر للزنوج

حزب قومي يعتبر الخطوة إهانة للشعب واستهتارا بالدستور

TT

بعد أسبوعين من الاحتجاجات الصاخبة التي قام بها الطلاب الزنوج في جامعة نواكشوط ضد «تعريب المراسلات الإدارية»، نفت الحكومة الموريتانية أن تكون لديها النية لاعتماد خيار التعريب الكلي للإدارة، وهو ما اعتبره المراقبون تراجعا عن قرارها.

وجاء النفي على لسان أحمد ولد باهيه، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، خلال لقاء له مع النقابات الطلابية في جامعة نواكشوط، أمس، أكد فيه أن «الحكومة لا تنوي بأي حال من الأحوال المساس بالوضع القائم»، في إشارة إلى الضجة التي أثيرت حول «تعريب الإدارة».

وقدم ولد باهيه اعتذارا خاصا للطلاب الزنوج المحتجين طيلة الفترة الماضية، مفاده أن الحكومة لن تقوم بخطوة تمس الهوية الثقافية لجميع مكونات البلد، موضحا أن الحكومة خلدت يوم «العربية» مثل تخليدها لليوم العالمي لـ«الفرنكفونية»، نافيا وجود «أي توجه بشأن التعريب لدى الحكومة الحالية».

وأكد ولد باهيه أن «كل الرسائل الصادرة عن الحكومة ظلت باللغة الفرنسية وستظل كذلك، وأن المخاوف التي يعرب عنها البعض واهية»، مشيرا إلى أن هدفها هو الدفع باتجاه «توتير الأوضاع ليس إلا»، حسب قوله.

وأضاف ولد باهيه «أن موريتانيا قبل الأول من مارس (آذار) الماضي، هي موريتانيا اليوم»، في إشارة إلى التاريخ الذي أعلن فيه مولاي ولد محمد لغظف، رئيس الوزراء الموريتاني، خلال الاحتفال بيوم اللغة العربية، نيته اعتماد التعريب كأداة عمل ومراسلات إدارية، واصفا الحضارة الموريتانية بأنها «عربية - إسلامية».

ومن جانبه، اعتبر حزب الصواب الموريتاني، وهو حزب قومي ذو جذور بعثية، أن تصريح وزير التعليم الموريتاني حول سياسة «التعريب» بمثابة إهانة للشعب الموريتاني وخيانة لقيمه، واستهتار بالدستور وقوانين البلد، فضلا عن كونه رضوخا لمطالب استعمارية مذلة لم يرضخ لها أي طرف في التاريخ البشري، مهما كان ضعفه ودرجة انحطاط قيمه وتاريخه في وجدانه الجماعي، بالإضافة إلى أنه تصريح لا يعبر عن ضرورة الدفاع عن اللغات الوطنية التي يمثل الدفاع الحقيقي عنها دفاعا عن هوية البلاد وشخصيتها الحضارية المتنوعة.

وقال عبد السلام ولد حرمة، رئيس حزب الصواب لـ«الشرق الأوسط » إن اللغة الفرنسية «ليست تعبيرا عن شريحة معينة، مثلما اللغة العربية ليست حكرا على شريحة معينة، وإن كانت هي اللغة الأم لغالبية سكان الأرض. هذا مع العلم أن التاريخ وذاكرته الطرية يؤكدان أن شريحة الأفارقة الزنوج كانت اللغة العربية هي لغة الشعائر والمعاملات لديهم».

وأضاف ولد حرمة أن النضال من أجل تطوير اللغات الوطنية ينبغي أن يكون واجب الجميع، وفق ما تسمح به الظروف، وتسعف به تجارب الشعوب والدول في هذا المضمار. وزاد ولد حرمة قائلا: «أن نرتهن في وحدتنا الوطنية ووشائجنا الروحية التاريخية للغة استعمارية فيه إهانة للجميع».