الناطق باسم مجلس الأمن الوطني الأميركي لـ«الشرق الأوسط»: القمة تظهر عزلة إيران

اتفاق أميركي ـ صيني على بحث عقوبات جديدة

الرئيس الفرنسي ساركوزي يتحدث بانفعال إلى نظيره الروسي ميدفيديف (إ.ب.أ)
TT

على الرغم من أن إيران لم تدرج رسميا على جدول أعمال «قمة الأمن النووي» التي اختتمت ليل أمس في واشنطن، فإنها كانت حاضرة في الكثير من النقاشات الهامشية للقمة. واعتبرت الإدارة الأميركية أن القمة نجحت في إظهار عزلة إيران مع وجود 47 دولة متفقة على الأمن النووي ومنع وقوع أسلحة نووية في أيدي جماعات إرهابية، والعمل الدولي على تأمين المواد النووية.

وقال الناطق باسم مجلس الأمن الوطني الأميركي مايك هامر لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك رسالة واضحة، فعلى الرغم من أن هذه القمة ليست عن إيران، فإنها تظهر عزلة إيران وخاصة التصريحات التي نراها تخرج من هناك». واعتبر هامر أن المجتمع الدولي أظهر خلال القمة استعداده لاتخاذ خطوات لتأمين العالم من المواد النووية، مضيفا: «أمام إيران فرصة لإظهار النية السلمية لبرنامجها النووي ولكنها تواصل تحديها للمجتمع الدولي». وأكد أنه مع مواصلة إيران هذا التحدي ستتخذ إجراءات ضدها.

وأحرز البيت الأبيض تقدما خلال اليومين الماضيين في ما يخص هذه الإجراءات، وبشكل أخص من خلال إقناع الصين بالتعاون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالعمل على عقوبات جديدة ضد إيران. وكان الموضوع الإيراني رئيسيا في اللقاء بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الصيني، هو جينتاو، إذ أعلن البيت الأبيض موافقة الصين على العمل على قرار عقوبات جديدة ضد إيران. وقال المدير الأعلى للقضايا الآسيوية في مجلس الأمن الوطني الأميركي جيف بادر: «إن الكثير من النقاش في اللقاء ركز على إيران.. الصينيون يشاركوننا بوضوح القلق من برنامج إيران النووي، ويشاركوننا هدفنا الإجمالي لحماية نظام منع انتشار الأسلحة النووية». وأضاف «أن الولايات المتحدة مع الأعضاء الآخرين في الدول الخمس زائد واحد متحدون في أسلوب السياقين في التعامل مع القضية النووية الإيرانية». وأكد أن أوباما وهو جينتاو أكدا اتفاقهما أن إيران يجب أن تلتزم بتعهداتها لمنع الانتشار النووي، وأن الرئيسين اتفقا على دفع وفديهما للعمل مع ممثلي مجلس الأمن للتوصل إلى اتفاق حول العقوبات. ولفت بادر إلى أن اللقاء، وهو الرابع بين القائدين منذ تولي أوباما منصبه، كان إيجابيا وبناء.

وأعلن بادر أن قرار مجلس الأمن المرتقب، الذي تريد واشنطن أن يصدر خلال أسابيع، سيوضح لإيران تكلفة السعي وراء برنامج نووي إيراني يخرق تعهدات ومسؤوليات إيران. إلا أن الناطقة باسم الخارجية الصينية صباح أمس صرحت أن الصين ما زالت ملتزمة بحل دبلوماسي للقضية النووية، مقللة من حدة تصريحات البيت الأبيض.

وقالت جيانغ يوي خلال مؤتمر صحافي في بكين ردا على سؤال بشأن محادثات الرئيس الصيني وأوباما في العاصمة واشنطن، نعتقد أن الإجراءات التي يتخذها مجلس الأمن في هذا الصدد (الملف النووي الإيراني) يجب أن تؤدي إلى تهدئة الوضع وأن تؤدي إلى تشجيع حل ملائم للقضية النووية الإيرانية عبر الحوار والمفاوضات، وتابعت، تؤيد الصين استراتيجية المسار المزدوج وهي تؤمن دائما بأن الحوار والمفاوضات هما القناة الأمثل لتسوية القضية النووية الإيرانية. وتربط الصين علاقات اقتصادية وثيقة مع إيران وهي عازفة حتى الآن عن الموافقة على فرض عقوبات أكثر صرامة. لكن الصين أيدت مجموعات سابقة من عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران. ويعني المسار المزدوج تقديم حوافز اقتصادية وسياسية لطهران إذا علقت تخصيب اليورانيوم والتهديد بفرض عقوبات في حالة رفضها. لكن جيانغ أوضحت في الوقت نفسه أن الصين ما زالت غير مقتنعة بأن العقوبات ستحقق أي تحول كبير في هذا النزاع.

غير أن مصادر أميركية قالت بأن التصريحات هذه لا تتناقض مع الموقف الأميركي، وهو العمل على فرض عقوبات في حال لم تُظهر إيران تغيرا في نهجها يسمح بحل دبلوماسي. وأضافت المصادر أن واشنطن وبكين متفقتان على العمل على عقوبات جديدة ضد إيران إذا لم تصدر عنها خطوات تشير إلى إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي.

وقد حصلت واشنطن على موقف مماثل من روسيا سابقا، مما يأتي أن المشاورات بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا في نيويورك الآن تسير بشكل أكثر انتظاما وأسرع بعد تخلي الصين عن رفضها الأولي لبحث عقوبات جديدة. وأوضحت مصادر مطلعة على الاتفاق الأميركي - الصيني أن بكين وافقت على بحث عقوبات جديدة لكن الاتفاق لم يصل إلى تحديد شكل أو طبيعة تلك العقوبات بعد.

وكان التوتر قد ساد العلاقات الصينية - الأميركية بعد زيارة أوباما لبكين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على خلفية قضايا من بينها اليوان والتجارة ومحادثات الرئيس الأميركي مع الدالاي لاما وحرية الإنترنت.

وفي طهران، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إنها لا تعتقد أن الصين اقتربت من الموافقة على عقوبات جديدة. وأفاد رامين مهمان باراست المتحدث باسم الوزارة أمس، لا نعتقد أن هذه التصريحات تؤكد التصريحات الأميركية أو أنها تعني تعاون (الصين) معها في أي إجراء ظالم (ضد إيران).

فيما قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي إن العقوبات سيكون لها تأثير محدود على تقدم البرنامج النووي الإيراني. وأضاف في حديث نشر على موقع «سي بي إس نيوز» أنه بالقطع العقوبات ستؤثر علينا.. لكنها ستؤخر فقط مشاريعنا ولن توقفها. وحينها سيكون علينا أن نتوصل إلى أنظمة تصنيع خاصة بنا.

وفي سياق متصل، أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على هامش القمة النووية في واشنطن أن للصبر حدودا في الموضوع الإيراني، وأن العقوبات بحق القادة الإيرانيين قضية «ستبت» خلال الأيام أو الأسابيع القريبة المقبلة.

وقال ساركوزي إن حصول إيران على السلاح النووي لأغراض عسكرية، إضافة إلى التصريحات المتكررة للقادة الإيرانيين ضد ديمقراطية إسرائيل، تشكل خطرا وهي غير مقبولة. وأضاف «أن الرئيس باراك أوباما تمنى أن يمد اليد لطهران لكن للصبر حدود، ونحن في مرحلة ينبغي فيها التصويت على عقوبات، ليس بحق الشعب الإيراني بل بحق المسؤولين الذين يقودون البلد إلى مأزق».

ومن جهتها، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن ثقتها في أن مجلس الأمن الدولي سيتخذ قراره سريعا بشأن العقوبات، مضيفة أن ثمة إشارات تبعث على الأمل حول إمكانية مواصلة المحادثات مع الصين وروسيا اللتين اتسمتا قبل ذلك بالتردد الشديد. وأشارت المستشارة الألمانية إلى جلسة محادثات عقدت الليلة قبل الماضية بمشاركة ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (أميركا والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا) بالإضافة إلى ألمانيا. ووفقا لميركل فإن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون شاركت في المحادثات، غير أنه لم تتضح تفاصيل ذلك الاجتماع.