بيريس يتهم سورية بتزويد حزب الله بصواريخ سكود.. وباراك يهدد بالحرب

مصادر مطلعة في دمشق: إسرائيل هي التي لا تلبي متطلبات السلام

الجنود الإسرائيليون وهم يثبتون أمس شريطا حديديا جديدا قرب الخط الأزرق الذي يحدد المنطقة التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية (أ.ب)
TT

هدد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك كلا من لبنان وسورية بـ«كسر الاستقرار والهدوء»، إذا تم نقل صواريخ «سكود» إلى حزب الله اللبناني.

وقال باراك، الذي كان يزور قاعدة عسكرية في وسط البلاد أمس، إن نقل صواريخ نوعية كهذه إلى لبنان يعتبر من جهة إسرائيل خرقا فظا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وخلخلة في التوازن العسكري في المنطقة. وأضاف: «نحن لسنا معنيين بالهجوم العسكري، ولكن إذا حصل ووصلت هذه الصواريخ فإن الهدوء القائم حاليا وما يبدو في الظاهر من استقرار سوف يخرقان بقوة». وأكد باراك في تصريح آخر في قاعدة لسلاح الجو الإسرائيلي أن هذا السلاح يعتبر الذراع القوية الضاربة التي تستخدمها إسرائيل للرد على التحديات القريبة والبعيدة.

وحسب تقارير في تل أبيب فأن قضية نقل صواريخ «سكود» من سورية إلى حزب الله كادت أن تؤدي إلى تدهور حربي في الشهر الماضي، حيث انطلقت إلى سماء لبنان طائرات استكشافية من سلاح الجو الإسرائيلي وتحركت طائرات حربية أيضا. فتدخلت الإدارة الأميركية في الموضوع ولجمت إسرائيل بعد أن تعهدت لها بمعالجته. ويقال في تل أبيب إن وصول جون كيري، رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكونغرس والسناتور المقرب من الرئيس باراك أوباما، إلى دمشق كان بهدف نقل رسالة تحذير إلى الرئيس بشار الأسد.

وكان الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس قد اتهم أمس سورية بتزويد حزب الله بصواريخ سكود، وذلك قبيل مغادرته للقيام بزيارة إلى فرنسا. وقال الرئيس بيريس للإذاعة العامة الإسرائيلية إن «سورية تؤكد أنها تريد السلام وتقدم في الوقت نفسه صواريخ سكود لحزب الله الذي ينحصر سبب وجوده في تهديد دولة إسرائيل».

وحذر الرئيس الإسرائيلي من أن «سورية تعتقد أن ليس لديها ما تفعله سوى ترك العالم يجاملها عبر ممارسة اللغة المزدوجة القائمة على قول شيء وفعل عكسه، كل ذلك لن ينجح».

من جهته، قال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ماتان فيلناي: «أفضّل عدم الدخول في التفاصيل لكن كل ذلك يعكس الواقع الذي يحيط بنا مع أعداء يفعلون كل شيء ليعززوا أنفسهم، وإسرائيل التي يجب عليها أن تكون مستعدة»، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف الجنرال السابق أن «قدرات حزب الله على إطلاق النار تحسنت كثيرا وهدفه الرئيسي هو ضرب المواقع الخلفية لإسرائيل». وتابع فيلناي: «سنقوم في نهاية الشهر المقبل بتدريب عسكري لمواجهة هذا الواقع كما فعلنا العام الماضي».

وعنونت صحيفة «معاريف» على صفحتها الأولى بـ«إسرائيل تهدد بمهاجمة سورية» إثر تزويد حزب الله بصواريخ سكود قادرة على بلوغ كل الأراضي الإسرائيلية عمليا.

وتقول إسرائيل إن حزب الله تزود بأكثر من أربعين ألف صاروخ يتجاوز مدى بعضها 300 كلم ويمكنها بذلك بلوغ المدن الإسرائيلية الكبرى.

وفي دمشق، لم يصدر أي تعليق رسمي على اتهامات الرئيس الإسرائيلي، بينما قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن موقف سورية من عملية السلام «هو موقف معروف، أي تحقيق سلام عادل وشامل، وإسرائيل هي التي لا تلبي متطلبات السلام، والحكومة الإسرائيلية الحالية هي الأكثر ابتعادا عن إرادة صنع السلام لكونها حكومة يمينية متطرفة، وهي واضحة في ذلك».

وكان بيريس وصل أمس إلى باريس في زيارة رسمية تدوم ثلاثة أيام، يلتقي خلالها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ورئيس الحكومة فرنسوا فيون، ووزير الخارجية برنار كوشنير. كما يشارك خلالها في تدشين متنزه على ضفاف نهر السين سيحمل اسم الرئيس الإسرائيلي الأسبق دافيد بن غوريون.

ووصفت وزارة الخارجية الفرنسية بيريس بأنه «رجل سلام ومهندس اتفاقيات أوسلو» وبأنه «صديق كبير لفرنسا»، مضيفة أن الزيارة ستكون فرصة «لتجديد صداقتنا لإسرائيل، وإظهار تمسكنا الثابت بأمنها»، فضلا عن التعبير عن رغبة فرنسا «في إطلاق سريع لمسار السلام» مع الفلسطينيين.

وقال برنار فاليرو الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية، إن الموضوع الرئيسي للمحادثات مع بيريس سيكون التأكيد على «ضرورة استئناف الحوار سريعا» مع الجانب الفلسطيني. كما ستتناول المحادثات الملف النووي الإيراني.

وتأتي زيارة بيريس في وقت أصيبت فيه العلاقات الدبلوماسية الفرنسية - الإسرائيلية «ببرودة»، بسبب مشروعات الاستيطان الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية.

وكان لافتا أن وزارة الخارجية الفرنسية تحاشت تناول الموضوعات الخلافية في تقديمها لزيارة بيريس الذي يحظى بموقع خاص في فرنسا منذ الفترة التي كان فيها مديرا لوزارة الدفاع الإسرائيلية حيث أبرم اتفاقيات تعاون مع فرنسا في الحقلين النووي والعسكري.

ولدى سؤال وزارة الخارجية الفرنسية عن الاستيطان، ومشروعات ترحيل آلاف الفلسطينيين من الضفة كان الرد: «نتحدث مع أصدقائنا الإسرائيليين بشأن كل الموضوعات ومواقفنا معروفة تجاهها».

ويُنتظر أن يثير بيريس مع كبار المسؤولين الفرنسيين موضوع تسليح سورية لحزب الله وتزويده بصواريخ سكود روسية الصنع.

واكتفى الناطق باسم الخارجية لدى سؤاله عن الموضوع بالتذكير بأن بلاده تدعو إلى تطبيق كامل القرار 1701، الذي أصدره مجلس الأمن عقب حرب إسرائيل على لبنان صيف 2006، الذي يفرض حظرا على إيصال السلاح إلى أطراف لبنانية غير رسمية.

وفي الموضوع الإيراني، سيجد بيريس أذنا صاغية في باريس، حيث يتصف الموقف الفرنسي بالتشدد، وترغب باريس في أسرع وقت في صدور قرار من مجلس الأمن يفرض عقوبات اقتصادية ومالية على إيران، كما تدعو إلى عقوبات إضافية من خارج المجلس إذا كان القرار المنتظر ضعيفا، وهو ما أكده الرئيس ساركوزي في واشنطن أمس.