قرغيزستان: الرئيس المخلوع يعرض شروطه للاستقالة.. وموفد أميركي إلى البلاد

الحكومة الانتقالية تهدد بشن «عملية خاصة» لاعتقال باقييف إذا لم يسلم نفسه

TT

أعرب الرئيس القرغيزي المخلوع كرمان بك باقييف أمس عن استعداده للاستقالة شرط ضمان سلامته وسلامة عائلته، إلا أن الحكومة الانتقالية هددت باعتقاله إذا لم يسلم نفسه. جاء هذا فيما يتوقع وصول مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لآسيا الوسطى والجنوبية روبرت بليك اليوم إلى قرغيزستان.

وقال باقييف في مؤتمر صحافي عقده في قريته تيت غير البعيدة عن جلال آباد (جنوب) «ما هي الشروط حتى أستقيل؟ ضمان سلامتي وسلامة عائلتي»، قبل أن يضيف شرطا آخر وهو «بسط الأمن» في البلاد. وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث باقييف عن استقالته منذ أرغم على الفرار الأسبوع الماضي بعد مواجهات دامية أسفرت عن 83 قتيلا في بشكيك عاصمة هذه الجمهورية السابقة في آسيا الوسطى.

وأصدرت السلطات الانتقالية في قرغيزستان مذكرات توقيف في حق أشقاء الرئيس المخلوع، لا سيما جانيش باقييف، قائد الحرس الرئاسي المتهم بإصدار الأمر بإطلاق النار على المتظاهرين.

في غضون ذلك، أعلن عظيم بك بكنزاروف المسؤول عن الشؤون القضائية في الحكومة الانتقالية أمس، أن السلطات «رفعت الحصانة الرئاسية عن الرئيس القرغيزي السابق كرمان بك باقييف»، وأبلغته بضرورة الاستسلام وإلا صدر أمر بشن «عملية خاصة» لاعتقاله. لكن عادل بيسالوف مدير مكتب رئيسة الحكومة روزا اوتونباييفا، خفف من وطأة هذه التصريحات، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن رئيسة قرغيزستان الجديدة «لم توقع أي وثيقة» تجيز اعتقال باقييف.

وسخر الرئيس المخلوع من جهته من إعلان عظيم بك بكنزاروف. وقال باقييف الذي لجأ إلى قلعة محصنة في قرية تيت ويحوط به 25 حارسا مسلحا ببنادق آلية «أعرف شخصيا قدراتهم، وأعرف أنهم ليسوا قادرين على شن عملية خاصة. سأنام بهدوء هذه الليلة».

وكان الرئيس المخلوع جمع صباح أمس خمسة آلاف شخص في جلال آباد، رافضا الاستقالة، ومتذرعا بإنجازاته، فيما يتهمه منتقدوه بالنزع إلى الاستبداد والفساد وزيادة إفقار البلاد. وقال لأنصاره الذين احتشدوا أمس لليوم الثاني على التوالي: «انظروا كيف تحظى قرغيزستان بالاحترام من الولايات المتحدة وروسيا والصين». وأضاف الرئيس المخلوع قائلا «سلطتي ليست منبثقة مني بل من الشعب، والحكومة الانتقالية غير شرعية. ولا أعترف بشيء مما تقوله». وقد انتهت المظاهرة بهدوء بعد الظهر.

وتتهم الحكومة الانتقالية باقييف بالسعي إلى التحريض على تمرد من معقله لاستعادة السلطة، فيما تشهد العلاقات بين شمال قرغيزستان وجنوبها توترا تقليديا يحمل البعض على التخوف من حرب أهلية. وقال بكنزاروف إن «السلطات الانتقالية الحريصة على تجنب نزاع وخلافات جديدة، لم تمنع مظاهرة باقييف في جنوب الجمهورية. لذا نرى الآن أنه يسعى إلى تقسيم الشعب إلى جنوبيين وشماليين».

والاستقرار في قرغيزستان له أهمية كبرى بالنسبة لآسيا الوسطى، لا سيما أن للولايات المتحدة فيها قاعدة جوية أساسية لنشر قواتها في أفغانستان، لا تنظر إليها روسيا بارتياح، لأن هذه المنطقة من العالم هي منطقة نفوذها التاريخية.

من جهة أخرى، استقبل نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كراسين أمس في موسكو السفير الأميركي في روسيا جون بيرل لمناقشة الوضع في قرغيزستان، ودعا إلى «العودة إلى الحياة الطبيعية» في البلاد. وقد أرغم باقييف على الفرار الأربعاء الماضي بعد ما فتحت قوات الأمن النار على الآلاف من متظاهري المعارضة في بشكيك بينما كانوا يحاولون حصار مقري الحكومة والرئاسة. وتفيد آخر حصيلة لوزارة الصحة أن أعمال العنف تلك أسفرت عن سقوط 83 قتيلا وأكثر من 1600 جريح. وأمرت السلطات الانتقالية باعتقال رئيس الوزراء السابق دانيار اوسينوف وشقيقي الرئيس المخلوع، الفارين جميعا في الوقت الراهن، بتهمة «القتل».

وقد أطيح باقييف بالطريقة نفسها التي استخدمها لإطاحة سلفه عسكر عاكييف في مارس (آذار) 2005، بعد ثورة فجرها تزايد الاستبداد والمحسوبية لدى الطبقة الحاكمة. وسارعت المجموعة الدولية من جهتها إلى إقامة حوار مع الحكومة الانتقالية التي ترأسها روزا اوتونباييفا.