الصومال: 16 إذاعة توقف بث الموسيقى والأغاني خوفا من تهديدات الإسلاميين

الجامعة العربية تنفي اعتزامها استضافة مؤتمر جديد للمصالحة الصومالية في كينيا

TT

توقفت جميع المحطات الإذاعية في العاصمة الصومالية مقديشو أمس الثلاثاء عن بث الموسيقى والأغاني، باستثناء محطة واحدة تملكها الحكومة، وذلك امتثالا لأوامر المسلحين الإسلاميين المعارضين، الذين أمروا المحطات الإذاعية بوقف بث الأغاني والموسيقى بدعوى أنهما ليستا من تعاليم الدين الإسلامي، ومنحوا مهلة 10 أيام لكي ينظم أصحاب المحطات أنفسهم.

وامتثلت المحطات لهذا القرار خوفا على سلامة موظفيها، وكانت المحطات الإذاعية قد طلبت من الحزب الإسلامي الذي أصدر هذا القرار مراجعته أو تمديد المدة، إلا أن الحزب رفض ذلك، وهدد بمحاكمة أي محطة تخالف أوامره، واعتبر الحزب الأغاني والموسيقى أيضا نشرا للثقافات الغربية في المجتمع الصومالي المسلم. وكان معلم حاشي فارح مسؤول إقليم العاصمة في الحزب الإسلامي قد قال «إن المحطة التي لن تستجيب لهذه الأوامر سوف تطبق عليها الشريعة الإسلامية». وبعد انتهاء المهلة التي حددها الحزب أمس، قامت جميع المحطات، ويبلغ عددها 16 محطة إذاعية مستقلة بوقف بث الأغاني والموسيقى، بما فيها الفواصل بين البرامج، فيما تجاهلت المحطة التي تملكها الحكومة هذا القرار.

وقال مدير إحدى الإذاعات التي نفذت قرار وقف بث الموسيقى والأغاني لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة الصومالية مقديشو إنه التزم بالقرار خوفا من تهديدات المتمردين الذين كانوا حددوا مهلة عشرة أيام انتهت أمس لتنفيذ القرار.

وقال المسؤول الذي طلب عدم تعريفه إنه في ظل ما وصفه بضعف السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد وعدم قدرتها على ضبط الأمور في العاصمة مقديشو، فإن كل الإذاعات آثرت السلامة وخشيت التعرض لعقوبات من المتمردين الإسلاميين.

ويأتي توقف المحطات الإذاعية في مقديشو عن بث الموسيقى والأغاني بعد أربعة أيام من حظر حركة الشباب المجاهدين «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) و«صوت أميركا» من العمل في الصومال، باعتبارهما محطتين صليبيتين معاديتين لمشروع إقامة دولة إسلامية في الصومال، وصادرت الحركة جميع ممتلكات مكاتب «بي بي سي» في الصومال، كما أمرت في الوقت نفسه جميع المحطات الإذاعية المحلية المتعاقدة مع «بي بي سي» و«صوت أميركا» لإعادة بث برامجهما بوقف ذلك نهائيا. ونددت بعض المنظمات الصحافية المحلية هذه الخطوة، وقالت إنه يهدف إلى قمع وتخويف الصحافيين ووسائل الإعلام في الصومال، فيما وصف آخرون القرار بغير المناسب وغير المنطقي.

على الصعيد الميداني، قتل 19 شخصا معظمهم من المدنيين، وجرح أكثر من 50 آخرين في اشتباكات مسلحة وقصف مدفعي متبادل بين القوات الحكومية التي تساندها قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام من جهة، وبين المقاتلين الإسلاميين من جهة ثانية، وبدأ القصف صباح الاثنين عندما قصف المسلحون القصر الرئاسي الذي كانت تجري فيه احتفالات لليوم الوطني لتأسيس الجيش الصومالي بحضور الرئيس شريف شيخ أحمد، وردت قوات الاتحاد الأفريقي بقصف عنيف بشكل عشوائي ضد أماكن متعددة من بينها سوق البكارو، التي تعتقد أنها معقل المسلحين الإسلاميين، حيث استخدمت المدفعية الثقيلة لضرب مناطق مكتظة بالسكان، وكان ذلك أعنف قصف شهدته العاصمة منذ أشهر، وتجدد القصف مرة أخرى في المساء عندما تعرض مطار مقديشو لقصف صاروخي من قبل المسلحين أثناء مغادرة الرئيس شريف الذي كان يتوجه إلى أوغندا، وكان معظم القتلى والجرحى من النساء والأطفال.

في الوقت نفسه، تعرضت قافلة من قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام لهجوم تفجيري بجنوب مقديشو، وعندما هرع رجال الشرطة إلى المكان لإنقاذ جرحى الانفجار الأول انفجرت عبوة ثانية، مما أدى إلى مقتل ستة أشخاص من بينهم جنديان أفريقيان وآخر حكومي كما أكد شهود عيان؛ إلا أن المتحدث باسم القوات الأفريقية «بريجي بهوكو» نفى وقوع خسائر بشرية في صفوف القوات الأفريقية. وقال متحدث باسم الشرطة الصومالية «إن الهجوم نجم عن عبوتين ناسفتين زرعتا على جانب الطريق يتم التحكم فيهما عن بعد، بالقرب من أكاديمية الشرطة بجنوب العاصمة، وذكر أن من بين القتلى ضابط شرطة.

وتبنت حركة الشباب المجاهدين مسؤولية هذا الهجوم، وقال الشيخ علي محمد حسين والي الحركة لإقليم العاصمة «قتلنا سبعة جنود من القوات الأفريقية و5 آخرين من القوات الحكومية في ذلك الهجوم».

من جهته، نفى السفير سمير حسني مسؤول إدارة التعاون العربي الأفريقي وملف الصومال بالجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط» ما تردد عن اعتزام الجامعة العربية تنظيم مؤتمر جديد الشهر المقبل للمصالحة الوطنية الصومالية في العاصمة الكينية نيروبي برعاية منظمة دول الإيقاد والاتحاد الأفريقي، في محاولة لإقناع المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة بحكومة الرئيس الانتقالي الشيخ شريف شيخ أحمد للانضمام إليها.

وقال حسني لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه لا علاقة للجامعة العربية بهذا الموضوع، لافتا إلى أنها المرة الأولى التي يسمع فيها عن هذا المؤتمر.

وأبلغ حسني «الشرق الأوسط» في المقابل أن الجامعة العربية ستستضيف في الثاني والعشرين من الشهر الجاري الاجتماع المقبل لمجموعة الاتصال الدولية الخاصة بالصومال لمناقشة كيفية دعم الحكومة الانتقالية وبرامجها الأمنية وتشجيع الاستقرار والمصالحة وبدء الإعمار لما دمرته الحرب الأهلية الطاحنة التي تعرضت لها البلاد منذ سقوط نظام حكم الرئيس المخلوع محمد سياد بري عام 1991.