علاوي يحذر من حرب طائفية.. ويطالب أميركا بالمساهمة في تحقيق المصالحة

رئيس قائمة العراقية قال إنه حذر ائتلاف الحكيم من تحالف يفضي لتشكيل حكومة شيعية

إياد علاوي («الشرق الأوسط»)
TT

حذر إياد علاوي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، الذي فاز ائتلافه الانتخابي (العراقية) بأكبر عدد من مقاعد البرلمان في الانتخابات التي شهدها العراق في 7 مارس (آذار) الماضي، من أن بلاده قد تنزلق إلى حرب طائفية إذا ما استبعدت مجموعته عن الحكومة المقبلة، ودعا الولايات المتحدة إلى العمل بقوة أكثر للحيلولة دون حدوث ذلك.

وقال علاوي، الشيعي العلماني الذي اجتذب أصوات ملايين السنة وبعض الشيعة، خلال مقابلة أجريت معه داخل مكتبه في بغداد أول من أمس، إن قائمة العراقية تمثل التغيير الذي يتوق إليه العراقيون بعد سنوات من العنف الطائفي. لكنه اتهم نوري المالكي، رئيس الوزراء، وهو شيعي، باستغلال نفوذه في تغيير النتائج الانتخابية والإبقاء على الوضع القائم. وحذر من أنه حال عدم تصعيد الولايات المتحدة والأمم المتحدة من جهودهما خلال ما يتوقع أن يشكل حالة من الفراغ السياسي تدوم لشهور، فإنهما سيخلفان بذلك وراءهما دولة ومنطقة مفتقرة إلى الاستقرار عند رحيلهما.

ورغم فوزه في الانتخابات، ربما لا يجد علاوي، الذي يرغب في استعادة منصبه القديم، شيئا أمامه في حال تحالف ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي مع الائتلاف الوطني العراقي، الذي يتزعمه عمار الحكيم، وهو ائتلاف مؤلف في معظمه من أحزاب دينية شيعية. وحذر علاوي من أن تولي مقاليد السلطة حكومة دينية شيعية من شأنها إثارة حمام الدماء الطائفي مجددا في البلاد. وقال علاوي «قلت لهم: لا تمضوا في هذا الطريق»، في إشارة إلى اجتماع بينه وبين الائتلاف الوطني العراقي. وأضاف أن «هذا المسار سيكون خطيرا للغاية، وسيؤتي بنتائج عكس المرجوة، وسيأتي رد الفعل المعاكس حادا. وسينهار الأساس الذي وضعناه لديمقراطيتنا الوليدة». وقال علاوي إنه سعى لمقابلة المالكي لمناقشة عملية تشكيل الحكومة، لكن لم يتم الاتفاق على موعد بعد.

من ناحية أخرى، قصر المسؤولون الأميركيون بدرجة كبيرة مشاركتهم في هذا الأمر على حث القادة العراقيين على الصعيد غير المعلن على التصرف على نحو يتحلى بالشعور بالمسؤولية مع استمرار المناورات السياسية، التي امتدت في بعض الأحيان إلى الشوارع. يذكر أن 90 شخصا على الأقل لقوا مصرعهم خلال هجمات وقعت على مدار خمسة أيام من الشهر الماضي.

من جهته، قال علاوي إن الولايات المتحدة لم تقم إلا بالقليل من العون للمساعدة في تحقيق الأهداف التي أعلنتها إدارة جورج بوش، ومنها تحقيق المصالحة عبر التسويات السياسية وتعديل الدستور العراقي وسن تشريعات لتنظيم صناعة النفط، واتباع نهج أكثر حكمة حيال تطهير صفوف الحكومة من الموالين لحزب البعث، الذي كان يتزعمه صدام حسين. ويشكو قادة سنة من أن سياسيين شيعة استغلوا هذه الإجراءات ضد «البعثيين المزعومين» في إلحاق الضعف بالنفوذ السني.

وقال علاوي: «خلال الفترة الانتقالية - بينما لا تزال أميركا مشاركة هنا، ولا يزال لها حضور لافت في هذه البلاد - ينبغي أن تركز على الإصلاح السياسي واستغلال مساعيها لتحقيق المصالحة. ينبغي أن توجه مزيدا من الانتقادات إلى أسلوب تنفيذ إجراءات الاجتثاث (ضد حزب البعث)، لأنها جميعا جرت من دون أساس».

يذكر أن قائمة علاوي شكلت الهدف الرئيسي لسياسة وضعتها الولايات المتحدة عام 2003 لتطهير الحكومة من المسؤولين الموالين لحزب البعث المحظور. وأقدمت لجنة المساءلة والعدالة، التي يدير شؤونها سياسيون شيعة منافسون، على منع أكثر من 70 مرشحا من القائمة من خوض الانتخابات الأخيرة وتعمل الآن على محاولة التخلص من أربعة آخرين. ويوجد حاليا أكثر من 40 عضوا بالائتلاف في السجون ببغداد من دون القدرة على الاتصال بالعالم الخارجي، حسبما أشار علاوي. ويوجد مرشح واحد فائز في الانتخابات من «العراقية» في السجن، وصدر في حق أربعة آخرين أوامر بإلقاء القبض عليهم، حسبما أضاف. وقال علاوي «قلت للأميركيين: الأمن لا يتعلق فقط بعدد القوات التي تملكونها، وإنما أيضا بتغيير المشهد السياسي عبر تحقيق المصالحة. قلت من قبل ولا أزال أوكد أنه حتى إذا رفعتم أعداد القوات إلى مليون، فلن يجدي ذلك شيئا».

وأول من أمس، أرسل علاوي وفدا إلى إيران المجاورة في محاولة لحشد تأييد قيادات الجمهورية الإسلامية، التي تضطلع بدور هادئ ولكن محوري في المشهد السياسي العراقي، وللتأكيد على أن «العراقية» لن تكون عدوا لهم، حسبما ذكر علاوي. وقال: «الوفد هناك ليشرح للإيرانيين أننا لسنا دعاة حرب وأننا نرغب في علاقات سلمية وطيبة للغاية مع إيران وباقي جيراننا. لكننا أيضا لسنا على استعداد لقبول التدخل في شؤوننا الداخلية، تماما كما لا نرغب في التدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»