انتهاء عمليات الاقتراع في السودان وبدء عمليات الفرز والنتائج الثلاثاء

مفوضية الانتخابات تجمد 15 دائرة جغرافية بسبب أخطاء.. ومسؤول في حزب البشير يلتقي أقطاب المعارضة لتأمين مرحلة إعلان النتائج

TT

أسدل الستار، أمس، على الانتخابات السودانية التي أثارت اهتمام العالم، ووجدت تغطية إعلامية غير مسبوقة في تاريخ البلاد. وأغلقت المفوضية القومية للانتخابات في السادسة من مساء أمس صناديق الاقتراع إيذانا بنهاية الانتخابات، على أن يبدأ الفرز اعتبارا من اليوم، لتعلن النتيجة يوم الثلاثاء المقبل. وتشير جميع المؤشرات إلى فوز كاسح لحزب المؤتمر الوطني، بقيادة الرئيس عمر البشير في الشمال، وانفراد الحركة الشعبية بقيادة نائبه الأول سلفا كير ميارديت بحكم الجنوب. وأعلنت مفوضية الانتخابات تجميد العملية الانتخابية في أكثر من 15 دائرة قومية وجغرافية للخلط في رموز وبطاقات الاقتراع، بينما يستمر الجدل عنيفا بين القوى السياسية حول سلامة الانتخابات وإجرائها بأعمال فاسدة وتزوير. وكانت الحكومة أعلنت يوم أمس عطلة رسمية «لتمكين المواطنين من الإدلاء بأصواتهم».

ولاحظت «الشرق الأوسط» حركة واسعة لموظفي مفوضية الانتخابات لتوزيع استمارات الفرز.

وذكر مسؤول في حزب المؤتمر الوطني لـ«الشرق الأوسط» أن وفدا من الحزب التقى بـ3 من قيادات المعارضة بغض التحضير لمرحلة ما بعد إعلان النتيجة، ونفى المسؤول بشدة أن تكون اللقاءات غرضها بحث إمكان تشكيل حكومة موسعة بين الحزب الذي سيفوز في الانتخابات الحالية وباقي الأحزاب السودانية، وشدد على أن مرحلة تشكيل الحكومة سابقة لأوانها، وقال: «المهم الآن تأمين نتيجة الانتخابات».

وقال إن لقاءات وفد حزب الوطني شملت: الصادق المهدي رئيس حزب الأمة المعارض، والدكتور حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، ومبارك الفاضل المهدي رئيس حزب الأمة الإصلاح والتجديد، وأضاف المصدر أن اللقاءات ستشمل في اليومين المقبلين باقي الأحزاب السودانية.

وتأتي هذه اللقاءات بعد ساعات من إعلان مسؤول في حزب المؤتمر الوطني أن حزبه في حال فوزه سيوجه الدعوة إلى جميع الأحزاب حتى تلك التي لم تشارك في الانتخابات للانضمام إلى الحكومة لإيمان الحزب بأن هذه لحظة حاسمة في تاريخ السودان. وأثار إعلان الحزب الحاكم ردود فعل متباينة وسط الأحزاب، حيث رحب حزب الأمة بحذر، وقال نائب رئيس حزب الأمة، فضل الله برمه ناصر إنه مهتم بعقد محادثات مع حزب المؤتمر الوطني والأحزاب الأخرى، على الرغم من أن الوقت لا يزال مبكرا للتعليق على الانضمام لائتلاف، ودعا ناصر إلى الحديث عن الحوار أولا حول كيفية حل مشكلات السودان. وشدد الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، الترابي، على أن حزبه لن يدخل في شراكة مع الحكومة التي تفرزها الانتخابات، لكنه أكد أنه سيأتلف مع الأحزاب الأخرى على أسس ومنهج. من جانبه، دعا رئيس حكومة الجنوب النائب الأول سلفا كير ميارديت إلى إشراك قوى تحالف جوبا في الحكومة الجديدة، وطالب بأن تتوجه برامج الحكومة الجديدة نحو الاستفتاء، واحتياجات الجنوب. وكشف وزير رئاسة حكومة الجنوب المكلف د. لوكا بيونق، عن إثارة قضية إشراك قوى جوبا وكافة القوى المعارضة في الحكومة الجديدة المنتخبة مع رئيس لجنة الحكماء ثامبو إمبيكي، واستعداد رئيس حكومة الجنوب النائب الأول سلفا كير ميارديت في حال فوزه بالانتخابات للقيام بتلك المهمة، قاطعا بأن تكوين الحكومة الجديدة لا يتم إلا بموافقة النائب الأول. وقال بيونق أن سلفا كير أثار خلال اجتماع مع إمبيكي ضرورة توسيع الحكومة الجديدة لتضم كافة القوى السياسية بما فيها المقاطعة، لامتصاص نتائج وإفرازات الانتخابات، إلى جانب التحديات التي تواجه عملية الاستفتاء، وإعداد دستور دائم للبلاد يحتم مشاركة كل الأحزاب في بنائه.

وأضاف أن سلفا كير أبلغ إمبيكي أهمية أن تتوجه برامج الحكومة الجديدة نحو الاستفتاء، واحتياجات الجنوب، بجانب إجراء انتخابات شاملة في الشمال حال الانفصال باعتبارها ستكون مرحلة جديدة على الرغم من أن الدستور لم يشر إلى إجراء انتخابات بعد الاستفتاء.

من جهته، اتهم مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع المعارضة السودانية بالسعي إلى إثارة البلبلة للضغط من أجل تغيير النظام الذي سينبثق عن الانتخابات التي قاطعها عدد من الأحزاب الرئيسية. وقال نافع خلال لقاء عدد من الصحافيين: «ما الذي يخططون له؟ لقد قالوا ذلك أصلا، ونحن نعرفه جيدا.. لن يعترفوا بنتائج الانتخابات، وسيتظاهرون في الطرقات سعيا إلى تغيير النظام، سواء من خلال العنف أو البلبلة». وأضاف: «إنهم يقدمون أمثلة لما حدث في زيمبابوي وكينيا ونيجيريا.. كما لو أنهم يريدون إقناع الرأي العام بأن هذا ممكن.. ولكنهم سيكتشفون أن الأمر مجرد (سراب)».

ويبدو خطاب نافع أكثر تشددا من خطاب مستشار الرئيس غازي صلاح الدين العتباني الذي أعلن الأربعاء أن المؤتمر الوطني سيمد يده إلى المعارضة، ويعرض عليها المشاركة في حكومة موسعة في حال فوزه في الانتخابات. لكن نافع اشترط لمثل هذه المشاركة الاعتراف بنتائج الانتخابات. وقال: «من غير المنطقي أن أحدا لا يعترف بنتائج الانتخابات، ويذهب إلى حد القول بأنها غير شرعية»، ثم يطالب بأن يكون عضوا في الحكومة. وأضاف: «لا يمكنكم أن تقولوا في الوقت نفسه عن شيء إنه غير شرعي ثم تقولون إنكم تريدون أن تكونوا جزءا منه». وقال نافع خلال اللقاء الذي جرى في القصر الرئاسي في الخرطوم إن الحكومة لا يمكن أن تضم أحزابا «تتبنى برامج مختلفة».

وقال بروفيسور عبد الله أحمد عبد الله، نائب رئيس مفوضية الانتخابات، إن الفرز الأولي للنتائج سيبدأ اليوم، الجمعة، ويتم تجميعها من المراكز للجان العليا بالولايات ومن ثم مراجعتها عبر المفوضية توطئة لإعلانها الثلاثاء المقبل. وأقرت المفوضية بوصول شكوى من المؤتمر الوطني بشأن الحبر المستخدم في العملية، عقب اجتماع أمس، وقالت إن قرار التجميد للدوائر التي صاحبها خلط في الرموز وبطاقات الاقتراع سيتم اليوم. وأوضح عبد الله أن تقارير الولايات ولجان الاقتراع بالخارج تشير إلى الإقبال الكبير للناخبين، وقال إن المفوضية تلقت شكوى من المؤتمر الوطني بشأن حبر الاقتراع، وستدرسها ومن ثم الرد عليها.

وقالت المفوضية في بيان لها عقب تلقيها إحصائيات الأيام الماضية للاقتراع في دول المهجر إن دولة اليمن سجلت في اليوم الثالث نسبة (82%)، بينما بلغت البحرين (63%)، وسجلت الإمارات وعُمان نسبة (60%) في يوم الاقتراع الثالث، وأشارت إلى أن ولاية البحيرات ليوم أمس بلغ الاقتراع فيها (80%)، فيما بلغت ولاية الوحدة (66%)، وبلغت نسبة ولايات شمال وجنوب دارفور وشمال كردفان (61%) في اليوم الثالث. وفي أثناء ذلك، اغتيل 9 من قيادات حزب المؤتمر الوطني بوحدة إدارية تمساح التابعة لمحلية راجا غرب بحر الغزال، جنوب السودان، بينهم رئيس الحزب بالمحلية، إثر مشادات كلامية مع أحد عناصر الجيش الشعبي الذي نفذ عملية الاغتيال. وقال رئيس المؤتمر الوطني في ولاية غرب بحر الغزال فيليب تولا إن عملية الاغتيال تمت بسبب مشادات كلامية على خلفية عمليات الاقتراع بالمنطقة. وفي السياق هاجمت مجموعة مسلحة مقر قطاع الجنوب في المؤتمر الوطني في ولاية الاستوائية، وحطمت المكاتب بعد أن قيدت الخفراء، وعصبت أعينهم. ونقل عن مصدر أن الجيش الشعبي اختطف 35 من وكلاء البشير في الجنوب.