خبراء: البركان الحالي ليس قويا لكن تأثيراته قد تمتد بعض الوقت

بركان سابق أدى إلى الثورة الفرنسية وامتدت تأثيراته إلى مصر

طائرات تابعة لشركة «إيزي جيت» تقبع في مطار «غاتويك» اللندنية أمس لعدم قدرتها من الطيران بسبب الغمامة البركانية في الأجواء الأوروبية (رويترز)
TT

يعتقد الخبراء أن الانفجار البركاني في أيسلندا، الذي أدى إلى تعطل الرحلات الجوية في أوروبا بسبب الغبار البركاني المتصاعد في الأجواء، لم يكن قويا بصورة تستدعي القلق، لكنهم حذروا من أن التأثيرات على كل من السفر والمناخ الإقليمي ربما تمتد لبعض الوقت.

ويرى بيل بيرتون، المدير المساعد لبرنامج المسح الجيولوجي للمخاطر البركانية في الولايات المتحدة، وفقا لـ«نيويورك تايمز»، أن الثورة البركانية الحالية تحت نهر إيافيالايوكل الجليدي يحمل سمات مشابهة للثورة البركانية السابقة التي وقعت في عام 1821، وقال «يبدو أننا سنشهد تكرار الحدث مرة أخرى».

وكانت ثورة البركان قد استمرت في السابق ما بين خمول ونشاط حتى عام 1823. وفي الوقت الذي لا يستطيع فيه البعض التخمين بمدى طول النشاط البركاني، فإن الدكتور بيرتون قال «في علم البراكين، الماضي هو المفتاح للحاضر. ومن ثم فإذا استمرت الثورة البركانية السابقة عامين فربما يستمر هذا النشاط البركاني عامين أيضا».

ويرى ريتشارد فاندرما، في برنامج الزلازل العالمي التابع لمعهد سميثسونيان، أنه على الرغم من أن عملية النشاط والخمول قد لا تكون ذات تأثير كبير على نشاط الطيران على المدى البعيد، فإنها قد تؤثر على الطقس في شمال أوروبا. فالغبار البركاني يحتوي على الكثير من الكبريت الذي يمكن أن يتحول إلى ضباب في طبقات الجو العليا يعمل على عكس أشعة الشمس. وأضاف «لا يتوقع أن يتوقف الأمر عند حدود برودة الجو، بل من المتوقع أن يتكون ما يسمى بطقس البركان، أشبه بالضباب الدخاني، والذي حدث خلال ثورة بركان آخر في أيسلندا في عام 1783، وأدى إلى انتشار ثاني أكسيد الكبريت والمكونات الأخرى وشكل خطرا متواصلا (بنجامين فرانكلين الذي عانى من هذه المخاطرة في باريس خلال المفاوضات حول الاتفاقية التي أنهت الحرب الثورية كان أول من ربط بين ثورة البركان والطقس).

فقبل ما يزيد على 200 عام تسبب انفجار بركان في أيسلندا في نتائج كارثية للمناخ والزارعة والنقل في نصف الكرة الشمالي، وأسهم بشكل بارز في اندلاع الثورة الفرنسية، حيث تواصل نشاط بركان لاكي في جنوب أيسلندا على مدى ثمانية أشهر بدءا من الثامن من يونيو (حزيران) 1783 إلى فبراير (شباط) 1784 في شكل حمم بركانية وغازات سامة دمرت الزراعات في الجزيرة وقتلت الكثير من الماشية، وتشير بعض التقديرات إلى وفاة ما يقرب من ربع سكان أيسلندا نتيجة للمجاعة التي أعقبت البركان.

وحسب جريدة «الغارديان» البريطانية فإن انفجار بركان لاكي في 1783 امتدت تأثيراته على نطاق واسع، فقد تأثرت كل من النرويج وإسبانيا وهولندا والجزر البريطانية وفرنسا وإيطاليا وأميركا الشمالية وحتى مصر، بانتقال سحابات الغبار والكبريت التي أطلقها البركان إلى أنحاء واسعة من نصف الكرة الشمالي.

وأدى ذلك وقتها إلى توقف حركة الملاحة البحرية في الكثير من الموانئ، وتأثرت المحاصيل الزراعية، حيث تزامن استمرار سقوط الغبار البركاني مع صيف حار على غير العادة. وكتب القس السير جون كولم إلى الجمعية الملكية البريطانية وقتها قائلا «إن المحاصيل الضعيفة تحولت إلى اللون البني وذبلت محاصيل الشوفان، كما تعفنت نباتات الحنطة».

ووصف عالم الطبيعة البريطاني غيلبرت وايت، الصيف، في مؤلفه «ناتشورال هيستوري أو سيلبورن»، بأنه «صيف مذهل وعجيب، إذ كانت الشمس في فترة الظهيرة الشمس تبدو شاحبة كالقمر، والحرارة قوية».

ويعتقد أن ثورة البركان في ذلك الوقت أدت إلى تعطل دورة الرياح الموسمية الآسيوية، ونجمت عنها مجاعة في مصر. ويروي المؤرخون البيئيون أن الانفجار البركاني تسبب في خسائر كبيرة في الاقتصاد الأوروبي بشكل عام، حيث كان الفقر العامل الرئيسي الذي أدى قيام الثورة الفرنسية.

وخلافا للانفجارات البركانية الضخمة، بما في ذلك الذي وقع في جبل بيناتوبو في الفيلبين في عام 1991، بدأت ثورة البركان الحالي في أيسلندا ببطء قبل نحو شهر، مع سلسلة من التصدعات على الجانب الشرقي من البركان، وما يسميه علماء البراكين دفع النار، وقذف الحمم البركانية من خلال الفتحات. وقال الدكتور بيرتون «حدث ذلك فقط عندما وجدت الحمم البركانية طريقا جديدا للخروج من خلال البركان في وقت سابق من هذا الأسبوع - التحول إلى القمة - مباشرة تحت النهر الجليدي، وهو ما اندلعت معه الثورة البركانية المليئة بالغبار». لكن بيرتون يقول إن ثورة البركان منخفضة بالنسبة لمؤشر الانفجارية الزلزالية (من 1 - 8)، إذ لا يقارن ذلك بزلزال بيناتوبو الذي بلغت قوته 6 درجات.