آيسلندا.. جزيرة البراكين والجيولوجيا الصعبة

14% من مساحتها بحيرات وأنهار جليدية

TT

جبال وصخور وأنهار وبحيرات وبراكين وسخانات، ترافقها أمطار وثلوج وعواصف، وتحولات طبيعة خلابة وأراض خضراء في أوقات كثيرة من العام.. تتقاطع معها أساطير حول «أرواح شريرة وجن» تنتشر في البلاد. ووسط هذا كله تقدم اقتصادي وثراء ورفاهية عالية للمواطنين.

هذه باختصار أهم الأوصاف التي يمكن أن تطلق على جمهورية آيسلندا، إحدى الدول الإسكندنافية في القارة الأوروبية.

تقع آيسلندا، وهي عبارة عن جزيرة في شمال المحيط الأطلنطي، إلى الجنوب مباشرة من الدائرة القطبية الشمالية التي تمر عبر جزيرة غريمسي. وخلافا للجزيرة المجاورة (غرينلاند) فإن آيسلندا تتبع القارة الأوروبية العجوز لا أميركا الشمالية، رغم أنها تضم صفائح جيولوجية لكلتا القارتين.

تبلغ مساحتها 103.000 كم2 وتحتل المرتبة الـ18 من حيث مساحة الجزيرة عالميا، كما تعد ثاني أكبر جزيرة في أوروبا بعد بريطانيا، وتحتل البحيرات والأنهار الجليدية نحو 14.3% من هذه المساحة.

عاصمة آيسلندا، التي تتكون من 23 مقاطعة و101 بلدية، هي «ريكيافيك»، وهي أكبر المدن أيضا، وموطن أكثر من ثلثي سكانها، الذين يبلغون إجماليا نحو 320.000 نسمة فقط.

تعد الطبيعة الجيولوجية لهذه الجزيرة صعبة جدا ومتميزة في الوقت نفسه، فآيسلندا هي بلد بركانية وجيولوجية نشطة نظرا لوجودها على مرتفع وسط المحيط الأطلنطي. ويصفها البعض بأنها عبارة عن «بقعة صغيرة من الأرض الساخنة التي تشبه فقاقيع غليان الماء».

حيث يوجد في البلاد ما يقارب من الـ140 بركانا، منهم نحو 30 فاعلة. أبرزها (هيكلا Hekla، إلدجا Eldgja، هيروبري Heroubreio، إلدفيل Eldfell). وكانت أكثر الكوارث البركانية هي ثورة بركان لاكي Laki عام 1783 - 1784 التي تسببت في مجاعة أدت لموت ربع سكان آيسلندا.

وإلى جانب البراكين، تضم آيسلندا أيضا عددا من السخانات (هي ينابيع حارة تدفق مياها ساخنة نتيجة لسلسلة من العمليات الطبيعية داخل الأرض)، أشهرها سخان «غيسر» الذي يعد أقدم سخانات العالم، ورغم أنه توقف لفترة من الزمن، فإنه عاود نشاطه بعد النشاط الزلزالي في المنطقة عام 2000.

ورغم أن المستعمرين الأوائل رهبوا من هذا المكان بسبب براكينه، فإنهم كانوا متحمسين جدا لاكتشافه واستعماره.

أما عن طبيعة أراضيها فهي تتكون من حقول رمال وجبال وأنهار جليدية تصب في البحار بسبب المنخفضات الموجودة هناك.

وعلى الرغم من جو آيسلندا شديدة البرودة فإنه يعتبر مناسبا للحياة بالنظر إلى الموقع والظروف الطبيعية.

هذه الطبيعة المضطربة، سهلت انتشار الأساطير الخرافية التي ما زال البعض يتداولها حتى يومنا الحالي. ومن أبرزها «أن آيسلندا أرض تسكنها العمالقة والأرواح»، كما يعتقد بعض الآيسلنديين في «وجود عالم ثان منعزل ومفصول عن عالمنا تقطنه مخلوقات أخرى»، ويؤمن البعض الآخر بإمكانية وجود هذا العالم على الأقل. وأن «هناك الكثير من الأماكن يستقر فيها الجن داخل الصخور والتلال». ولذلك يبذل بعض الآيسلنديين كل جهدهم ويتخذون التدابير اللازمة من أجل عدم إزعاجهم!.

ووفقا للكثير من الروايات، فإن تاريخ البلاد يرجع إلى الرحالة «انجولفر ارنارسون» الذي يعد أول من استوطن البلاد، وكان ذلك عام 874 م. ثم توالى بعد ذلك آخرون من الفايكينغ (مصطلح يطلق في الغالب على ملاحي السفن والتجار والمحاربين الذين نشأوا في المناطق الإسكندنافية)، خاصة من البلدان القريبة في الشمال.

وسكن رهبان كلتيون الجزيرة في القرن التاسع الميلادي ثم النرويجيون عام 930م. ومنذ عام 1262 تقريبا وحتى عام 1918 خضعت الجزيرة للحكم النرويجي، ثم أصبحت تابعة للمملكة الدنماركية. إلى أن أعلنت استقلالها كمملكة عام 1918 ولكن بقيت في اتحاد اسمي مع الدنمارك.

واحتلت بريطانيا آيسلندا عام 1940، على أثر احتلال الدنمارك من قبل الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية. إلا أنه في 17 يونيو (حزيران) 1944 أُعلنت الجمهورية بعد استفتاء شعبي، وكانت إحدى الدول المؤسسة لحلف شمال الأطلنطي (الناتو) عام 1949.

يعتمد سكان آيسلندا بشكل أساسي في مواردهم على عمليات الصيد والزراعة. ويشكل عائد تصدير الأسماك 40% من عائدات التصدير البلاد.

وخلال القرن العشرين نما اقتصاد البلاد بسرعة فائقة، حتى إنها أصبحت في السنوات الأخيرة واحدة من أكثر الدول ثراء وتقدما في العالم، حيث احتلت عام 2007، المرتبة الأولى بوصفها البلد الأكثر تطورا في العالم من قبل الأمم المتحدة لمؤشر التنمية البشرية، ورابع أكبر دولة من حيث مستوى دخل الفرد.

وتعد ثامن أكثر دولة من حيث الإنتاجية حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، في حين يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد حسب تقديرات الصندوق ما يقارب 53.058 دولار أميركي، وتقع آيسلندا في المركز العاشر بالنسبة لتعادل القدرة الشرائية للفرد.

ونحو 91.5% من السكان من البروتستنانت اللوثرييين، وهناك عدد قليل من المسلمين.

يقوم النظام السياسي في آيسلندا على أساس جمهورية برلمانية ديمقراطية. وللبرلمان 63 عضوا ينتخبون لمدة أربع سنوات. في حين أن منصب رئيس الدولة هو منصب فخري، رغم أن له القدرة على عرقلة القوانين التي يصادق عليها البرلمان وطرحها لاستفتاء وطني.

علما بأن آيسلندا كانت عام 1980 أول دولة أوروبية تعتلي فيها امرأة منصب رئيس الدولة، وهي «فيغدس فينبوغادوتر»، التي بقيت في السلطة حتى عام 1996.

* «وحدة أبحاث الشرق الأوسط»