وثيقة للمخابرات الأميركية تفصّل واقعة تدمير أشرطة استجواب

تصوير أكثر من 100 شريط فيديو لعبد الرحيم النشيري وأبو زبيدة خلال استجوابهما في تايلاند

TT

في عام 2005، صدّق بورتر جيه غوس، المدير الأسبق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، على قرار اتخذه أحد كبار مساعديه لتدمير عشرات أشرطة الفيديو التي توثق الاستجواب الوحشي مع اثنين من المعتقلين، وفقا لما ذكرته وثيقة داخلية للوكالة صدرت يوم الخميس الماضي.

وبعد فترة وجيزة من تدمير هذه الأشرطة بأمر من خوسيه إيه رودريغيز الابن، رئيس الخدمة السرية في وكالة المخابرات المركزية الأميركية آنذاك، أخبر غوس رودريغيز بأنه «وافق» على القرار، وذلك وفقا لما ذكرته الوثيقة. إضافة إلى أنه ضحك بعدما عرض رودريغيز «تحمل الانتقاد» بشأن تدمير الأشرطة.

ووفقا لإحدى الوثائق، وهي رسالة بريد إلكتروني داخلية، «ضحك بورتر غوس وقال إنه سيكون من سيوجه إليه الانتقاد».

وبحسب مسؤولين حاليين وسابقين في المخابرات، لم يصدّق غوس على عملية التدمير قبل أن تحدث، وكان مستاء من أن رودريغيز لم يقم باستشارته أو استشارة كبير المحامين في وكالة المخابرات المركزية الأميركية قبل أن يصدر أوامره بتدمير هذه الأشرطة.

وكان من المعروف في السابق أن غوس علم عن طريق مساعديه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2005 أن هذه الأشرطة جرى تدميرها. بيد أن عددا من الوثائق التي صدرت يوم الخميس الماضي توفر النظرة الأكثر تفصيلا حتى الآن حول المداولات التي تمت داخل وكالة المخابرات المركزية الأميركية بشأن الأشرطة المدمرة، وحول القلق الذي يسري في صفوف المسؤولين في وكالة التجسس من أن القرار قد يعرض الوكالة للخطر من الناحية القانونية.

وجرى إطلاق الوثائق التي تذكر هذه المداولات بالتفصيل، بما فيها اثنتان من رسائل البريد الإلكتروني صادرتان عن مسؤولين في جهاز المخابرات لم تُكشف أسماؤهما، كجزء من إجراءات دعوى متعلقة بقانون حرية المعلومات رفعها اتحاد الحريات المدنية الأميركية.

كما تكشف رسائل البريد الإلكتروني أن مسؤولين بارزين في البيت الأبيض كانوا غاضبين لأن وكالة المخابرات المركزية الأميركية لم تحطهم علما قبل تدمير الأشرطة. وتذكر رسائل البريد الإلكتروني محادثة بين هاريت إي مييرز المستشارة القانونية في البيت الأبيض، وجون إيه ريزو كبير المحامين بوكالة المخابرات، كانت فيها مييرز «غاضبة» بشأن إخبارها بالحادثة بعد وقوعها.

وبحسب إحدى رسائل البريد الإلكتروني فإن «ريزو منزعج للغاية، لأنه كان عليه إحاطة هاريت مييرز علما بوضع الأشرطة لأنها هي من طلبت أن يجري استشارتها قبل القيام بأي عمل».

وفي عام 2002، قام عملاء بوكالة المخابرات المركزية الأميركية في تايلاند بتصوير الاستجواب مع أبو زبيدة وعبد الرحيم النشيري، اثنين من المشتبه بهم في تنظيم القاعدة كانت وكالة المخابرات تحتجزهما سرا في هذا البلد. وجرى تصوير أكثر من مائة شريط فيديو، وجرى الحفاظ على الكثير منها في وحدة تابعة لوكالة المخابرات في بانكوك. ووفقا لمسؤولين سابقين في الوكالة، أمر رودريغيز بتدمير الأشرطة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2005 لأنه خشي من أنه إذا خرجت هذه الأشرطة عن نطاق السرية فمن شأن ذلك أن يعرّض الضباط السريين في الوكالة للخطر المادي والقانوني.

ووفقا لإحدى رسائل البريد الإلكتروني، التي تم إطلاقها يوم الخميس، فإن رودريغيز أخبر غوس بأن هذه الأشرطة، التي خرجت عن السياق، من شأنها أن تجعل وكالة المخابرات المركزية الأميركية «تبدو في وضع سيئ؛ ستكون مدمرة بالنسبة إلينا».

ويعد تدمير هذه الأشرطة موضوع تحقيق جنائي بوزارة العدل الأميركية امتد أكثر من عامين. ويقود هذه التحقيق جون دورهام، المدعي الاتحادي بولاية كونيكتيكت.

وأدلى غوس ومسؤولون آخرون سابقون بوكالة المخابرات بشهادتهم أمام جلسة استماع كبرى لهيئة المحلفين كجزء من التحقيق، حسبما ذكر مسؤولون سابقون بالمخابرات.

ورفض المتحدث باسم غوس التعليق على ما حدث مساء الخميس.

وقال بول غميغليانو، الناطق باسم وكالة المخابرات المركزية، «لأكثر من عامين، دأب أحد المدّعين بوزارة العدل على التقصي في هذا الأمر. وقد تعاونت الوكالة على نحو تام مع لجنة التحقيق، وستواصل، بالطبع، هذا التعاون. نأمل أن تُحَل هذه القضية قريبا».

وفي محادثة هاتفية يوم الخميس الماضي، قال ريزو إنه لم يكن حاضرا في الاجتماع الذي سرد رسائل البريد الإلكتروني، لكنه قال إن «بورتر لم يشر لي قط إلى أنه وافق على هذا القرار». وقال: «اعتقدت أنه كان غاضبا مثلي لعدم إخباره بذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»