الأحمد لـ «الشرق الأوسط»: تطبيق قرار الترحيل الإسرائيلي.. عودة للحكم العسكري ونهاية لعملية السلام

ملقيا الضوء على أبعاده السياسية واحتمالات انهيار السلطة

TT

طالبت السلطة الفلسطينية على لسان أكثر من مسؤول فيها إسرائيل بإلغاء قرارها بترحيل من وصفتهم بـ«المتسللين» في الأراضي الفلسطينية. وفسر عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس كتلتها النيابية القرار الإسرائيلي بأنه عودة إلى الأوامر العسكرية وسلطة الحكم العسكري التي كانت قائمة قبل اتفاق أوسلو عام 1993. وهذا حسب الأحمد ينطوي على «التنكر لاتفاقات أوسلو والتنصل منها.. وهذا بدوره يعني أن الاحتلال لا يزال قائما».

وكانت إسرائيل وعلى لسان متحدثين عسكريين وسياسيين قد قللت من خطورة هذه الإجراءات بالقول بأنها ليست جديدة بل تعود إلى عام 1969 وهي لصالح المواطن الفلسطيني .وقال الأحمد في حديث لـ«الشرق الأوسط» بهدف إلقاء الضوء على مخاطر هذا القرار الغامض، على وجود السلطة نفسها وعلى مجمل عملية السلام في المنطقة، إن الأمر ليس متعلقا بالقرار فحسب بل بمفردات قديمة بدأ الجيش يستخدمها مثل عبارة «يهودا» و«السامرة» بالإشارة إلى الضفة الغربية، وهذا تعبير كان يفترض أن يكون قد انتهى بموجب نصوص اتفاقات أوسلو.

وتابع الأحمد القول إن هناك من هو حسن النية، ويفسر القرار بأنه «محاولة من الجانب الإسرائيلي للتحرش بنا لدفعنا إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.. ولكنني أقول إنه محاولة لإشغالنا في قضايا جانبية بعيدا عن قضايا الاستيطان والقدس والقضايا الأخرى الأكثر أهمية».

* من هي تلك الفئات المتضررة من هذا القرار؟

- هناك فلسطينيون في الضفة لا يزالون من غير بطاقات هوية.. هؤلاء دخلوا بتأشيرات حصلوا عليها من السفارة الإسرائيلية في عمان ولم يغادروا الضفة منذئذ.

* كم عدد هؤلاء؟

- لا أحد يعرف على وجه الخصوص.. ولكن هناك من يقدر العدد بنحو عشرة آلاف أو أكثر بقليل. وهناك النشطاء الأجانب المتعاطفون مع القضية الفلسطينية ويشاركون في المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية ضد جدار الفصل ومن هؤلاء فلسطينيون يحملون جنسيات أجنبية.

* ماذا عن الغزيين؟

- هنا تكمن الخطورة.. ومواطنو غزة في الضفة ينقسمون ثلاث فئات ويقدر عددهم بنحو 30 ألفا.. فئة انتقلت للعيش في الضفة قبل اتفاقات أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية، واستقرت بها وتزاوجوا مع أهلها ويقدر عددهم بنحو 10 آلاف شخص. وفئة ثانية انتقلت إلى الضفة في عهد السلطة ومعظمهم يعمل في أجهزة السلطة لا سيما الأجهزة الأمنية. ويقدر عددهم بنحو 10 آلاف أو أكثر.. وهناك أيضا نحو ألفين لجأوا إلى رام الله عقب الانقلاب (سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بعد إلحاق الهزيمة بأجهزة أمن السلطة وفتح في يونيو/ حزيران 2007).. وهؤلاء يعتبرون أنفسهم مطاردين من قبل أمن حماس. يضاف إلى ذلك نحو 500 إلى 600 من أغنياء غزة يقطنون في الضفة.

* هل يطال هذا القرار حتى الغزيين الذين يعيشون في الضفة قبل اتفاقات أوسلو؟

- نعم.. بالطبع.. فهؤلاء يندرجون تحت قائمة «المتسللين» الذين يشملهم القرار المطاط. وأذكرك بأنه خلال عملية ما يسمى بـ«السور الواقي» في مارس (آذار) 2002 التي أعادت إسرائيل خلالها احتلال مناطق السلطة لا سيما مدن الضفة، اعتقل الجيش الإسرائيلي المئات من عناصر الأمن من ذوي الأصول الغزية وألقوا بهم عند معبر إيرز (بيت حانون) الفاصل بين شمال القطاع وإسرائيل.. والسؤال الآن هل سيفعلون الشيء ذاته ويطبقون القرار بحذافيره؟!

* ماذا يعني تطبيق القرار سياسيا؟

- يعني أن الاحتلال لا يزال قائما وأن الحكومة الإسرائيلية لا تعترف بالاتفاقات الموقعة وأنها تعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل أوسلو.. وهذا يعني أنه ليس هناك عملية سلام.

* وهل هذا يضع السلطة أمام شيء معين؟

- هذا يضع السلطة أمام تحد كبير.. الضغط على إسرائيل كي تتراجع عن قرارها.. وهذا بدوره يتطلب تحركا عربيا ودوليا.. نحن بالمناسبة مرتاحون للقرارات التي أصدرها مجلس الجامعة العربية في هذا الصدد قبل أيام، والتي هدد فيها باللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.. واللجوء إلى الجمعية العامة وليس مجلس الأمن لأننا نعرف جيدا أن أميركا - كما عودتنا - ستكون لنا بالمرصاد وستستخدم حق النقض «الفيتو» ضد أي مشروع قرار. وقد نطور الوضع بنقل كل ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة من جديد، ومحاولة استخدام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.. الذي يعطي قرار الجمعية العامة قوة التنفيذ انطلاقا من مبدأ الاتحاد من أجل السلام، كما حدث في الخمسينات خلال الحرب الكورية. ويكون لقرار الجمعية العامة مدعوما بالفصل السابع قوة قرار مجلس الأمن، أي أنه سيكون قرارا ملزما.

* هل اتخذت السلطة أي إجراءات؟

- نعم اتخذنا.. إذا كانت الجامعة العربية قد اتخذت قرارات فما بالك بنا نحن؟!.. لقد أثنينا أيضا على قرارات الجامعة.

* متى سيبدأ التحرك إذا؟

- التحرك بدأ.

* يعني نقل الموضوع إلى أروقة الجمعية العامة؟

نعم.. والآن على الجامعة العربية والمجموعة العربية في الأمم المتحدة، أن تعمل من أجل تنفيذ قراراتها سواء في إطار الجمعية العامة أو محكمة العدل الدولية.. مسلسل الإجراءات سيتواصل من أجل تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على حماية السكان الذين يخضعون للاحتلال.. وما تقوم به إسرائيل هو بمثابة تطهير عرقي ولا بد من التصدي له بكل حزم. وطلبت اللجنة السياسية المكونة من فصائل منظمة التحرير والقوى الوطنية التي ترعى المفاوضات، من الجمهور الفلسطيني أن يتصدى للقرار. وسيؤدي هذا القرار إلى انهيار كل أشكال التعاون بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بما فيها التنسيق الأمني.. وهذا قد يؤدي إلى قطيعة شاملة تنتهي بانهيار السلطة بكاملها..

انهيار السلطة هو احتمال وارد.. بالطبع إذا عجزت عن تقديم الخدمات للمواطن وحمايته.

* وماذا يعني انهيار السلطة؟

- يعني انهيار مجمل عملية السلام!