مؤتمر طهران لنزع السلاح النووي: دعوة للتفتيش على منشآت إسرائيل

سورية ولبنان يدافعان عن برنامج إيران.. والعراق يرفض تهديدها.. وخامنئي «يحرّم» أسلحة الدمار الشامل

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لدى استقباله هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي أمس (أ.ب)
TT

وسط هجوم من جانب المشاركين في مؤتمر طهران لنزع الأسلحة النووية على أميركا وإسرائيل، حرّم قائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، أمس، استخدام أأسلحة الدمار الشامل، فيما وصم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أداء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالفشل، ودافع وزراء خارجية دول عربية عدة، منها سورية ولبنان والعراق وممثلون لدول ومنظمات أجنبية وعربية ممن شاركوا في المؤتمر، عن حق إيران في الاستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية، منتقدين ما أسموه بـ«ازدواج معايير الدول النووية» تجاه الدول الأخرى، وداعين إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.

ويأتي عقد المؤتمر بينما يبحث الغرب فرض سلة عقوبات رابعة على طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.

وهاجم الرئيس نجاد، في كلمته الافتتاحية، الولايات المتحدة واتهمها بتهديد الدول التي تحاول الاستفادة من الطاقة النووية، على الرغم من أنها حققت استفادة كبيرة من هذه الطاقة، قائلا في كلمته في المؤتمر الدولي لنزع الأسلحة النووية في العالم، الذي تنظمه بلاده في طهران، إن الولايات المتحدة بها نحو 10 آلاف رأس نووي، أي ما يساوي نصف عدد الرؤوس النووية الموجودة في العالم تقريبا.

ودعا نجاد إلى تعليق عضوية الدول التي تملك الأسلحة النووية وتستخدمها أو تهدد باستخدامها، في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس حكام الوكالة، مع إجراء مراجعة لمعاهدة حظر الانتشار النووي «إن بي تي»، قائلا إن جهود نزع الأسلحة النووية قد أخفقت حتى الآن، وقامت الوكالة بنشر عشرات التقارير ضد الدول التي لا تملك أسلحة نووية، وفي المقابل لم تنشر حتى الآن أي تقارير بشأن الترسانات النووية الأميركية.

وانتقد الرئيس نجاد أداء الأمم المتحدة ومجلس الأمن في قضية استتباب الأمن فيما يخص العلاقات الدولية قائلا: «إن مجلس الأمن لم يتمكن من بسط الشعور بالأمن على مستوى العلاقات الدولية خلال العقود الست الماضية، بينما أصبحت الظروف في الوقت الحالي أکثر سوءا بسبب غياب الأمن الدولي وانتشار الحروب والاحتلال لأراضي الغير، إضافة إلى السباق نحو مزيد من التسلح وتخزين الأسلحة النووية»، معتبرا أداء الوكالة الدولية للطاقة الذرية «فاشلا»، وقال إن الوكالة أصبحت أداة في يد الدول التي تمتلك السلاح النووي، وبدلا من قيامها بمحاسبة الدول (النووية).

كما طالب نجاد بمراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي تحت إشراف الأمم المتحدة، وتعليق عضوية الدول التي تملك أسلحة نووية، والدول التي تهدد باستخدامها، وتشكيل مجموعة مستقلة للتخطيط والإشراف على حظر الانتشار النووي، مضيفا بقوله إن عدة دول تهيمن على العالم تستخدم مجلس الأمن والوکاله الدولية للطاقة الذرية لتنفيذ سياساتها.

كما وجّه انتقادات شديدة إلى ما قال إنه دعم نووي تقدمه الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لإسرائيل. وقال إن إسرائيل أصبح لديها أکثر من 200 رأس نووي.

وأعرب الرئيس الإيراني عن استنكاره لـ«التعاطي المزدوج» للولايات المتحدة، في شأن الاستخدام النووي، والحرب النفسية التي تشنها مع دول غربيه أخرى ضد طهران، قائلا إن السبب في ازدياد حجم الترسانة النووية والكيماوية والبيولوجية في العالم يرجع إلى سياسات حكومات مهيمنة، ولها أطماع توسعية في العالم، معربا عن أسفه لما اعتبره «تهديدا لوحت به واشنطن في استخدامها السلاح النووي ضد إيران». وأشار نجاد إلى أن مثل هذا التهديد يشجع جميع الدول على إنتاج السلاح النووي. وقال: «ألا يعتبر التهديد النووي ضد الدول التي لا تملك هذا السلاح دافعا لحيازته؟».

وافتتح المؤتمر بكلمة لقائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، حرّم فيها استخدام أأسلحة الدمار الشامل، ودعا الجميع إلى تحمل مسؤولية بذل الجهود لصون المجتمع البشري من مخاطر هذه الأسلحة، معربا عن ارتياحه لاستضافة بلاده للمؤتمر، وأمله في أن يخرج بنتائج قيمة وفاعلة.

وشدد خامنئي في كلمته، التي ألقاها نيابة عنه مستشاره للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، على أن العلوم النووية من أكبر ما توصلت إليه البشرية من إنجاز ينبغي أن يستخدم في خدمة التنمية والتقدم لجميع شعوب العالم، وبخاصة في مجالات الطب والطاقة والصناعة.

وانتقد خامنئي الولايات المتحدة وإسرائيل، قائلا إنه من المثير للسخرية أن يتبنى المجرم الوحيد الذي استخدم الأسلحة النووية - في إشارة إلى ضرب أميركا اليابان بالقنبلة الذرية في الحرب العالمية الثانية - في الدعوة لمكافحة انتشار هذه الأسلحة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لم تقم بأي خطوة في هذا المجال. وقال: «إذا لم يكن ادعاء أميركا بمكافحة الأسلحة النووية كاذبا، فهل كان في وسع الكيان الصهيوني (إسرائيل) أن يحول أراضي فلسطين المحتلة إلى ترسانات مليئة بالأسلحة نووية؟». منتقدا في الوقت نفسه امتناع إسرائيل عن الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي أو قبول القرارات الدولية بهذا الخصوص.

وأضاف خامنئي أن إيران عانت من استخدام الأسلحة الكيماوية ضدها في ثمانينات القرن الماضي، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، ولهذا، كما جاء في كلمته، يدرك الشعب الإيراني الخطر الحقيقي من وراء إنتاج أسلحة الدمار الشامل.

ومن جانبه، قال منوشهر متقي وزير الخارجية الإيراني، الذي أدار مؤتمر الافتتاح، إن مؤتمر طهران فرصة لتكريس التعاون بين الشعوب والدعوة لنزع الأسلحة النووية.

وأكد المشاركون حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية. وقال علي الشامي، وزير الخارجية اللبناني، إن إيران تسعى فقط لامتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية. ودعا وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في كلمته خلال المؤتمر، جميع الدول الأطراف في معاهدة عدم الانتشار النووي إلى وقف التعاون مع إسرائيل في المجال النووي بمختلف أشكاله ما لم تنضم إلى هذه المعاهدة، كما دعا أيضا للتفتيش على الترسانة النووية الإسرائيلية، وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، منتقدا ازدواج المعايير في التعامل بين الدول في هذا الملف. وقال: «إن بعض الدول تتعامل مع هذه المسائل من خلال اعتباراتها السياسية ومصالحها الذاتية وليس على قدم المساواة»، مشيرا إلى امتلاك إسرائيل ترسانة نووية تقدر بما يزيد على 100 رأس حربي نووي، وما يسببه هذا الأمر من تهديد لأمن المنطقة واستقرارها.

وانتقد المعلم ربط بعض الدول المتقدمة نقل التكنولوجيا النووية إلى الدول النامية بالتوقيع على البروتوكول الإضافي، وقال إن هذا الربط «أمر مخالف لنص المادة الثالثة من معاهدة عدم الانتشار».

ومن جانبه أكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، في كلمته خلال المؤتمر التزام بلاده بنزع أسلحه الدمار الشامل من منطقة الشرق الأوسط، واحترام حكومة بلاده المعاهدات الدولية بخصوص عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، داعيا في المقابل المنظمات الدولية المعنية للتفتيش على السلاح النووي الإسرائيلي، ومطالبة تل أبيب بالانضمام إلى معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وقال زيباري إن بلاده ترى أن التهديدات الأميركية بحق إيران أو استخدام القوه ضدها «ليس أمرا صحيحا»، مؤكدا في الوقت نفسه حق طهران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

وكان مصدر إيراني مطلع قد أكد في وقت سابق أن فكرة مؤتمر طهران كانت موجودة منذ فترة طويلة، «ولكن النتيجة الآن هي أن مؤتمر طهران لنزع السلاح النووي سيكون عمليا بمثابة رد فعلي على المؤتمر الأميركي»، في إشارة إلى قمة الأمن النووي التي عقدت في واشنطن الأسبوع الماضي.

وشارك في وقائع الجلسة الافتتاحية لمؤتمر أمس ممثلو أكثر من 60 دولة (35 دولة على المستوى الرسمي).

ويشارك 8 وزراء خارجية: العراق وسورية ولبنان وعمان وأرمينيا وتركمانستان وأفريقيا الوسطى سوازيلاند، ونواب وزراء خارجية روسيا وقطر والإمارات، والمساعد الخاص لوزير الخارجية الصينية، وكذلك رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو وممثلون عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأمم المتحدة وروسيا.

وبحسب وكالات الأنباء الإيرانية فإن وفودا عربية أخرى تشارك في المؤتمر بينها الأردن والجزائر والسودان والكويت وليبيا ومصر.

وتدور وقائع جلسات المؤتمر في يومه الثاني (اليوم الأحد) حول التعهدات الدولية بشأن نزع السلاح وعدم نشر الأسلحة النووية، وكذا التداعيات المترتبة على عدم تدمير أسلحة الدمار الشامل، إضافة إلى التحديات التي تواجه نزع السلاح النووي من العالم، والآليات المطلوبة لتحقيق هذا الغرض، والحق في استعمال التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية.

وتقول السلطات الإيرانية أن اجتماع طهران سيمهد للمؤتمر القادم لمراجعة معاهدة الحد من الانتشار النووي المقررة في مايو (أيار) في نيويورك، التي تنوي إيران استعمالها كمنصة للدفاع عن مواقفها.