توترات بشأن إعادة تسمية إقليم باكستاني تلقي بظلالها على الإصلاحات الحكومية

شغب بسبب قانون يقترب من تحقيق حلم «بشتونستان»

TT

احتفل المشرعون المتنازعون في باكستان بلحظة نادرة من الوحدة الأسبوع الحالي، حيث إنهم وافقوا بسهولة على التعديلات الدستورية الرامية إلى تمكين البرلمان وإلغاء القواعد التي كانت سارية وحصرت السلطة في يد الرئيس.

لكن سرعان ما طغى على هذا التماسك الاحتجاجات الغاضبة التي كشفت عن الانقسامات العميقة في دولة متعددة الأعراق تعاني الاضطرابات منذ 60 عاما وتكافح منذ ذلك الحين من أجل الوصول إلى هوية مشتركة.

وفي الوقت الذي أشاد فيه السياسيون بحزمة الإصلاحات، اندلعت أحداث شغب دامية بسبب قانون يغير اسم إقليم الحدود الشمالية الغربية المضطرب الذي كان ساريا منذ الحقبة الاستعمارية، والذي تقع فيه مدينة هاريبور، إلى إقليم خيبر باختونخوا، في إشارة للممر الجبلي القريب والأغلبية البشتونية في المنطقة.

وجاء خبر تغيير الاسم سارا بالنسبة للبشتون، الذين ضغطوا من أجله لمدة عقود. لكنه أثار غضب الأقلية التي تتحدث لغة الهندكو التي تهيمن على هذا الحي الصغير، هزارة. وما كان رمي إلى أن يكون بمثابة اعتراف رسمي بالهوية البشتونية يثير حاليا دعوات الانفصال لإقليم هزارة، ويثير كذلك القلق من أن موجة من المطالب الكامنة للمناطق التي يوجد بها أقليات قادمة في الطريق.

وقال عارف نظامي، رئيس التحرير السابق في صحيفة «الأمة» في لاهور: «لقد فتح ذلك بالفعل بابا من أبواب الجحيم، نظرا لأن نظام الحكم في باكستان ضعيف للغاية. والآن، هناك قضايا الهوية والقضايا العرقية وقضايا الحكم الذاتي في الإقليم. وعلى الجانب الآخر، هناك القضايا الدينية وقضايا الإرهاب. إنه وضع متفجر للغاية».

وقال نظامي إن عدد السكان في باكستان ارتفع بدرجة كبيرة خلال العقود الماضية، لذا فقد يكون مفيدا إنشاء أقاليم جديدة. بيد أن مشاهد الغضب والتوترات العرقية التي تجلت الأسبوع الحالي لا تبشر بأن هذه التغييرات ستتم بسلاسة.

وفتحت قوات الأمن في مدينة أبوت آباد النار على المتظاهرين، مما أسفر عن مصرع سبعة أفرد على الأقل. وفي حي هاريبور، جنوب المدينة الذي وقعت به أكبر المظاهرات، قام المتظاهرون بإشعال النار في إطارات السيارات وقطعوا الأشجار لإغلاق الطرق وتجمعوا في سيارات صغيرة وأخذوا يهتفون: «تسقط باختونخوا، سنحصل على إقليمنا».

وقال السكان المحليون الذين يتحدثون لغة الهندكو، وكثير منهم يعرف نفسه على أنهم من البشتون العرقيين، إن الاسم الجديد للإقليم سيؤدي إلى تهميشهم، وسيمكن المتحدثين باللغة البشتونية الذين يشكلون نحو 70 في المائة من سكان الإقليم. وقال محمد عاذار خان (38 عاما)، مدرس كان يهتف مع أصدقائه في أحد متاجر السكر في هاريبور، «إذا كان هناك أي وظائف، فسيتم منحها للبشتون. لماذا يجب تجاهلنا؟ وماذا سيكون مصيرنا؟».

ويمثل ذلك شيئا من السخرية بالنسبة للبشتون، الذين يشكلون ثاني أكبر جماعة عرقية في باكستان، لكنهم يقولون إن الأغلبية البنجابية مارست القمع ضدهم لفترة طويلة. وقالوا إن الاسم الجديد سيناسب جملة واحدة: هناك كثير من الأقليات في باكستان، لكن البنجابيين يسيطرون في إقليم بنجاب، والسنديين في إقليم سند، والبلوش في إقليم بلوشستان. ولمدة عقود، أطلق القوميون من البشتون حملات واسعة للحصول على دولة تتمتع بحكم ذاتي، يطلق عليها اسم بشتونستان، لمنطقة بشتون التي تمتد على طول الحدود مع أفغانستان. ويقول محللون إن المؤسسة العسكرية التي يسيطر عليها البنجابيون، والتي حكمت باكستان لفترة طويلة للغاية، نظرت إلى حملة تغيير الاسم على أنه تقدم خطير صوب الانفصال.

وخفتت الدعوات التي تنادي بإنشاء بشتونستان بمرور الوقت حيث إن وجود البشتون في الحكومة والجيش ازداد وأصبحت مناطق البشتون في أفغانستان غارقة في العمليات العسكرية المستعرة التي تقوم بها طالبان. بيد أن إعادة تسمية إقليم الحدود الشمالية الغربية لا يزال هدفا أساسيا لحزب عوامي الوطني، الذي يتمتع بنفوذ كبير في الشمال الغربي. وقال امتياز غول، أحد أفراد البشتون الذي يرأس مركز الأبحاث والدراسات الأمنية في إسلام آباد، «إنه بمثابة نصر رمزي بالنسبة لهم. فحلم بشتونستان تحقق إلى حد ما. ولم يعد قائما الآن».

بيد أن مشاعر الاستياء كانت واضحة في الأسبوع الحال في حي هزارة، حتى بين الذين شاهدوا المتظاهرين من الحقول أو من الحافلات الصغيرة المتهالكة التي أوقفتها الحواجز التي نشرها المتظاهرون على الطرق. وقال البعض يجب أن يكون الاسم الجديد للإقليم هو هزارة باختونخوا. وقال آخرون يجب أن لا يتم المساس بالاسم القديم، سواء كان اسما استعماريا أم لا، حيث اعتاد الناس على اسم إقليم الحدود الشمالية الغربية.

وأخفق المشرعون في قياس مشاعر الرأي العام، حسبما قال راجا كمران خان، مواطن من هزارة وعضو البرلمان عن سند، الذي ذكر أيضا أنه يرى أن المتظاهرين كانوا على حق. وشأنه شأن آخرين، أشار خان إلى أن المواطنين في هزارة لديهم بطاقات قوية يستطيعون اللعب بها: يوجد في هذا الحي سد ضخم وقطاع كبير من طريق كاراكورام السريع الذي يقود إلى الصين. وقال: «هذا هو الوقت المناسب. هؤلاء الأشخاص كانوا يؤمنون دوما بدولة قوية وحكومة فيدرالية موحدة. لكن الحكومة الفيدرالية تجاهلتهم».

* شارك في هذا التقرير المراسل حق نواز خان.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»