شلل الطيران يتفاقم.. والغمامة تتمدد نحو المتوسط

عشرات الآلاف من العالقين يبحثون عن وسائل نقل بديلة.. وثوران البركان بدأ يخف

مسافرون ينتظرون في طابور لركوب قطار تابع لـ«يوروستار» في محطة «غار دي نور» في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

تفاقمت حالة الشلل في حركة النقل الجوي أمس في كامل مناطق شمال أوروبا وشرقها، حيث مددت كثير من البلدان إجراءات إغلاق مجالاتها الجوية بسبب السحابة الهائلة الناجمة عن ثوران بركان آيسلندا. ونجم عن هذا الوضع تعطل نحو ثلاثة أرباع الرحلات الجوية وتقطع السبل بعشرات آلاف المسافرين في العالم. ويواصل الغبار البركاني تمدده جنوبا في اتجاه حدود منطقة المتوسط.

وأغلقت مطارات باريس وشمال فرنسا حتى الساعة السادسة من صباح اليوم، كما مددت أيرلندا وبريطانيا، أولى البلدان التي وصلت إليها سحب الغبار البركاني الخميس، إغلاق مجاليهما الجويين أمس، يوما آخر. وتواصل إغلاق المجال الجوي في عدة دول أخرى مثل جمهورية التشيك والنمسا وبلجيكا وسويسرا وهولندا والدنمارك وألمانيا وبولندا، وشمال إيطاليا.

وأفادت سلطة المراقبة الجوية في أيرلندا أمس أن سحب الغبار البركاني «صعدت إلى ارتفاعات أعلى، وبالتالي فإن المنطقة المعنية توسعت والمخاطر تفاقمت»، وأشارت إلى «تدهور في المنطقة التي تغطيها سحب الرماد والمطار في أجواء أيرلندا»، كما أعادت السويد والنرويج منع الطيران بعد أن فتحتا مجاليهما الجويين جزئيا الجمعة. وتم إلغاء 17 ألف رحلة أمس في المجال الجوي الأوروبي بحسب ما أفادت به المنظمة الأوروبية لأمن الملاحة الجوية (يوروكنترول).

وأعلنت الأرصاد الجوية البريطانية أنه «إذا استمرت الرياح خلال النهار، فستمتد الغيمة جنوبا لتصل عند نحو منتصف الليل على الأرجح إلى الحدود الفرنسية - الإسبانية، وكورسيكا، وشمال اليونان». وأفادت أنه بالنسبة لأيرلندا وبريطانيا: «تتجه غيمة رماد جديدة إلى الجنوب الشرقي ويفترض أن تؤثر على المنطقة حتى الساعة السادسة من اليوم الأحد».

وأشار معهد الأرصاد الجوية الآيسلندي إلى أن الرياح ستواصل دفع الغيمة إلى أوروبا طوال الأيام الأربعة أو الخمسة المقبلة على الأقل.

كذلك، مددت رومانيا، وكرواتيا، والبوسنة قيودها على الملاحة، كما حدت أوكرانيا وبيلاروسيا من استخدام المجال الجوي. وأعلنت صربيا ومونتينيغرو عن إغلاق مجاليهما الجويين حتى إشعار آخر. غير أن أغلبية مطارات آيسلندا نفسها كانت تعمل.

وحذر خبراء من انتقال الغبار البركاني في اتجاه حدود المتوسط. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ميشال دالوز، وهو مهندس في هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية، قوله إن «حزمة الغبار ستصل إلى حدود منطقة المتوسط (جنوب) والبيرينيه (جنوب غرب)». وأشار إلى أن البركان ما زال يقذف حممه وأن شمال البلاد لن ينتهي من السحابة بانتقالها إلى الجنوب. ورأى أن «الغمامة البركانية يمكن أن تبقى فوق أوروبا. ليس هناك أمر واضح، وسنرى بشكل أوضح» في وقت لاحق. وقال دالوز إن هذه السحابة كانت صباح أمس تتمركز فوق «الجزر البريطانية والدول الاسكندينافية وأوروبا الوسطى وغرب روسيا». وتابع أن هذه الغمامة يمكن أن تبلغ ارتفاع 11 كلم لكنها تتمركز على ارتفاع ستة كيلومترات، أي الارتفاع الذي تحلق فيه الطائرات تحديدا.

وألغت عدة شركات طيران رحلاتها المبرمجة؛ فقد ألغت شركة «بريتيش إيرويز» الرحلات متوسطة المدى مع مطاري هيثرو وغاتويك وهي تراقب الوضع بالنسبة لرحلاتها طويلة المدى. كما أعلنت «براسلز إيرلاينز» البلجيكية عن إلغاء جميع الرحلات حتى ظهر اليوم الأحد.

في غضون ذلك، يحاول عشرات الآلاف من المسافرين عبر العالم العالقين إيجاد وسائل نقل بديلة للوصول إلى وجهاتهم. وقالت شركة النقل الحديدي «يوروستار» التي سيرت قطارات إضافية منذ الخميس، أمس، إن وجهاتها الـ58 العاملة يوم الجمعة الماضي حجزت بالكامل مما يعني تقديم الخدمة إلى 46 ألف مسافر. وطوال صباح أمس، شهدت محطة «سانت بانكراس» اللندنية تدفقا كبيرا للركاب، في حين كان مكبر صوت يعلن أنه «لم تعد هناك إمكانية لشراء تذاكر أو استبدالها».

وأعرب غايتانو الإيطالي الذي كان يفترض أن يسافر الجمعة من لندن إلى روما وحصل على تذكرة قطار إلى باريس، عن خشيته من أن تستمر معاناته قبل أن يصل إلى إيطاليا بسبب إضراب عمال سكك الحديد في فرنسا. كما تدفق الركاب على الرحلات البحرية، حيث تلقت شركة «بي آند أو» 40 ألف اتصال الجمعة ونقلت 6000 راكب مقابل 100 إلى 200 في يوم جمعة معتاد من شهر أبريل (نيسان). وحتى سيارات الأجرة شهدت الإقبال نفسه. وتلقت شركة «اديسون لي» طلبات للقيام برحلات من بريطانيا إلى باريس وميلانو وأمستردام وزيوريخ. ودفع رجال أعمال 800 يورو لرحلة بين بلفاست ولندن.

وقال مسؤولون إن البركان الذي ما زال ينفث رماده في الجو، بدأ يخفت لكن ثورته قد تستمر لأيام أو حتى أشهر. وذكر مكتب الأرصاد الآيسلندي أن سحابة الرماد التي تكونت فوق البركان انخفضت إلى ارتفاع يتراوح بين خمسة وثمانية كيلومترات من ستة و11 كيلومترا عند بداية الثوران في الأسبوع الماضي. وقال المكتب إن حجم صهير البركان يبدو أنه يتضاءل وأن الاضطرابات الشديدة استقرت في وقت سابق اليوم وبدا البركان أقل ثورة. وقال آرمان هوسكولدسون المتخصص في علم البراكين في جامعة آيسلندا: «هناك علامات على انخفاض الضغط وعلى أن الثوران سيكون أهدأ».

وقالت برجثورا ثوربجارناردوتير المتخصصة في علم طبيعة الأرض في مكتب الأرصاد إن استقرار الثوران لا يعني بالضرورة أن البركان بدأ يهدأ. وأضافت: «قد يستمر الثوران على هذا النحو لوقت طويل». ومضت تقول: «تختلف البراكين عن بعضها بعضا، وليست لدينا خبرة كبيرة مع هذا البركان، حيث إن آخر ثوراته كانت منذ 200 عام».

ولم تسجل أي ضحية للبركان، غير أن سحب الرماد التي يلفظها يمكن أن تحد من الرؤية وأن تتسبب في أضرار في محركات الأجهزة حتى على الرغم من تحليقها على ارتفاعات كبيرة. وشوهدت آثار الرماد في المملكة المتحدة من دون أن تشكل تهديدا جديا للصحة. وقدرت الجمعية الدولية للنقل الجوي (اياتا) الخسائر الناجمة عن هذه الكارثة على حركة النقل الجوي بـ200 مليون دولار يوميا.