الصراع بين إسرائيل والسلطة يصل إلى أسماء الشوارع

إسرائيل تعبر عن غضبها لإطلاق اسم يحيى عياش على شارع في رام الله

TT

أثار مشروع تسمية شوارع رم الله وترقيم منازلها خلافا دوليا. وكشف مجددا كيف يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون في فقاعات منعزلة، ويبدون عاجزين بصورة تكاد تكون كاملة عن الإنصات بعضهم لبعض.

واندلع الخلاف الأسبوع الماضي، عندما قدم إلى المدينة فريق تلفزيوني إسرائيلي. وأثناء مروره أمام مكتب سلام فياض، رئيس الوزراء وموقع البناء الخاص بالمجمع الرئاسي الجديد، لاحظ أعضاء الفريق أن الطريق الرئيسي يحمل لافتة زرقاء جديدة تحمل اسم يحيى عياش.

ويحيى عياش هو قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية، وكان يلقب بالمهندس لشهرته في تصنيع المتفجرات التي تسببت في قتل العشرات من الإسرائيليين. واغتالته إسرائيل عام 1996 في شمال غزة بعد أن نجحت في تفجير هاتف جوال مرتبط بجهاز تفجير سرب إليه عبر أحد الذين كان يختبئ عندهم في غزة.

ولا تحمل لائحة الشارع اسم عياش فحسب، بل نبذة عن حياته باللغتين العربية والإنجليزية تقول «حي عياش، 1966 - 1996. ولد في رافات (نابلس)، ودرس الهندسة الكهربية في جامعة بيرزيت، وكان عضوا نشطا في كتائب القسام، وادعت إسرائيل مسؤوليته عن سلسلة من الهجمات التفجيرية، واغتيل في بيت لاهيا (قطاع غزة) في 5 يناير (كانون الثاني) عام 1996».

في غضون ساعة من عرض التلفزيون الإسرائيلي تقريرا حول اسم الشارع، أصدر مكتب رئيس الوزراء تنديدا غاضبا، واصفا الأمر بأنه «مثير للصدمة»، وبحلول يوم أمس، أصدرت وزارة الخارجية بيانا مشابها، مشيرة إلى أن «تمجيد الإرهابيين» يضر بجهود السلام ويجب إيقافه.

وسارعت السلطة الفلسطينية بالرد قائلة إن اهتمام نتنياهو بلافتة اسم الشارع ليس سوى محاولة لتشتيت الأنظار بعيدا عن القضية التي تستحوذ على اهتمامه الحقيقي (الضغوط الدولية ضد بناء وحدات استيطانية يهودية في القدس الشرقية).

وعند الإشارة إلى أن أسماء الشوارع يجري اختيارها من قبل مجالس البلديات، وأن اسم «شارع عياش يعود إلى سنوات ماضية»، هاجمت السلطة أسماء مئات الشوارع والمؤسسات الإسرائيلية التي تقول إنها تكرم رجالا «اقترفوا مجازر بحق الفلسطينيين»، من بينهم مناحم بيغن، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الحائز لجائزة نوبل. وأشار البيان إلى أن «بيغن الذي كان مسؤولا عن مقتل فلسطينيين أبرياء عام 1948، ويشتهر بدوره المقيت في مذبحة دير ياسين، تحمل اسمه متاحف وشوارع والكثير من المساحات العامة بإسرائيل. ومعظمها حظي بتمويل حكومي».

ويأتي هذا التلاسن الأخير في أعقاب اندلاع غضب أميركي وإسرائيلي الشهر الماضي، خلال زيارة جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، للقيادات الإسرائيلية والفلسطينية، بسبب التخطيط لعقد احتفال بإطلاق اسم دلال مغربي على ميدان في مدينة البيرة المجاورة.

يذكر أن مغربي شاركت في عملية اختطاف حافلة إسرائيلية عام 1978، أسفرت عن مقتل 37 إسرائيليا. وبناء على طلب أميركي، تأجل الاحتفال، رغم عقد احتفال غير رسمي بالمناسبة. ومع ذلك، لا يحمل الميدان أي لافتة حاليا.

ورد غسان خطيب، المتحدث الرسمي باسم السلطة، خلال مقابلة هاتفية، بالقول، إنه شخصيا يرى من غير الملائم إطلاق اسم شخص مثل عياش على شارع، لكنه استطرد أنه من غير الملائم للسلطة التدخل في مثل هذه الشؤون التي تخص كل مدينة من دون وجود خطوط إرشادية متفق عليها من قبل الجانبين تحدد ما يشكل تحريضا.

وقال «إن قتل أربعة فلسطينيين أبرياء مؤخرا على يد القوات الإسرائيلية يعد تحريضا. وتشكل نقاط التفتيش والإذلال والمضايقات التي يمارسها الاحتلال تحريضا أكبر بكثير بين شعبنا عن أي اسم شارع. ومن الواضح أن للناس وجهات نظر متباينة حول ما يعد بطلا».

وقال إتمار ماركوس، مدير «بالستينيان ميديا ووتش»، وهي منظمة إسرائيلية معنية بمراقبة المجتمع الفلسطيني، إن «تمجيد عياش أمر يقع على نطاق واسع. على سبيل المثال، عام 2007، خصصت جامعة القدس، التي يعتبرها الكثيرون مؤسسة معتدلة، أسبوعا للاحتفال بالذكر الحادية عشرة لاغتياله، ضم مسابقة فنية».

وأضاف «يقول الفلسطينيون إنهم بحاجة إلى تعريف أوضح لما يشكل تحريضا. بالنسبة لي، الأمر واضح، فأي شيء يخلق الكراهية بين السكان أو يخلق رغبة في العنف ينبغي اعتباره تحريضا. إن تحويل الإرهابيين إلى أبطال بإطلاق أسمائهم على شوارع وأحداث رياضية يعد قمة التحريض. ليس من المنطقي إقحام قضايا أخرى، مثل كيفية محاربة إسرائيل للإرهاب. يمكنك القول إن هذه السياسة ليست جيدة، لكن لا يمكنك إدراجها تحت تصنيف التحريض».

وقال أحمد أبو لبن، مدير مدينة رام الله، خلال مقابلة معه، إن المدينة شرعت في تركيب لافتات لـ500 شارع، وأرقام للمنازل في يوليو (تموز) الماضي، ومن المقرر الانتهاء في الشهور المقبلة من مشروع يتضمن طبع خرائط جديدة للمدينة. وأضاف أن أسماء الشوارع اختيرت من قبل لجنة محلية منذ عدة سنوات ماضية، وأنه ليس آسفا على ذلك. وأكد «لن أقبل من أي شخص إصدار أوامر لي بإزالة أي اسم. نحن فخورون بشهدائنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»