انتخابات بلدية بيروت: انفتاح «المستقبل» على التوافق يعرقله «كباش» مسيحيي 14 آذار والتيار العوني

نديم الجميل: نواب بيروت المسيحيون يضعون الشروط وليس عون.. ونقولا صحناوي يرد: ربحوا الانتخابات بعضلات غيرهم ولن نقبل إلا 8 مقاعد

TT

على الرغم من أن الأمل ما زال قائما بالتوصل إلى توافق في الانتخابات البلدية في العاصمة اللبنانية بيروت، وسط مساعٍ حثيثة تبذل من كل الأطراف ولا سيما من قبل تيار «المستقبل» للوصول إلى لائحة ائتلافية تضم ممثلين عن القوى السياسية في المدينة، بمن فيهم «التيار الوطني الحر» والمكونات الطائفية والعائلية، وعلى الرغم من فتح خطوط الاتصال بين الجميع في محاولة لتحديد أطر التفاهم المرتجى وصيغته وأهدافه قبل أن يحل موعد الاستحقاق الداهم، بقيت نبرة التصريحات عالية وحادة بعض الشيء لدى نواب مسيحيي «14 آذار» في بيروت، منجهة، وفريق العماد ميشال عون من جهة ثانية، ففي وقت أكد النائب نديم الجميل «أن نواب بيروت المسيحيين هم من يضعون الشروط وليس النائب ميشال عون»، رد القيادي في التيار الوطني الحر نقولا صحناوي عليه قائلا: «لقد ربحوا الانتخابات بعضلات غيرهم، ولن نقبل أي عرض في بلدية بيروت إلا إذا أخذنا حقنا وهو 8 مقاعد».

وإذا كان التوافق في بيروت يحتاج إلى رضا وقبول كل الأطراف الموجودة في المدينة وإن بنسب متفاوتة من خلال الأحزاب والتيارات السياسية والعائلات، فإن الإتيان بمجلس بلدي مناصفة بين المسلمين والمسيحيين يحتاج إلى قوة سياسية لها وزنها على أرض العاصمة مثل تيار «المستقبل» الذي يسعى رئيسه (رئيس الحكومة) سعد الحريري إلى فرض هذه المناصفة وتكريس الواقع القائم في المجلس الحالي الذي أرساه والده الراحل رفيق الحريري في الانتخابات البلدية في دورتيها 1998 و2004 بعد جهود مضنية بذلها مع كل العائلات البيروتية كي لا تطغى الطائفة الإسلامية وتحديدا السنّة على المجلس البلدي على حساب الطوائف الأخرى وخصوصا المسيحية منها، كما حصل في انتخابات مماثلة غاب منها التمثيل المسيحي كليا مثل مدينتي طرابلس (شمال لبنان) وبعلبك (البقاع). وتؤكد مصادر سياسية كانت مواكبة لتحركات ومساعي الرئيس الراحل رفيق الحريري لـ«الشرق الأوسط» أن الأخير «كان يعيش هاجس التوازن الإسلامي المسيحي ليس في بيروت فحسب، بل في كل المدن والقرى ذات الاختلاط الطائفي والمذهبي، لكن جهده الأكبر كان يتركز على بيروت لكونها العاصمة التي هي عنوان وحدة الوطن، ونقطة تلاقي أبنائه من كل الطوائف والمذاهب».

وفي رأي المصادر المذكورة، فإن الرئيس سعد الحريري «لم ولن يتخلى عن الصيغة التي اعتمدها والده فيما خص المناصفة، وأنه لن يقبل إلا مجلسا بلديا يضم 12 مسلما و12 مسيحيا، وأنه طلب إلى القيمين على ملف انتخابات بيروت في تيار (المستقبل) مد جسور التواصل مع كل القوى السياسية، خصوصا في فريق المعارضة وتحديدا التيار الوطني الحر، وأوعز إلى فريقه أن يلعب دور الممهد للتلاقي بين مسيحيي (14 آذار) في بيروت وقياديي التيار العوني وفتح النقاش بينهما مبكرا للاتفاق على أسماء ممثلي كل طرف، قبل حلول موعد الانتخابات مما يمكن من تمرير الاستحقاق بهدوء ومن دون تشنجات على الأرض، وأن يشمل هذا الاتفاق بطبيعة الحال حزب الله وحركة (أمل) من الجهة المقابلة».

وفي هذا الإطار قال عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «المساعي قائمة ومستمرة للتوصل إلى تأليف لائحة توافقية تضم الجميع وترضي الجميع بمن فيهم النائب ميشال عون»، لكنه أكد: «إننا نتفاوض لتكون شروط ومطالب الفريق الآخر ضمن السقف المعقول، ولن نقبل بفرض مطالب تعجيزية يصعب علينا تحقيقها»، وأضاف: «نحن مصرون على أن يتمثل الجميع في مجلس بلدية بيروت من ضمن فريق منسجم وفاعل ومتجانس، ويعمل يدا واحدة وقلبا واحدا في سبيل خدمة العاصمة وتطورها».

أما عضو كتلة «الكتائب» النائب نديم الجميل فأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن لا مبادرة من قبل العماد عون وتياره فيما خص انتخابات بلدية بيروت سوى الإشاعات التي نقرأها ونسمعها من فريقه في الإعلام، وبالتالي فإن اللائحة التي تتشكل حاليا تضم ممثلين لمسيحيي (14 آذار) من دون أي ممثل للعماد عون، أقله حتى الآن». وقال: «نريد أن يعلم العماد عون أن التمثيل في بلدية بيروت هو لنواب بيروت أولا، وفي الدائرة (المسيحية) التي كان يتغنى العماد عون أنه انتزعها للمسيحيين في مؤتمر الدوحة، وبالتالي فإن التمثيل المسيحي يجب أن يكون للنواب المسيحيين الذين نالوا ثقة المسيحيين وفازوا بالانتخابات النيابية في الأشرفية والرميل والصيفي، ولذلك نحن الذين نفرض شروطنا وليس العماد عون، لكن إذا أراد التعاون معنا فإننا مستعدون وفق شروطنا»، وأكد التعاطي مع عون وتياره «بحسن نية وبكل إيجابية وأن يختار إلى المجلس البلدي شخص يتعاطى مع زملائه انطلاقا من الرغبة في الانفتاح والإنماء دون التعطيل أو أي اعتبار آخر».

أما رئيس اللجنة الاقتصادية في التيار «الوطني الحر» نقولا صحناوي فأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «الاتصالات الجارية مع فريق (14 آذار) في بيروت خجولة جدا، وأن العروض المقدمة لنا بعيدة عن الواقع، ونحن في جو كهذا غير مهتمين أن نتفاوض ونتحدّث في الموضوع»، وقال: «موقفنا واضح، فإذا كان لدى الفريق الآخر وتحديدا تيار المستقبل نية المجيء بمجلس بلدي توافقي في بيروت فيجب أن يأخذ كل واحد منا حقه وفق أرقام الانتخابات النيابة في بيروت لعام 2010 وهي معروفة، فإذا جاء العرض قريبا من هذا الواقع التمثيلي عندها نتحدث، أما أن يطلب منا القبول بأي شيء فهذا غير ممكن».

وأكد أن التيار «الوطني الحر» وحلفاءه نالوا 49.5 في المائة من أصوات المسيحيين في الدائرة الأولى في بيروت (الأشرفية والرميل والصيفي) أما كمعارضة فحصلنا على 40 في المائة في كل بيروت مما يعني أن للمعارضة 10 أعضاء في المجلس البلدي الجديد، فإذا أعطي مقعدان لحزب الله وحركة «أمل» تبقى حصّة التيار الوطني 8 مقاعد وهذا حقنا، أما أن يعرض علينا مقعدان فهذا ما لا نقبله». وردا على ما يقوله النائب نديم الجميل بأن الذين فازوا بالانتخابات النيابية في دائرة بيروت الأولى هم الذين يشكلون اللائحة المسيحية في انتخابات بيروت البلدية قال صحناوي: «هؤلاء ربحوا الانتخابات النيابية بعضلات غيرهم».

كذلك أعلن عضو كتلة «القرار الحر» النائب سيرج طور سركيسيان أن «هناك بداية نقاش حول كيفيّة ترتيب الأعضاء في بيروت، خصوصا الأعضاء الـ12 المسيحيين»، مشيرا إلى أن «للمرجعيات الروحية والاحزاب مثل (الكتائب) و(القوات) و(الهانشاك) و(الطاشناق) رأيا في الموضوع». وأشار إلى أن «الوزير ميشال يتفاوض مع (الطاشناق) للوصول إلى توافق على الأسماء الأرمينية الثلاثة»، معتبرا أنه «لا يمكن فصل (الطاشناق) عن التيار الوطني الحر، سواء كان بالتضامن السياسي أو بغيره». وقال: «نريد التلاقي في موضوع الانتخابات البلدية في بيروت ولكن ضمن المعقول». وبشأن شروط النائب ميشال عون في بلدية بيروت قال: «لن نقبل أن يفرض علينا خاسر في الانتخابات شروطه». وسأل: «إذا كان العماد عون يريد أن يتم التوافق في بيروت ويأخذ ما يطلبه، فهل يقبل أن يعطينا في كسروان ما يطلبه في بيروت؟». وشدد على أنه كما «لديه 5 نواب مسيحيين في كسروان، فلدينا 5 نواب مسيحيين في الأشرفية، وأن التفاوض سيتم على الصعيد المسيحي على أساس أن هناك فريقا انتصر في الأشرفية».