«الكساد» يمتحن تسامح الإسبان تجاه المهاجرين

حزب مناهض لهم يفكر المواطنون الكتالونيون في دعمه في الانتخابات

TT

تتصاعد التوترات في بلدة سالت شمال شرقي إسبانيا، حيث تدخلت الشرطة مؤخرا لمنع أعمال عنف اندلعت بين مجموعات من المواطنين الإسبان والمهاجرين. وأخذ الإسبان يصيحون في وجه المغاربة والمهاجرين الآخرين الذين يشاهدونهم في الشوارع قائلين «أوقفوا السرقة وعودوا لبلادكم».

فقبل أيام، شق مئات المتظاهرين طريقهم داخل مبنى بلدية المدينة للاحتجاج على وجود المهاجرين، الذين يشكلون نحو 40 في المائة من عدد السكان البالغ عددهم 30 ألف نسمة، حسب تقرير لوكالة الصحافة الألمانية (د.ب.أ).

وكانت تلك المشاهد أمرا نادرا في إسبانيا، لكن هناك علامات أن المعارضة للمهاجرين في ارتفاع نظرا لمعاناة البلاد من أزمة اقتصادية عميقة وارتفاع معدلات البطالة لنحو 20 في المائة.

ويولي المراقبون عناية خاصة لإقليم كتالونيا، الذي يقطنه نحو 7 ملايين نسمة، وتوجد به مدينة سالت وانتشرت به أحزاب أو جماعات يمينية متشددة على الساحة السياسية.

وتشير الأرقام الرسمية أن عدد المهاجرين في إسبانيا تزايد 5 أضعاف على مدار عقد من الزمان ليصل إلى نحو 5.3 مليون نسمة أو ما يعادل 12 في المائة من عدد السكان.

ويأتي المهاجرون بصورة أساسية من أميركا اللاتينية والمغرب وبعض الدول الأفريقية وبلدان شرق أوروبا.

وتسبب وجود المهاجرين في اضطرابات من حين إلى آخر مثل الاشتباكات التي وقعت في بلدة إل إجيدو في عام 2000 بين سكان محليين ومهاجرين من شمال أفريقيا أصيب فيها 80 شخصا.

ومع هذا، فإن الإسبان يعتبرون بوجه عام متسامحين نسبيا مع القادمين من ثقافات مختلفة تغاير ثقافتهم. فعندما قام «إسلاميون متطرفون» بقتل 191 شخصا في تفجيرات قطارات مدريد في عام 2004، كانت هناك علامات قليلة واضحة على وجود رد فعل عنيف مناهض للمسلمين.

ويقول وزير العمل الإسباني سيليستينو كورباتشو: «لا توجد كراهية للأجانب في إسبانيا»، واصفا الحوادث المماثلة لتلك التي وقعت في سالت بأنها حوادث «معزولة». ومع هذا، يمتحن الكساد الموجود حاليا في البلاد مشاعر التسامح، حيث أظهر استطلاع حكومي للرأي أن 77 في المائة من الإسبان يشعرون بأن هناك «كثيرا» أو «كثيرا جدا» من المهاجرين في البلاد.

وأشار استطلاع للرأي نشرته صحيفة « بيريوديكو» اليومية أن 24 في المائة من الناخبين في كتالونيا يفكرون في دعم حزب مناهض للمهاجرين في الانتخابات الإقليمية التي تجرى هذا الخريف.

وذكرت صحيفة «إل باييس» اليومية في عام 2007 أن هجمات المتطرفين اليمينيين ضد المهاجرين لا تزال نادرة بصورة نسبية، لكن هناك تزايد في «توجهات عنصرية منخفضة الحدة».

ويتطور مستقبل إسبانيا متعددة الثقافات في المناطق الفقيرة مثل سالت التي يوجد بها عدد كبير من المهاجرين.

وذكر محللون أن السكان المحليين الذين ساءت أوضاعهم المالية بسبب الأزمة الاقتصادية يعتبرون الوافدين الجدد بمثابة منافسين لهم على الخدمات الاجتماعية والإسكان والوظائف. واستشرى هذا التوجه ليلقي باللوم على المهاجرين في مشكلات مثل الجريمة والمخدرات.

وتجد السلطات في بعض الأماكن المماثلة نفسها مجبرة على التكيف مع هذا النوع من التحديات وذلك من خلال السماح لغير المسيحيين باستخدام المقابر المحلية أو تنظيم برامج محو أمية للمهاجرين الذين لم يحصلوا إلا على قدر ضئيل من التعليم.

ويدفع أحيانا وجود عدد كبير من المهاجرين السكان المحليين من الإسبان على الانتقال من منازلهم، مما يثير مخاوف بشأن ظهور أحياء للأقليات في كتالونيا أو إقليم مدريد.

وأعلنت السلطات في بلدة فيك بإقليم كتالونيا، التي يمثل الأجانب من 90 دولة نحو ربع السكان البالغ عددهم 38 ألفا، أنها ستمنع المهاجرين الذين لا يحملون وثائق رسمية من الحصول على خدمات الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.

وتحاول السلطات اجتثاث تأثير حزب «بلاتافورما بير كتالونيا» (بي إكس سي)، وهو حزب يميني متطرف نما وأصبح ثاني أكبر قوة سياسية في فيك.

وتم التخلي عن فكرة منع المهاجرين من الحصول على خدمات الرعاية الصحية، لكن بلاتافورما يحاول زيادة الدعم لهذه الفكرة، ساعيا إلى الحصول على أصوات الناخبين في أماكن مثل سالت في الانتخابات الإقليمية التي تجرى هذا الخريف وفي انتخابات البلديات في العام المقبل.