السحابة البركانية تشدد الخناق على شركات الطيران والاتحاد الأوروبي مدعو للمساعدة

شركة طيران بلجيكية تستنجد والأثر الاقتصادي يصل أنشطة تعتمد على النقل عبر الجو

TT

بدأت شركات الطيران التي تجثم طائراتها على المدرجات منذ الخميس، بطلب النجدة، بينما يستعد الاتحاد الأوروبي لوضع خطة مساعدة جديدة بعد خطة إنقاذ البنوك وقطاع السيارات. وشركة الطيران البلجيكية «براسلز إيرلاينز» هي الأولى التي رفعت صوتها وطلبت مساعدة الحكومة.

وقال المتحدث باسمها غيرت سيوت: «لا يمكن لأي شخص في القطاع أن يتحمل ذلك». وأضاف: «إنه وضع استثنائي. يمكن مقارنته بأوضاع المزارعين الذين اضطُرّوا إلى مواجهة أحوال جوية قاسية. سيطلبون هم أيضا الدعم». وتبقى السلطات البلجيكية حذرة. فمن غير الوارد التحرك بصورة منفردة خصوصا قبل بضعة أشهر من بدء رئاستها الدورية نصف السنوية للاتحاد الأوروبي. وحذر وزير الدولة لحركة تنقل اليد العاملة إتيان شوب المكلف قطاع النقل «لن تقبل أوروبا». وأعلن أنه «تترتب على الشركات واجبات حيال زبائنها. والأعباء هي نتيجة قانون أوروبي. إني أدرك أنها كبيرة جدا، لكن ينبغي إيجاد الحل على مستوى الاتحاد الأوروبي. سنبحث في ذلك مع المفوضية». وقال مسؤول أوروبي رافضا الكشف عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية: «بعد البنوك، نتوقع أن تترتب علينا مساعدة شركات النقل الجوي». لكن المسألة لن تكون سهلة، كما لفت مسؤول آخر. فالأوضاع المالية منهكة، تضربها حالات العجز في الموازنات والديون. وقال: «لا أنظر بعين الرضا إلى تسرع الحكومات».

وأضاف أن «كل شيء سيتوقف على موعد استئناف حركة الملاحة الجوية». والتوقعات من جهتها ليست جيدة جدا هي الأخرى.

واعتبر المعهد الملكي البلجيكي أن من الممكن وصول سحابة رمادية جديدة إلى بريطانيا الثلاثاء. وتبقى الطائرات جاثمة على مدارج المطارات، إلا أنه يترتب إجراء أعمال الصيانة عليها. وأوضح رئيس شركة «براسلز إيرلاينز» أنه «ينبغي أن تحصل كل طائرة على صيانة كل 24 ساعة. وبالنسبة إلى بعض الطائرات التي تبقى في الخارج، يتعين علينا إرسال تقنيين إلى مختلف الاتجاهات». وأضاف: «ينبغي علينا من جهة أخرى أن نتصرف بطريقة تكفل توفير فنادق لزبائننا سواء في بلجيكا أو في الخارج». وتابع: «لاحقا سيتم نقل عدد من الركاب الذين كانوا صعدوا إلى طائرتهم مجانا إلى رحلة أخرى، ما يعني أن الأماكن التي سيشغلونها على متن هذه الرحلات الأخرى لن تعود متوافرة للركاب الآخرين الذين كانوا دفعوا» ثمن بطاقاتهم للحصول عليها. وهذا الوضع «لا سابق له» في أوروبا، كما أشار المسؤولون في المنظمة الأوروبية لأمن الملاحة الجوية (يوروكونترول).

والأوضاع الاستثنائية تتطلب إجراءات استثنائية، على حد قول المسؤولين في شركة «براسلز إيرلاينز». وسبق أن تحركت أوروبا في الماضي أمام وضع استثنائي في أعقاب اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة، ذلك أن الدول الأعضاء تبنت مساعدة للقطاع وافقت عليها المفوضية الأوروبية. إلا أن مسؤولا أوروبيا ذكر أن دول الاتحاد الأوروبي «فعلت ذلك من أجل القطاع، لا من أجل الشركات». فقد كان للاعتداءات تداعيات كبيرة مع تدهور دائم في حركة الملاحة الجوية. وقال أيضا: «كان الناس خائفين في تلك الفترة من الصعود إلى الطائرة».

وتقول التقديرات إن هذه الكارثة تكلف شركات الطيران 200 مليون دولار يوميا، ولكن سيصل الأثر الاقتصادي إلى المزارع ومؤسسات تجارة التجزئة وأي أنشطة أخرى تعتمد على نقل شحنات عبر الجو. وستتعرض المنتجات الطازجة إلى التلف، وسوف تبدأ الإمدادات في النفاد داخل المحلات الكبرى، التي اعتادت الحصول على إمدادات على مدار العام.

ولكن، ما لم ترتبك الرحلات الجوية لأسابيع، وتهدد وحدات التوريد في المصانع، لا يعتقد علماء الاقتصاد أن الأزمة سوف تؤثر بصورة كبيرة على الناتج المحلي الإجمالي. ويقول بيتر ويستاواي، الاقتصادي البارز المختص بشؤون القارة الأوروبية لدى مصرف «نومورا» الاستثماري: «إذا استمر ذلك لأسبوع آخر، فإنه قد يكون خطيرا». وأضاف أن تعليق الرحلات الجوية يمكن أن يؤثر على الإنتاجية إذا أصبح مئات الآلاف من الأفراد غير قادرين على أداء عملهم بسبب بقائهم عالقين في مكان ما. كان يتحدث عبر الهاتف من طوكيو بينما كان يشاهد مباراة كرة قدم بريطانية عبر التلفزيون في إحدى الحانات في الساعة الثالثة صباحا منتظرا أخبارا عن الموعد الذي سيكون في استطاعته أن يعود فيه إلى مكتبه داخل لندن.

وقد أثر ذلك أيضا على عمليات عسكرية أميركية، حيث واجهت الإمدادات العسكرية للعمليات داخل أفغانستان بعض المشكلات، وقالت متحدثة باسم البنتاغون إن جميع رحلات الإخلاء الطبية من العراق وأفغانستان التي كانت تتجه إلى ألمانيا، حيث يجري علاج معظم الجنود الجرحى، تحولت مباشرة إلى قاعدة أندروز التابعة للقوات الجوية في ماريلاند. وقالت إنه بالنسبة إلى القيادة الأوروبية، فإن بعض مهمات إعادة التموين المعتادة وحركة الأفراد جرى تحويلها أو إرجاؤها.

وأصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرا يقول إنه ما دام استمر الرماد في طبقات الجو العليا، فإنه من غير المحتمل أن تكون ثمة مخاطر صحية أكبر. وحتى الوقت الحالي، يظهر تحليل للرماد أن نحو ربع الجسيمات أصغر من 10 ميكرون، ولذا فإنها تمثل خطورة أشد لأنه يمكن لها اختراق الرئة بدرجة أكبر، حسب ما أعلنته منظمة الصحة العالمية.